تصاعد تجارة المخدرات في اليمن.. إيران والحوثيون في قلب الأزمة
تصاعد تجارة المخدرات في اليمن.. إيران والحوثيون في قلب الأزمة
في ظل الفوضى العارمة التي تعم مناطق سيطرة الحوثيين في اليمن، أصبحت تجارة المخدرات تمثل أحد أكبر التحديات الأمنية والاجتماعية التي تواجه البلاد.
تشير التقارير إلى أن إيران تلعب دورًا رئيسيًا في دعم هذه التجارة؛ مما يساعد الميليشيات الحوثية على تمويل مجهودها الحربي وتحقيق أرباح طائلة، فكيف أصبحت اليمن سوقًا مفتوحة للمخدرات؟ وما هي تداعيات هذا الوضع على الأمن والاستقرار في المنطقة؟
*خلفية الأزمة*
تشهد اليمن منذ سنوات حالة من الاضطراب السياسي والأمني؛ مما خلق بيئة خصبة لنشاطات غير قانونية مثل تجارة المخدرات، ومع سيطرة الميليشيات الحوثية على أجزاء واسعة من البلاد، ازدادت تجارة المخدرات بشكل ملحوظ، حيث أصبحت هذه التجارة مصدرًا رئيسيًا لتمويل العمليات العسكرية للحوثيين.
وبحسب تقرير صادر عن "الشبكة اليمنية للحقوق والحريات"، فإن إيران تعتبر البؤرة الأساسية لتهريب المخدرات إلى اليمن، حيث يقوم ضباط في الحرس الثوري الإيراني بالإشراف على هذه العمليات.
*تفاصيل التهريب*
تحدث العقيد فؤاد مهيوب العامري، مدير إدارة مكافحة المخدرات بمحافظة تعز، عن تفاصيل طرق تهريب المخدرات إلى اليمن، وأوضح أن المخدرات تصل عبر البحر بوسائل مختلفة، ويتم تهريب الأسلحة جنبًا إلى جنب مع المخدرات.
وأضاف العامري - في تصريحات صحفية -، أن عمليات التهريب تمر عبر صحراء الجوف وشبوة، حيث يتم نقل المواد المهربة بواسطة سيارات إلى مناطق سيطرة الحوثيين، ومن ثم تصديرها إلى دول الجوار.
وتابع: خلال الفترة الماضية، تمكنت السلطات في تعز من ضبط 165 كيلوجرامًا من الحشيش والكبتاجون؛ مما يعكس حجم المشكلة والتحديات الأمنية التي تواجهها البلاد.
*الدور الإيراني*
المقدم إيهاب أحمد علي صالح، نائب مدير مكافحة المخدرات بإدارة شرطة محافظة عدن، أكد أن إيران ليست فقط مصدرة للمخدرات بل أيضًا للأسلحة، مشيرًا إلى أن دورها التخريبي يمتد إلى دعم الميليشيات الحوثية بالمواد التي تمكنها من استمرار حربها.
وأضاف صالح، أنه قبل عام 2015، كانت الدولة تدعم خفر السواحل بشكل كبير، مما كان يمنع دخول المخدرات إلى اليمن، لكن بعد الانقلاب الحوثي، تدهورت المؤسسات الأمنية وأصبحت اليمن أرضًا خصبة لتجار المخدرات.
*التحديات الراهنة*
رغم وجود القوات الدولية لحماية المياه الإقليمية وضبط تهريب المخدرات، إلا أن المخدرات ما زالت تتسلل عبر طرق التهريب، مكتب الأمم المتحدة للجريمة والمخدرات لم يتمكن من تحديد إجمالي المضبوطات لعام 2024، مما يعكس حجم المشكلة.
وأشار صالح إلى أن الوجود الدولي في المياه الإقليمية لم يكن كافيًا لمنع تهريب المخدرات بشكل كامل، مما يظهر ضرورة التعاون الإقليمي والدولي لمكافحة هذه الظاهرة.
*تأثير المخدرات*
تحدثت سعاد علوي، رئيسة مركز عدن للتوعية من خطر المخدرات، عن انتشار المخدرات كمشكلة عالمية تتفاقم في مناطق النزاع، ذكرت أن المخدرات تعتبر مصدر تمويل رئيسي للميليشيات الحوثية، ويتم تهريبها عبر مناطق ساحلية في محافظة المهرة، حيث تم ضبط كميات كبيرة كانت موجهة للحوثيين، ورافق بعضها مهربون يحملون الجنسية الإيرانية.
وأوضحت علوي، أن تهريب المخدرات يتم عبر البحر والبر، حيث تستخدم القوارب الصغيرة لنقل المخدرات من إيران إلى السواحل اليمنية، ومن ثم يتم تهريبها عبر شبكات محلية تتعاون مع الحوثيين.
كما أشارت إلى أن مناطق الساحل الغربي لليمن، خصوصًا في البحر الأحمر، أصبحت ممرات رئيسية لتهريب المخدرات.
*أنواع المخدرات المنتشرة*
وأوضحت علوي، أن أنواع المخدرات المنتشرة تشمل الحشيش، مخدر الشبو، المهلوسات مثل الكبتاجون، والمخدرات الكيميائية التي تشمل الأدوية المهدئة ومسكنات الألم، والتي يتم تعاطيها مع القات والشمة، وهي نوع من التبغ المطحون الذي يوضع في الفم.
وأضافت أن هذه الأنواع من المخدرات أصبحت شائعة بين الشباب والجنود في صفوف الحوثيين، مما يزيد من تعقيد الوضع الاجتماعي والأمني في اليمن.
*تداعيات الأزمة*
من جانبه، أكد المحلل السياسي اليمني، محمود طاهر، أن انتشار تجارة المخدرات في اليمن له تداعيات خطيرة على المجتمع والأمن الوطني، مضيفًا أن البلاد تعاني من تدهور اقتصادي حاد، وزيادة في معدلات الجريمة والعنف، كما أن تعاطي المخدرات بين الشباب يؤدي إلى تدمير مستقبل جيل كامل، ويزيد من تعقيد جهود إعادة البناء والتنمية في البلاد.
وأضاف - في حديثه لـ"العرب مباشر"-، تجارة المخدرات مصدر تمويل رئيسي للميليشيات الحوثية، مما يساعدها على شراء الأسلحة ودفع رواتب المقاتلين، وبالتالي استمرار الصراع وتأجيج الفوضى، كما أن تورط إيران في تهريب المخدرات يزيد من تعقيد العلاقات الإقليمية ويهدد الاستقرار في المنطقة.