سقوط إخوان المغرب: هل يُعيد تشكيل الخريطة السياسية المغربية؟.. خبراء يجيبون
سقط إخوان المغرب
في ظل المشهد السياسي المتغير في المغرب، يبرز سؤال حاسم: ما مصير حزب "العدالة والتنمية" بعد تراجع شعبيته؟ الانتخابات الجزئية الأخيرة كشفت عن تحول ملحوظ في توجهات الناخبين المغاربة، حيث أظهرت النتائج تقدمًا كبيرًا لحزب "التجمع الوطني للأحرار"، الذي يقود الائتلاف الحكومي الحالي، وذلك على حساب حزب "العدالة والتنمية".
*سقوط "العدالة والتنمية"*
التجمع الوطني للأحرار، الذي يُصنف ضمن الأحزاب الوسطية الليبرالية، استطاع أن يستقطب أصوات الناخبين في عدة دوائر انتخابية، متجاوزًا بذلك حزب العدالة والتنمية الذي قاد الحكومتين السابقتين، في دائرة "فاس الجنوبية"، على سبيل المثال، حصد "الأحرار" 9767 صوتًا، مقابل 3854 صوتًا لـ"العدالة والتنمية"، و2642 صوتًا لـ"الاتحاد الاشتراكي".
هذا التقدم اللافت لـ"الأحرار" لم يقتصر على دائرة "فاس الجنوبية" فحسب، بل امتد ليشمل دائرة "الدروة" بإقليم برشيد، وغيرها من الأقاليم والمدن المغربية، ما يشير إلى تغير في الخريطة السياسية وتراجع للنفوذ التقليدي لـ"العدالة والتنمية".
مراقبون يعزون هذا التحول إلى عدة عوامل، منها الثقة التي يتمتع بها مرشحو "الأحرار" لدى الشارع المغربي، والتي تُعد نتيجة للسياسات والبرامج التي يقدمها الحزب.
من جهة أخرى، يُنظر إلى تراجع شعبية "إخوان" عبدالإله بنكيران كمؤشر على تغير الأولويات والتطلعات لدى الناخب المغربي.
في أعقاب الانتخابات، وجه حزب "العدالة والتنمية" انتقادات حادة لما وصفه بـ"الممارسات المشينة" التي شابت العملية الانتخابية، متهمًا بعض الأحزاب بـ"شراء الذمم" و"تسخير الوسطاء" للتأثير على إرادة الناخبين، مستغلين الظروف الصعبة التي يمر بها البعض.
*بديلًا مقنعًا*
من جانبه يقول المحلل السياسي المغربي هشام معتضد، في تحليل للمشهد السياسي المغربي: إن نتائج هذه الانتخابات تعكس استمرار السيطرة المؤقتة لأحزاب الأغلبية، وبالأخص "التجمع الوطني للأحرار"، الذي يقود الائتلاف الحكومي.
يعزو "معتضد" نجاح "التجمع الوطني للأحرار" إلى تقديمه بديلاً مقنعاً للمغاربة، مقارنة بتجربة حزب "العدالة والتنمية" الإسلامي، والذي يُنظر إليه على أنه لم يحقق النتائج المرجوة خلال فترة حكمه العشرية.
وأشار معتضد في حديثه لـ"العرب مباشر"، إلى أن الحزب الإسلامي والمعارضة بشكل عام تعاني من تراجع كبير؛ مما يُعطي "الأحرار" ميزة تنافسية.
ومع ذلك، يحذر معتضد من أن هيمنة "التجمع الوطني للأحرار" قد تكون مؤقتة إذا لم يقدم الحزب حلولاً حقيقية للتحديات القائمة.
يُشدد على أن الانتخابات المقبلة في عام 2026 قد تُغير الأوضاع بشكل جذري إذا لم يتمكن "الأحرار" من تلبية توقعات الشعب المغربي وتحسين التواصل الحكومي مع الفئات المختلفة.
ويُؤكد معتضد على ضرورة أن يُصحح "التجمع الوطني للأحرار" الأخطاء التواصلية ويُحسن تسويق إنجازاته لضمان استمرارية نجاحه السياسي. ويُحذر من أن فشل الحزب في هذه المهمة قد يؤدي إلى تغيير القيادة السياسية لصالح أحزاب أخرى مثل "الاستقلال" أو "الأصالة والمعاصرة".
وفي النهاية، يُشير معتضد إلى أن حزب "العدالة والتنمية" قد يحتاج إلى وقت طويل للتعافي من الهزيمة الكبيرة التي تعرض لها في عام 2021، مُلمحًا إلى أن النموذج السياسي الذي مثله قد وصل إلى نهايته في المغرب، كما هو الحال في بعض الدول العربية الأخرى.
*ضعف المعارضة*
في السياق ذاته، يقول الخبير في الشؤون الدولية، حسن بلوان: إن ضعف المعارضة والتنسيق الفعّال بين أحزاب الأغلبية قد ساهما بشكل كبير في تعزيز موقف "التجمع الوطني للأحرار" في الانتخابات التشريعية الجزئية.
وأضاف "بلوان" لـ"العرب مباشر"، أن "الأحرار" قد تمكن من تأسيس نفسه كقوة انتخابية رئيسية، مستفيدًا من الفارق الواضح في الأصوات مقارنةً بمنافسيه. يُعتبر هذا الفارق دليلاً على الثقة التي يحظى بها الحزب بين الناخبين، والتي تُعزز من قدرته على الفوز بمقاعد جديدة.
يُلاحظ "بلوان" أن الانتخابات التشريعية الجزئية تُعد فرصة للأحزاب لقياس مدى استجابة الشارع المغربي لشعاراتها وبرامجها الحكومية، مشددًا على أن اختيار المرشحين المناسبين يُعد عاملاً حاسمًا في نجاح "التجمع الوطني للأحرار"، خاصةً في ظل نسب المشاركة المتدنية التي تُميز هذه الانتخابات.
ويُؤكد "بلوان" على أهمية دور الأحزاب الأخرى ضمن الأغلبية، مثل "الاستقلال" و"الأصالة والمعاصرة"، في دعم وتعزيز النجاح الذي يُحققه "الأحرار".