قمة المليارات في الرياض.. وادي السيليكون يصطف خلف ترامب لجذب أموال النفط السعودي

قمة المليارات في الرياض.. وادي السيليكون يصطف خلف ترامب لجذب أموال النفط السعودي

قمة المليارات في الرياض.. وادي السيليكون يصطف خلف ترامب لجذب أموال النفط السعودي
صفقة المليارات في الرياض

في أكبر تجمع فردي لقيادات التكنولوجيا في الولايات المتحدة منذ حضورهم البارز في حفل تنصيب الرئيس السابق دونالد ترامب، توجه عدد من أبرز رجال الأعمال في وادي السيليكون إلى العاصمة السعودية الرياض يوم الثلاثاء، للانضمام إلى ترامب وعدد من كبار مستشاريه بهدف جذب الاستثمارات من المملكة الغنية بالنفط.

وأكدت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أنه خلال اجتماع عقد بعد الظهر مع ولي العهد السعودي، لم يخفِ ترامب نواياه الاقتصادية، قائلاً: "كما تعلمون، لدينا هنا أكبر رجال الأعمال في العالم"، مضيفاً: "هؤلاء سيغادرون حاملين معهم الكثير من الشيكات لمشاريع كثيرة أنتم من سيوفرها".

حضور تقني كثيف يعكس تعمق العلاقات مع الخليج

وتابعت الصحيفة، أنه رغم أن القمة الأولى من نوعها بين الولايات المتحدة والسعودية جذبت كبار المسؤولين التنفيذيين في مجالات المصارف والتمويل وغيرها من القطاعات، إلا أن الحضور البارز لرواد قطاع التكنولوجيا عكس مدى اعتماد هذه الصناعة على دول الخليج في تنفيذ طموحاتها المتعلقة بتقنيات الذكاء الاصطناعي.

وأضافت، أنه خلال السنوات الأخيرة، أصبحت رحلات قادة التكنولوجيا إلى الشرق الأوسط سمة مألوفة، حيث يسعون لجمع الأموال اللازمة لتطوير بنية تحتية للذكاء الاصطناعي، يراهنون على أنها ستحكم مستقبل الصناعة.

 في المقابل، تسعى المملكة العربية السعودية لتنويع اقتصادها بعيداً عن الاعتماد على النفط، ويبدو أن الشراكات والصفقات التي أُعلن عنها خلال هذه الزيارة تؤكد تصميم الرياض على أن تكون لاعباً محورياً في مشهد التكنولوجيا العالمي.

أبرز الحاضرين.. عمالقة التكنولوجيا في قلب الحدث

وأشارت أنه من بين الشخصيات البارزة التي حضرت القمة، برز وجود إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركتي تسلا وسبيس إكس، والذي يُعد أكبر مانح فردي لحملة ترامب الانتخابية في هذه الدورة، حيث قدم دعماً مالياً بلغ 288 مليون دولار، إضافة إلى دعم علني عبر منصة X ماسك الذي ترأس مبادرة ترامب لخفض التكاليف تحت مسمى "خدمة دوج الأمريكية"، ظهر في الرياض إلى جانب شقيقه كيمبال وعدد من حلفائه، في إشارة أنه لا ينوي الابتعاد عن الدائرة المقربة من ترامب، رغم تراجع شعبيته في استطلاعات الرأي.

كما حضرت روث بورات، رئيسة الاستثمار في شركة غوغل، والتي كانت حتى العام الماضي المديرة المالية لشركة ألفابت، الشركة الأم لغوغل. تمثل بورات، التي تنحدر من خلفية مالية عريقة في وول ستريت، إحدى أقوى النساء في مجال التكنولوجيا. من خلال إرسالها، تمكنت غوغل من تأمين تمثيل رفيع في القمة دون الحاجة إلى حضور الرئيس التنفيذي سوندار بيتشاي.

أما الرئيس التنفيذي لأمازون آندي جاسي، والذي خلف جيف بيزوس في عام 2021، فقد مثّل أحد أبرز الوجوه التقنية في القمة، بخاصة وأن أمازون تسعى جاهدة لمجاراة منافسيها في مجال الذكاء الاصطناعي، لاسيما غوغل ومايكروسوفت. 

أمازون التي تملك أكبر بنية تحتية سحابية في العالم كانت قد أعلنت في وقت سابق من هذا العام عن مشاريع مراكز بيانات كبرى في السعودية.

رؤوس الأموال المغامرة وعالم الذكاء الاصطناعي

من الأسماء اللافتة كذلك بن هورويتز، الشريك في شركة أندريسن هورويتز، أحد أوائل رواد الإنترنت والذي كان في السابق من داعمي الحزب الديمقراطي. 

وأثار هورويتز الجدل عندما أعلن، إلى جانب شريكه مارك أندريسن، دعمهما العلني لحملة ترامب لإعادة انتخابه، وقد أفيد أن شركته كانت تتفاوض العام الماضي مع السعودية لإنشاء صندوق مخصص لتقنيات الذكاء الاصطناعي.

ومن الوجوه البارزة في مجال الذكاء الاصطناعي، حضر سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، والذي ظهر بجانب ترامب في أول أيام ولايته الثانية معلناً عن خطة استثمارية بقيمة 100 مليار دولار لإنشاء مراكز بيانات جديدة في الولايات المتحدة بمشاركة مستثمرين آخرين، حيث يسعى ألتمان حالياً لجمع تمويل لمشروع Stargate لبناء مراكز بيانات في دول عدة، والسعودية من الدول التي تمتلك السيولة التي يحتاجها.

ومن عملاق الرقائق الإلكترونية، حضر جينسن هوانغ، المدير التنفيذي لشركة Nvidia، الشركة الرائدة في إنتاج شرائح الذكاء الاصطناعي. 

الشركة التي بدأت بتصنيع رقائق الألعاب أصبحت الآن في صلب ثورة الذكاء الاصطناعي، واستثمرت شركات التكنولوجيا الكبرى مليارات الدولارات في شرائحها.

ليزا سو، المديرة التنفيذية لشركة AMD، حضرت أيضاً، شركتها تنافس Nvidia وتسعى لاختراق سوق شرائح الذكاء الاصطناعي. 

وأعلنت الثلاثاء عن شراكة مع شركة "هيومن"، الشركة السعودية الجديدة المدعومة من صندوق الاستثمارات العامة، لاستثمار 10 مليارات دولار في مراكز بيانات داخل الولايات المتحدة والسعودية ودول أخرى.

أليكس كارب، المدير التنفيذي لشركة Palantir، المعروفة بتقديم خدمات التحليل البياني للحكومات والجيش، كان هو الآخر حاضراً، بالرغم من كونه ديمقراطياً، فقد حافظ كارب على علاقة وثيقة مع المؤسسة العسكرية الأميركية، وقد تلعب شركته دوراً في صفقة بيع أسلحة بقيمة 142 مليار دولار أعلن عنها ترامب خلال القمة مع السعودية.

ومن عالم الشركات الناشئة، حضر ترافيس كالانيك، المؤسس والرئيس التنفيذي السابق لشركة Uber، الذي يقود الآن شركته الجديدة CloudKitchens، والتي تلقّت استثماراً بقيمة 400 مليون دولار من صندوق الاستثمارات السعودي عام 2019.

تيم سويني، الرئيس التنفيذي لشركة Epic Games، مطور لعبة Fortnite الشهيرة، كان أيضاً من ضمن المشاركين. 

وقد اشتهر بمقارعته لشركتي آبل وغوغل قضائياً بسبب رسوم المعاملات المرتفعة في متاجرهما الإلكترونية.

كما شارك دارا خسروشاهي، الرئيس التنفيذي لشركة Uber حالياً، والذي تولى المنصب بعد مغادرة كالانيك عام 2017. خسروشاهي، الذي هاجر إلى الولايات المتحدة من إيران عندما كان طفلاً، سبق أن انتقد سياسات ترامب المتعلقة بحظر السفر على الدول ذات الأغلبية المسلمة، لكنه عاد واعتذر لاحقاً عن وصفه لمقتل الصحفي جمال خاشقجي بـ"الخطأ".

تغيّر في المزاج العام تجاه السعودية


الحضور العلني لهذا العدد الكبير من كبار التنفيذيين يتناقض بوضوح مع ما حدث عام 2018 عندما قاطع كثير من قادة الأعمال مؤتمر الاستثمار السعودي المعروف بـ"دافوس في الصحراء" احتجاجاً على مقتل الصحفي السعودي والكاتب في واشنطن بوست جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول. 

ومن اللافت، أن جيف بيزوس، مؤسس أمازون ومالك صحيفة واشنطن بوست، والذي دعم بقوة حملة لفت الانتباه لمقتل خاشقجي، لم يكن من بين الحاضرين في قمة الثلاثاء.

دبلوماسية تجارية بطابع ترامب


تُعد هذه الرحلة الدولية الأولى لترامب في ولايته الثانية تجسيدًا لنموذج دبلوماسي جديد يعتمد على تداخل المصالح التجارية مع أهداف السياسة الخارجية الأميركية، حيث يؤدي رجال الأعمال أدواراً شبيهة بسفراء سياسيين.

لكن هذا النموذج يثير تساؤلات، فخبراء السياسة الخارجية يحذرون من أن السماح للدول الأجنبية بالوصول إلى تقنيات استراتيجية، كشرائح الذكاء الاصطناعي، مقابل استثمارات قد لا تكون كافية، يمكن أن يهدد الأمن القومي الأميركي عبر خلق تبعية عميقة لدول استبدادية.

ومع اشتداد السباق التكنولوجي مع الصين، بدا أن السؤال حول ما إذا كانت صفقات "الشيكات الكبيرة" تصب في مصلحة الأمة قد تراجع لصالح منطق الفوز في سباق الذكاء الاصطناعي مهما كانت التكاليف.

ترامب كان دومًا على استعداد لتسخير نفوذ إدارته لمساعدة الشركات الأميركية في الوصول إلى صناديق التمويل الأجنبية، حتى ولو كان ذلك على حساب الحذر الاستراتيجي، هذه المرة، لعب ترامب بوضوح دور المضيف الأبرز في غرفة مليئة بالأقوياء.