الحوثيون.. تصاعد في القدرات العسكرية يهدد الأمن البحري العالمي.. ما التداعيات؟

الحوثيون.. تصاعد في القدرات العسكرية يهدد الأمن البحري العالمي.. ما التداعيات؟

الحوثيون.. تصاعد في القدرات العسكرية يهدد الأمن البحري العالمي.. ما التداعيات؟
ميليشيا الحوثي

في تحوّل نوعي أثار قلقًا دوليًا، كشفت تقارير أميركية عن التطور الملحوظ في القدرات العسكرية لجماعة الحوثي في اليمن، والتي باتت تستخدم أسلحة متطورة تثير تحديات أمام الملاحة البحرية الدولية، وبينما تستند الجماعة إلى دعم إيراني قوي، يرى خبراء أن هذا الدعم يشكل تهديداً متصاعداً لاستقرار الممرات البحرية الحيوية في البحر الأحمر وخليج عدن.

الهجمات التي ينفذها الحوثيون على السفن التجارية لم تعد مجرد أحداث متفرقة، بل أصبحت جزءًا من استراتيجية أوسع تسعى إلى تعطيل التجارة العالمية والتأثير على الأمن الإقليمي، ومع احتدام الصراع في غزة، أعلن الحوثيون عن تضامنهم مع الفلسطينيين؛ مما أضاف بعدًا سياسيًا للهجمات البحرية، ورفع مستوى التوترات الدولية في المنطقة، في ظل هذا المشهد، تتزايد التساؤلات حول دور المجتمع الدولي، ومدى نجاح التحالفات البحرية في كبح هذه التهديدات المتصاعدة.

*تهديدات حوثية*


أثار تقرير نشره موقع *أكسيوس* الأميركي تساؤلات واسعة حول القدرات العسكرية لجماعة الحوثي ودورها المتزايد في تهديد الأمن البحري العالمي.


وأوضح التقرير، أن الحوثيين، الذين يدعمهم الحرس الثوري الإيراني، يستخدمون صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة في استهداف السفن التجارية وفرض حصار على الممرات البحرية الحيوية في البحر الأحمر.

وكيل وزارة الدفاع الأميركية لشؤون الاستحواذ والاستدامة، بيل لابلانت، كشف خلال قمة مستقبل الدفاع في واشنطن عن تطورات صادمة في ترسانة الحوثيين، واصفاً إياها بـ"التحول النوعي" الذي يحمل تداعيات خطيرة، وأضاف: "ما شهدته خلال الأشهر الستة الماضية يُظهر أن الحوثيين يمتلكون إمكانيات لم تكن متوقعة".


*تحالف إيراني حوثي*


بحسب بهنام بن طالبلو، الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، يمثل الحوثيون الوكيل الإيراني الوحيد الذي يمتلك صواريخ باليستية مضادة للسفن.

واعتبر أن الجمع بين حماسة الحوثيين والدعم التقني الإيراني يشكل "مزيجاً قاتلاً" يهدد استقرار الممرات البحرية، مضيفًا، الهجمات الحوثية الأخيرة، والتي أودت بحياة أربعة بحارة وأغرقت سفينتين تجاريتين، دفعت شركات شحن عالمية إلى تغيير مساراتها باتجاه رأس الرجاء الصالح لتجنب عبور البحر الأحمر، موضحًا أن هذه الالتفافات تعني ارتفاع تكاليف الشحن وتعطيل حركة التجارة؛ مما يضاعف التأثيرات السلبية على الاقتصاد العالمي.

*البُعد السياسي للهجمات البحرية*


الهجمات التي ينفذها الحوثيون على السفن التجارية تأتي، وفقًا لتصريحاتهم، كجزء من تضامنهم مع الفلسطينيين في غزة، هذا الربط بين الصراع في اليمن والقضية الفلسطينية يمنح الهجمات أبعادًا سياسية إضافية، مما يزيد من تعقيد المشهد الإقليمي.

ويبدو أن هذه التطورات تأتي في سياق استغلال الحوثيين لتوترات الشرق الأوسط لتحقيق أهدافهم العسكرية والسياسية؛ مما يضع واشنطن والتحالف الدولي أمام تحديات متزايدة لضمان أمن الملاحة البحرية.

من جانبهم يرى مراقبون، أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر ليست مجرد تهديدات إقليمية، بل تؤثر على الملاحة الدولية التي تمر عبر هذه المنطقة، حيث يُقدر بأن 12% من التجارة العالمية تمر عبر هذا الممر.


ومع استمرار هذه الهجمات، تتزايد الضغوط على الولايات المتحدة وحلفائها لتكثيف التدابير الأمنية في المنطقة..

من جانبها، قادت واشنطن تحالفًا بحريًا دوليًا لتعزيز الأمن البحري، لكن النجاحات كانت محدودة في ظل التعقيدات الميدانية والتكتيكات المتطورة التي يتبعها الحوثيون، وفي هذا السياق، يرى مراقبون أن هناك حاجة إلى إجراءات أكثر قوة، مثل فرض عقوبات إضافية على إيران وزيادة الدعم العسكري للشركاء الإقليميين.

*معضلة مركبة*


يرى د. محمد المنجي، أستاذ العلوم السياسية، أن تنامي القدرات العسكرية لجماعة الحوثي يمثل تحوّلًا خطيرًا ليس فقط في النزاع اليمني ولكن في منظومة الأمن الإقليمي والدولي، ويشير إلى أن الدعم الإيراني المكثف للحوثيين يمكّنهم من تنفيذ عمليات معقدة تهدد الملاحة البحرية، مما يضع المجتمع الدولي أمام معضلة مركبة تتطلب معالجة متعددة الأبعاد.

وأوضح المنجي، في حديثه لـ"العرب مباشر"، أن امتلاك الحوثيين لصواريخ باليستية مضادة للسفن يمنحهم قدرة على فرض تأثير غير متناسب مقارنة بحجمهم العسكري والسياسي.

وأضاف: "هذا التطور يعكس استراتيجية إيران في استخدام وكلائها الإقليميين لإضعاف خصومها وضمان نفوذها في الممرات البحرية الاستراتيجية، مثل مضيق باب المندب والبحر الأحمر".