دلالات زيارة الشيخ عبد الله بن زايد لسوريا.. خبراء ومحللون: الإمارات لها دور محوري في استقرار المنطقة
زار وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان سوريا في زيارة حملت معاني ودلالات كثيرة
استقبل الرئيس السوري بشار الأسد، بالأمس وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد في أول زيارة من نوعها منذ بدء الأزمة السورية قبل أكثر من 10 سنوات، وتعكس الزيارة التحسن الذي طرأ على العلاقات بين البلدين في السنوات الأخيرة، والذي كان من أبرز ملامحه إعادة الإمارات عمل بعثتها الدبلوماسية بدمشق بعد نحو 7 سنوات من إغلاقها، مع مقاطعة الدول العربية للنظام السوري.
العلاقات الثنائية
تناول اللقاء العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين وتطوير التعاون الثنائي في مختلف المجالات، والتأكيد على العلاقات الأخوية الوثيقة بين سوريا والإمارات، ودعم الإمارات لجهود الاستقرار في سوريا.
وتأتي الزيارة بعد اتصال هاتفي بين ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، والرئيس السوري بشار الأسد في العشرين من أكتوبر الماضي.
دور الإمارات
ووصف عدد من المراقبين أن هذه الزيارة تعد تاريخية وتظهر مدى أهمية الإمارات واهتمامها المستمر بقضايا المنطقة، وهو ما أكد عليه الباحث والكاتب السياسي عبد الحميد توفيق، أنه تحلّت سياسة دولة الإمارات العربية المتحدة وقيادتها تجاه سوريا بميزات استثنائية، من أبرزها أنها كانت الرائدة في اقتحام الطوق المضروب على سوريا تدريجياً بكثير من التعقل والإصرار واحترام مصالح الآخرين.
وأضاف في أحد مقالاته أنه وظّفت الإمارات علاقاتها العربية والإقليمية والدولية وإمكاناتها لخدمة أهدافها النبيلة في المحافظة على "سوريا الدولة" بمؤسساتها وكياناتها، وخطت خطوات عملية للتدليل على أهمية المبادرة في تصحيح مسار العلاقات بين الأشقاء.
ولفت أن النهج المتوازن للإمارات حرّض الكثير من العواصم العربية على إعادة حساباتها وتجديد قراءاتها في ضوء التحولات المستمرة وما تفرضه من تغير في طبيعة المصالح، وما تقتضيه من تغيير في أدوات ومقاربات الظواهر السياسية الجديدة، التي تنشأ عادة عن الخيارات الكبرى لهذه الدولة أو تلك، خصوصا الدول العظمى، وتقديم أو تأخير أولويات على أخرى.
وأوضح لم تختبئ الإمارات خلال سنوات الأحداث، التي عصفت بسوريا، كانت على الدوام تنتهج سياسة مُحْكمة وتطرح مقاربات موضوعية من وحي انتمائها وقيمها وحضورها في كل محفل من المحافل العربية والإقليمية والدولية.. وتعلن جهارا أن سوريا لا يجب تركها تواجه كل هذه التحديات في الداخل والخارج وحدها.
وأكد الباحث والكاتب أنه تقدمت الإمارات على سواها في تبني مقاربة الأخذ بيد سوريا ومساعدتها سياسيا ودبلوماسيا واقتصاديا لإيصالها إلى بر الأمان واستعادة حضورها ودورها في محيطها العربي أولاً، فالاتصال الهاتفي بين الرئيس السوري بشار الأسد وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في العشرين من أكتوبر الماضي كان تتويجا لرحلة من التنسيق والتشاور بين البلدين الشقيقين حول العلاقات الثنائية الأخوية ومجمل التطورات، التي تشهدها المنطقة.
ولفت إلى أن التواصل الإماراتي السوري على أعلى المستويات وفي جميع المسارات يندرج في سياقين هامين، الأول تثبيت وتأكيد دور دولة الإمارات في الوقوف إلى جانب سوريا الدولة والمجتمع على المستوى الثنائي وعلى مستوى الدعم، وذلك لتعزيز عودتها إلى حاضنتها العربية، أما السياق الثاني فيتمثل في موقف الإمارات الصريح والمعلن باستقلالية خياراتها وإرادتها والاستعداد لتحمل عبء وتبعات هذه المواقف.
إن سوريا تخضع لسلسلة عقوبات تكبل الكثير من مساعيها وتشكل عقبات جدية أمام أي خطوة على طريق خططها الداخلية للنهوض بسبب تحديات اقتصادية وبنيوية، وأخرى أمنية وعسكرية لا تزال ماثلة في بعض مناطقها، يُضاف إلى ذلك تأثير العقوبات الخارجية على الدول الأخرى، التي تتعاطى مع الدولة السورية، لم يمنع كل ذلك دولة الإمارات من المبادرة تجاه سوريا وشعبها، ففي آذار 2020، وبينما كان السوريون يرزحون تحت ضغط ووطأة أصعب الظروف، تفاقمت جائحة كورونا في البلاد في ظل واقع اقتصادي ومعيشي يمكن وصفه بأنه الأكثر قسوة ومرارة على الإنسان السوري منذ أكثر من قرن، فكان أن أعلت الإمارات صوتها بدعم الشعب السوري وتمكينه من مواجهة الوباء بكل ما أتيح لها من إمكانيات وسبل، وترجمت ذلك عمليا في الإمدادات الطبية اللازمة.
وضمن العلاقات الثنائية بين البلدين ففي 20 أكتوبر المنصرم تلقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية اتصالا هاتفيا من الأسد، بحثا خلاله "علاقات البلدين الشقيقين وسبل تعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات لما فيه مصالحهما المتبادلة، كما تناول الاتصال تطورات الأوضاع في سوريا ومنطقة الشرق الأوسط إضافة إلى مجمل القضايا والملفات ذات الاهتمام المشترك".
عودة سوريا
فيما قال أحمد شيخو ، المحلل السياسي السوري إنه تشكل زيارة وزير الخارجية الإماراتي إلى دمشق مفصلا مهما في العلاقات العربية، والخليجية خصوصا، تجاه سوريا، كما تعد أحد مؤشرات التغييرات التدريجية التي بدأت مؤخرا للانتقال إلى مرحلة جديدة من الانفتاح على دمشق، وعودة سوريا إلى دورها الإقليمي والدولي.
وأضاف المحلل السياسي السوري في تصريح لـ"العر مباشر" أن تلك الزيارة سبقتها عدة مؤشرات على تطور العلاقة بين البلدين، فقبل نحو شهر كان هناك اتصال بين ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد والرئيس بشار الأسد، موضحا أن الموقف الإماراتي من سوريا خلال السنوات الماضية تطور من إعادة فتح السفارة في أواخر 2018 ثم توالت الاتصالات بين البلدين بشكل مستمر، إضافة إلى مشاركة سوريا في معرض إكسبو في دبي، لافتا أن تلك مؤشرات على الانتقال إلى مرحلة جديدة من الانفتاح على دمشق وعودة سوريا إلى دورها الإقليمي والدولي مرة أخرى.