الكنيست الإسرائيلي يعيد طرح قانون الإعدام لمنفذي الهجمات وسط تأييد من نتنياهو

الكنيست الإسرائيلي يعيد طرح قانون الإعدام لمنفذي الهجمات وسط تأييد من نتنياهو

الكنيست الإسرائيلي يعيد طرح قانون الإعدام لمنفذي الهجمات وسط تأييد من نتنياهو
الكنيست الإسرائيلي

شهد الكنيست الإسرائيلي، صباح اليوم، الاثنين، مناقشة مثيرة للجدل حول مشروع قانون يقضي بفرض عقوبة الإعدام على من تصفهم إسرائيل بـ"الإرهابيين"، وهو القانون الذي تقدمت به كتلة حزب عوتسما يهوديت اليميني المتشدد بزعامة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير. 

وأكدت صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية، أن هذه الجلسة تأتي بعد تأجيلات متكررة خلال الأشهر الماضية بسبب المخاوف من تأثير القانون على حياة الأسرى والمحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة.

وتابعت، أن بن غفير، الذي ضغط بشدة لإعادة طرح القانون، وصف الخطوة بأنها "تحقيق لحلم قديم"، مؤكدًا أن مشروع القانون يشكل ركيزة أساسية فيما سماه تعزيز الردع ضد منفذي الهجمات. 

وأضاف -خلال الجلسة-: أن منح الأجهزة الأمنية صلاحية تقدير الموقف في مثل هذه القضايا من شأنه، حسب رأيه، أن يضعف قدرة الدولة على الردع، قائلاً: إن الشاباك والأجهزة الأمنية "لن يكون لهم أي مجال لتقدير الموقف في هذا القانون، لأن أي مرونة تعني تقويض الردع الإسرائيلي".

تبدل في المواقف بعد استعادة الأسرى الأحياء

وخلال النقاش، تحدث منسق شؤون الأسرى والمفقودين في الحكومة الإسرائيلية، الجنرال المتقاعد غال هيرش، الذي كان من أبرز المعارضين للمشروع في السابق، معلنًا عن تغيّر موقفه بعد استعادة عدد من الأسرى الأحياء من قطاع غزة. 

وأوضح هيرش، أن الواقع الحالي يفرض، على حد قوله، مقاربة مختلفة، مؤكدًا أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يدعم المضي قدمًا في تشريع القانون، وأنه يرى في العقوبة وسيلة من وسائل "تحرير الأسرى وتعزيز الموقف التفاوضي لإسرائيل".

ودعا هيرش إلى تضمين القانون بنداً يمنح الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، بما في ذلك جهاز الشاباك، الحق في تقديم تقارير سرية للمحكمة قبل إصدار أي حكم بالإعدام، لضمان وجود رقابة أمنية على القرارات القضائية، لكنه واجه اعتراضًا من بن غفير، الذي شدد على ضرورة إلغاء أي بند يمنح هذه المؤسسات سلطة تقديرية في تطبيق العقوبة.

خلفية التأجيلات السابقة


كانت لجنة الأمن القومي في الكنيست قد أجلت النقاش في القانون للمرة الأولى في سبتمبر الماضي، بناءً على طلب من هيرش، الذي حذر حينها من أن تمرير القانون قد يدفع حركة حماس إلى الإضرار بالأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة.

 كما أعربت عائلات عدد من الأسرى عن مخاوف مشابهة، ما دفع الحكومة إلى التريث في طرح المشروع أمام اللجنة.

وفي الأشهر اللاحقة، جرى تأجيل النقاش عدة مرات للأسباب ذاتها، بينما أعربت أوساط في حزب الليكود الحاكم عن قلقها من التداعيات السياسية والأمنية المحتملة، مطالبة بعرض المشروع أولاً على المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت) قبل المضي في المسار التشريعي.

مضمون القانون المقترح


ينص مشروع القانون الجديد على فرض عقوبة الإعدام الإلزامية على أي شخص يُدان بارتكاب جريمة قتل بدافع قومي أو عنصري، إذا كان الهدف من العملية هو إلحاق الأذى بدولة إسرائيل أو المساس بما يوصف بـ"قيام الشعب اليهودي في أرضه". 

ويؤكد نص المقترح، أن الحكم يجب أن يكون إلزاميًا لا يخضع لتقدير المحكمة، ولا يجوز تخفيفه أو إلغاؤه بأي حال، كما يتيح للمحكمة إصدار الحكم بأغلبية الأصوات دون الحاجة إلى إجماع القضاة.

ويهدف المشروع إلى تعديل القوانين الإسرائيلية القائمة، حيث إن عقوبة الإعدام في إسرائيل غير مطبقة فعليًا منذ إعدام أدولف أيخمان عام 1962، رغم وجود صلاحيات محدودة للمحاكم العسكرية في الضفة الغربية تتيح فرضها نظريًا في ظروف استثنائية.

تجاذبات سياسية داخل الائتلاف


في السياق السياسي، يُنظر إلى القانون باعتباره محاولة من حزب عوتسما يهوديت لإظهار قوته داخل الائتلاف الحاكم بعد سلسلة من الخلافات مع حزب الليكود بشأن ملفات الأمن الداخلي والسياسة تجاه الفلسطينيين. 

وتشير مصادر سياسية في تل أبيب، إلى أن رئيس الوزراء نتنياهو لا يعتزم منع تقدم القانون، لكنه لم يعلن حتى الآن موقفًا واضحًا بشأن مدى دعم الحكومة الكامل له في مراحل التصويت المقبلة.

ومن المقرر أن تعيد لجنة الأمن القومي رفع القانون إلى الكنيست للتصويت عليه في قراءة أولى خلال الأيام القليلة المقبلة، في خطوة قد تفتح الباب أمام جدل واسع داخليًا وخارجيًا، خصوصًا في ظل الاعتراضات المتكررة من منظمات حقوقية إسرائيلية ودولية تعتبر أن تشريع الإعدام يمثل انتهاكًا لمبادئ العدالة الأساسية ويقوّض صورة إسرائيل في المحافل الدولية.

نقاش قانوني وأمني مفتوح


ترافق النقاش مع تحذيرات من المستشارين القانونيين في الكنيست، الذين أشاروا إلى ضرورة استشارة جميع الهيئات الأمنية قبل المضي في أي تصويت نهائي.

ومع ذلك، يبدو أن بن غفير وحزبه عازمان على تمرير القانون في أسرع وقت ممكن، معتبرين أن الوقت مناسب بعد انتهاء ملف الأسرى الأحياء واستعادة عدد منهم من قطاع غزة.


وبينما تتواصل الانقسامات داخل الائتلاف، يرى مراقبون أن مشروع القانون يحمل أبعادًا رمزية أكثر من كونه إجراءً عمليًا، إذ يستخدمه اليمين الإسرائيلي لتأكيد موقفه المتشدد تجاه الفلسطينيين وتثبيت صورته أمام قاعدته الانتخابية مع اقتراب احتمال تفكك الحكومة الحالية أو الدعوة إلى انتخابات مبكرة.