العودة للسرب العربي.. ما دلالات زيارة الرئيس السوري بشار الأسد التاريخية الإمارات؟
زار الرئيس السوري بشار الأسد الإمارات
"فاتحة خير وسلام واستقرار لسوريا والمنطقة جمعاء"، بتلك العبارة لخص الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى دولة الإمارات.
الزيارة الأولى من 11 عاماً
وأجرى الأسد زيارة لدولة الإمارات، الجمعة، أجرى خلالها مباحثات منفصلة مع كل من الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في أول زيارة لبشار الأسد لدولة عربية مُنذ عام 2011 ، كما تعتبر أول زيارة رسمية للرئيس السوري خارج سوريا .
ورحّب الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم خلال اللقاء بزيارة الرئيس السوري والوفد المرافق، والتي تأتي في إطار العلاقات الأخوية بين البلدين، معرباً عن خالص أمنياته لسوريا الشقيقة وشعبها الكريم أن يعم الأمن والسلام كافة أرجائها وأن يسودها وعموم المنطقة مقومات الاستقرار والازدهار بما يعود على الجميع بالخير والنماء.
وتعد زيارة الرئيس السوري بشار الأسد، للإمارات، هي الأولى له داخل دولة عربية، منذ اندلاع الأزمة السورية، ولكنها لم تكن الزيارة الأولى المتبادلة بين الجانبين، فقد سبق هذه الزيارة، جولة وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان، إلى دمشق وكانت في 9 نوفمبر الماضي، وضمت وفدا رفيع المستوى، وكان في استقبالهم الرئيس بشار الأسد.
ماذا تناول اللقاء؟
وكشفت العديد من التقارير أن زيارة الأسد لدولة الإمارات في هذا التوقيت تحمل الكثير من الدلالات والرسائل، كما تعيد التذكير بالعديد من المحطات الدبلوماسية والإنسانية التي ساندت فيها أبوظبي الشعب السوري.
وتناول اللقاء مجمل العلاقات بين البلدين وآفاق توسيع دائرة التعاون بما يرقى إلى مستوى تطلعات الشعبين الشقيقين نحو المستقبل، ويخدم مستهدفات التنمية الشاملة لدى الطرفين، وبما يعزز من فرص السلم والاستقرار في سوريا والمنطقة على وجه العموم، وفق وكالة الأنباء الإماراتية "وام".
كما تطرق النقاش إلى استعراض الأوضاع الراهنة في سوريا، وكذلك مختلف المستجدات على الساحتين العربية والدولية، ومجمل الموضوعات محل الاهتمام المشترك.
وأكد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حرص دولة الإمارات على اكتشاف مسارات جديدة للتعاون البنّاء مع سوريا، ورصد الفرص التي يمكن من خلالها دفع أوجه التعاون المختلفة قُدماً بما يحقق مصالح الشعبين الشقيقين.
وناقش الجانبان خلال اللقاء عددا من القضايا محل الاهتمام المشترك وتأكيد الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وانسحاب القوات الأجنبية إضافة إلى دعم سوريا وشعبها الشقيق سياسياً وإنسانياً للوصول إلى حل سلمي لجميع التحديات التي تواجهها.
دلالات هامة
وكشفت تقارير إعلامية أنه يحمل اختيار الرئيس السوري لدولة الإمارات لتدشين بدء عودته للحاضنة العربية، أكثر من رسالة، أبرزها التقدير الذي يحمله لدولة الإمارات في ظل موقفها الداعم لوحدة الأراضي السوية ودعمها لحل سياسي للأزمة السورية.
الدلالة الثانية للزيارة هي إدراك الرئيس السوري جيدا لحجم ومكانة وثقل دولة الإمارات التي تترأس حاليا مجلس الأمن الدولي لشهر مارس/ آذار الجاري، في المجتمعين الدولي والعربي، فضلا عن قيادتها دبلوماسية نشطة لتعزيز الأمن والسلام في العالم، ودور رائد في تعزيز التضامن العربي.
أما الدلالة الثالثة، فتتمثل في ثقة الأسد بالقيادة الإماراتية ومواقفها الشجاعة وإدراكه سعيها الدؤوب لحل أزمة بلاده.
الدلالة الرابعة هي إدراك الأسد جيدا أن أبواب دولة الإمارات التي فتحت أمامه، ستكون بداية لفتح الكثير من الدول العربية أبوابها أمامه اقتداء بها ودعما لتوجهاتها الداعمة للتضامن العربي وحل الأزمة السورية، إذ إن سياسة دولة الإمارات دائما ما تكون ملهمة للعديد من الدول العربية التي تثق في رجاحة رؤيتها وحكمة قيادتها.
تعزيز الدور العربي
علق المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات أنور قرقاش، السبت، على زيارة الرئيس السوري بشار الأسد للإمارات، مؤكدًا أن بلاده مستمرة في انتهاج سياسة واقعية تجاه خفض التوترات وتعزيز الدور العربي في مقاربة عملية لإيجاد حلول لأزمات المنطقة.
وقال "قرقاش" في تغريدات عبر "تويتر": "الإمارات مستمرة في انتهاج سياسة واقعية تجاه خفض التوترات وتعزيز الدور العربي في مقاربة عملية لإيجاد حلول لأزمات المنطقة، إذ إن الظروف الإقليمية المعقدة تستوجب تبني منهجاً عملياً ومنطقياً لا يقبل تهميش الجهود العربية الساعية لمواجهة التحديات وتجنب شرور الأزمات والفتن".
وأضاف: "زيارة الرئيس السوري بشار الأسد تنطلق من توجه الإمارات الرامي إلى تكريس الدور العربي في الملف السوري، كما تأتي من قناعة إماراتية بضرورة التواصل السياسي والانفتاح والحوار على مستوى الإقليم، المرحلة تحتاج خطوات شجاعة لترسيخ الاستقرار والازدهار وضمان مستقبل المنطقة ورفاه شعوبها".
مستقبل جميل
الدكتور عبدالسلام علي الكيالي، الخبير في العلاقات الدولية، علق عبر توتير: "إن هذه الزيارة تعبر عن مستقبل جميل وصفحات تتألق بغد أجمل بمشيئة الله عز وجل، ربنا يجمع شمل عروبتنا ويحفظ دولة الإمارات العربية المتحدة، يومنا هذا يؤرخ في استقبال أصحاب السمو حفظهم الله الشيخ محمد بن راشد رعاه الله والشيخ محمد بن زايد رعاه الله إلى فخامة الرئيس السوري بشار الأسد طموحنا كبير لأيام أجمل".
استعادة العلاقات العربية
فيما أشار رئيس تيار صرخة وطن جهاد ذبيان إلى أن زيارة الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد إلى الإمارات العربية المتحدة تشكل بداية مرحلة جديدة، على صعيد استعادة العلاقات العربية مع سوريا.
وأكد ذبيان على أهمية ودلالات هذه الزيارة، وشدد على أن الانفتاح العربي على سوريا وتعزيز العلاقات مع قيادتها بشخص الرئيس الأسد، هو أول خطوة على طريق استعادة الدور العربي، وطي صفحة ما سمي زورا وبهتانا بالربيع العربي المشؤوم.
علّق المُحلّل السياسي نضال السبع، على زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى الإمارات.
وكتب السبع، في تغريدةٍ على حسابه عبر "تويتر": "الرئيس بشار اﻷسد زار دولة الإمارات العربية المتحدة، والتقى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي".
وأضاف: "الأمر الأكيد أن زيارة الرئيس بشار الأسد إلى الإمارات، سوف تفتح عهداً جديداً من العلاقات العربية".
وتابع، "أنا أتوقع أن المحطة الثانية هي الرياض ولقاء يجمعه مع الأمير محمد بن سلمان، وختم السبع، بالقول: "نحن أمام تحول استراتيجي وثورة في العلاقات العربية".
إزعاج أميركا
وحول غضب أميركا من تلك الزيارة الهامة، سخر المحلل السياسي أمجد طه قائلا :" أميركا تقول إنها تشعر بخيبة أمل وانزعاج إزاء زيارة قيادة سوريا إلى الإمارات، انزعاجكم يؤكد نجاح الزيارة وخيبتكم أمل للمنطقة".
وأضاف عبر تويتر :" قالت واشنطن إنها لن تدعم إعمار سوريا، نعلم ذلك فأنتم تهدمون ولا تبنون وتريدون أن يحكم دمشق طالبان حلب كما فعلتم في أفغانستان".
عودة سوريا للجامعة العربية
قال الدكتور خالد شنيكات، أستاذ العلوم السياسية الأردنية، إن زيارة وزير الخارجية الإماراتي إلى سوريا، لم تكن مفاجئة، وإنما كان هناك مواقف عربية سابقة أيدت عودة سوريا بشكل علني إلى الجامعة العربية، وكان هناك اجتماع لدول الطاقة العربية مصر، وسوريا ولبنان والأردن، لبحث ملفات الطاقة، وسبل إرسال الغاز المصري إلى لبنان عبر الأردن وسوريا، وكذلك ربط لبنان كهربائيا بالبلدين.
وأضاف شنيكات، خلال تصريحات له أن تلك المواقف توضح بما لا يدع مجالاً للشك، أن هناك خطوات ملموسة من دول الخليج ومصر والدول العربية باتجاه إعادة سوريا، إلى حضنها العربي، وإلى جامعة الدول العربية.