الأحكام العرفية تُشعل كوريا الجنوبية.. البرلمان ينتفض ضد الرئيس يون ويطالب بعزله
الأحكام العرفية تُشعل كوريا الجنوبية.. البرلمان ينتفض ضد الرئيس يون ويطالب بعزله
قدّمت أحزاب المعارضة في كوريا الجنوبية، اليوم الأربعاء، اقتراحًا لعزل الرئيس يون سوك يول، على خلفية إعلان الأحكام العرفية القصير والمثير للجدل الذي أدى إلى تطويق البرلمان بقوات مسلحة، قبل أن يتسلق المشرعون الجدران للدخول ويصوتوا بالإجماع على إلغاء القرار.
وبحسب وكالة "أسوشيتيد برس" الأكرية، فيتطلب عزل الرئيس تأييد ثلثي البرلمان الكوري وقرارًا من المحكمة الدستورية بموافقة ستة من أصل تسعة قضاة، وقد تم تقديم الاقتراح من قبل الحزب الديمقراطي المعارض الرئيسي وخمسة أحزاب أصغر، ومن المتوقع أن يُعرض للتصويت بحلول يوم الجمعة.
عزل الرئيس
وفي بيان شديد اللهجة، وصف الحزب الديمقراطي إعلان الأحكام العرفية بأنه "انتهاك واضح للدستور" و"عمل تمرد خطير"، مؤكدًا أن الخطوة توفر أسسًا مثالية لعزل الرئيس.
وقدّم مستشارو يون وكبار أعضاء حكومته، بما في ذلك وزير الدفاع كيم يونغ هيون، استقالاتهم الجماعية بعد الضغط الشعبي والسياسي المتزايد، وطالب قادة المعارضة بإجراء تحقيق شامل ومحاسبة المسؤولين عن "تدمير الديمقراطية".
وانتقد رئيس حزب "قوة الشعب" الحاكم، هان دونغ هون، إعلان الأحكام العرفية، واصفًا إياه بأنه "غير دستوري".
وفي موقف مماثل، قال عمدة سيول أوه سي-هون، الذي يُنظر إليه كمرشح محتمل للرئاسة: إن الخطوة "تتعارض مع روح الديمقراطية الأساسية".
ويمثل إعلان الأحكام العرفية الأول من نوعه في كوريا الجنوبية منذ أكثر من 40 عامًا، مستعيدًا ذكريات الأنظمة العسكرية التي شهدتها البلاد قبل تحقيق الديمقراطية في أواخر الثمانينيات، فخلال تلك الفترة، كانت السلطات تستخدم الجنود والدبابات لقمع الاحتجاجات المعارضة للحكومة.
تصعيد سياسي
وأضافت الوكالة الأمريكية، أنه بعد إعلان يون، تمركزت القوات المسلحة حول البرلمان، وحلقت المروحيات العسكرية فوق المنطقة، بينما رفع الجنود أسلحتهم في مواجهة المتظاهرين.
وفي مشهد لافت، بث زعيم المعارضة لي جاي ميونغ مقطع فيديو مباشر وهو يتسلق جدار البرلمان لدخول المبنى، ورغم وجود قوات الشرطة والجيش، لم تحدث اشتباكات عنيفة كبيرة، وغادرت القوات المكان بعد التصويت البرلماني.
وقال رئيس البرلمان وو وون شيك: "رغم ذكرياتنا المؤلمة عن الانقلابات العسكرية، أظهر مواطنونا اليوم نضج الديمقراطية الكورية".
وينص الدستور الكوري الجنوبي على أن الرئيس يمكنه إعلان الأحكام العرفية فقط في حالات الطوارئ القصوى مثل الحرب، مع الالتزام بقيود صارمة، ولكن، يرى الخبراء أن إعلان يون تجاوز هذه القيود، حيث تضمنت الأحكام العرفية تعليق أنشطة البرلمان، وهو ما يخالف الدستور بشكل صريح.
وطالب زعيم المعارضة البرلمانية، بارك تشان داي، بإجراء تحقيق فوري مع الرئيس بتهمة "التمرد"، مشيرًا أن الحصانة الرئاسية لا تنطبق على قضايا التمرد أو الخيانة.
حركة طبيعية
وأكدت الوكالة، أنه رغم الأوضاع السياسية المتوترة، شهدت شوارع سيول حركة طبيعية نسبيًا يوم الأربعاء. ومع ذلك، أعرب مراقبون عن مخاوفهم بشأن التداعيات المحتملة للأزمة على الاقتصاد والاستقرار الاجتماعي.
ووصفت ناتاليا سلافني، محللة الشؤون الكورية، إعلان يون بأنه "تراجع خطير عن الديمقراطية"، مشيرة أن كوريا الجنوبية لديها تاريخ قوي من الاحتجاجات الشعبية والإقالات الرئاسية السريعة، مثل حالة الرئيسة السابقة بارك غيون هي التي أُقيلت وسُجنت بتهم الفساد عام 2017.
ومع تصاعد الدعوات لعزل الرئيس يون ومحاسبة المسؤولين عن الأزمة، تبقى كوريا الجنوبية أمام اختبار جديد لديمقراطيتها التي بُنيت على أنقاض حكم عسكري قمعي.