الروس على أبواب دنيبرو.. هل ستنجح أوكرانيا في صد الهجوم الروسي؟
الروس على أبواب دنيبرو.. هل ستنجح أوكرانيا في صد الهجوم الروسي؟
في مخبأ تحت الأرض في شرق أوكرانيا، كان جندي أوكراني يحدق في خريطة مليئة بالرموز، تمًثل العلامات الحمراء مواقع القوات الروسية، التي لم تكن قبل عام سوى نقطة بعيدة عن الحدود الإدارية بين منطقة دونيتسك ومنطقة دنيبروبتروفسك، ولكن الآن، أصبحت على أعتاب الحدود، على بعد 8 كيلومترات فقط، بحسب ما رصدته صحيفة "الجارديان" البريطانية.
"الوضع سيئ للغاية"، اعترف فاليري، الملقب بـ "أوفيس"، وهو يجلس أمام شاشات تعرض لقطات مباشرة من ساحة المعركة. طائرات الاستطلاع تحوم فوق مواقع روسية تحت أشجار مغطاة بالثلوج. قال: "إذا تحرك فأر، سنراه".
أمضت كتيبته، اللواء 110، عامًا ونصف العام في الدفاع عن مدينة أفدييفكا، التي سقطت في فبراير 2024 بعد حصار طويل ودامٍ.
تقدم روسي سريع
وبحسب الصحيفة البريطانية، فإنه بعد سقوط أفدييفكا، اجتاحت القوات الروسية مواقع أخرى مثل بلدة أوشريتني، واستمر تقدمها بوتيرة لم تُشاهد منذ بداية الحرب في عام 2022.
يقول فاليري: "شهدنا موجة روسية كبيرة. لم يتحركوا بهذه السرعة من قبل"، وأشار إلى الخسائر الفادحة التي تتكبدها القوات الروسية، قائلاً: إن مواردهم البشرية "لا حدود لها".
وأضافت الصحيفة، أنه بينما تواصل الوحدات الأوكرانية، المجهزة بمدافع هاوتزر سوفيتية قديمة، الدفاع عن بلدة فيليكا نوفوسيلكا الجنوبية، تدور معارك عنيفة في القرى المحيطة مثل: نسكوشني ونوفي كومار، حيث تهاجم فرق الاستطلاع الروسية ليلاً.
ويقول الرقيب: أندري هريبينيوك: "نهجم عليهم بالمدفعية خلال النهار، وفي الليل تأكل الثعالب والكلاب بقاياهم".
ويضيف هريبينيوك، أن بعض الجنود الروس الذين أُسروا وُجدوا تحت تأثير عقاقير نفسية تهدف إلى تقليل خوفهم خلال المهمات الانتحارية.
طموحات بوتين
يركز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استراتيجيته على السيطرة الكاملة على منطقة دونيتسك، التي أعلن "ضمها" في عام 2022. وتسعى القوات الروسية الآن لتوسيع هجومها ليشمل منطقة دنيبروبتروفسك المجاورة، ما يهدد مدينة دنيبرو، رابع أكبر مدن أوكرانيا ومركزًا صناعياً دفاعياً رئيسياً.
وتركز القوات الروسية حاليًا على قطع خطوط الإمداد الأوكرانية. لقد سيطرت على الطريق المؤدي إلى كراماتورسك وسلوفيانسك، وهما مدينتان استراتيجيتان شمالًا، وقطعت الطريق السريع T0406 الذي يربط بوكروفسك ببلدة ميجوفا.
وفي ميجوفا، وهي بلدة صغيرة يبلغ عدد سكانها 20,000 نسمة، يقف السكان المحليون على أهبة الاستعداد، ويقول الجندي الأوكراني ناتاليا: "نؤمن بقواتنا المسلحة. لن يصل العدو إلى هنا"، وهي تلتقط صورة سيلفي عند علامة حدودية.
خطر التهجير
تبدو السيناريوهات الأكثر قتامة حاضرة في أذهان سكان ميجوفا. يشير ييفين خريبون، رئيس تحرير صحيفة "ميجيفسكي ميريديان"، إلى أن اثنين من زملائه غادرا البلدة، مما تركه مع مراسل واحد فقط، يقول: "آمل أن نحتفل بالذكرى الـ95 لصحيفتنا في مايو".
وفي الوقت نفسه، يعيش سكان ميجوفا في ظل التهديد اليومي. يقول رئيس البلدية فولوديمير زرازيفسكي: "صوتي الداخلي يخبرني بأن الروس سيتوقفون. لكن قد نجد أنفسنا في منطقة رمادية مع قوات حفظ السلام الدولية".
وأضافت الصحيفة البريطانية، أن البلدة لم تصل بعد إلى مستوى الدمار الذي شهدته باخموت، لكنها تعرضت بالفعل لخسائر مأساوية. يوم السبت، شهدت البلدة جنازة الجندي أندري زاخاري البالغ من العمر 30 عامًا، الذي فُقد في نوفمبر 2023 بالقرب من أوشريتني، وتم التعرف على جثمانه مؤخرًا.
وأقيمت مراسم الجنازة وسط مشاهد مؤثرة، حيث اصطف سكان القرية لرمي الورود الحمراء في طريق النعش. تحدث رئيس البلدية عند القبر قائلاً: "الأبطال يعيشون في ذاكرتنا إلى الأبد. لقد آمن بالنصر".
ومع استمرار القوات الروسية في التقدم، يشدد القادة الأوكرانيون على الحاجة الملحة للدعم الغربي، بما في ذلك العربات المدرعة والقذائف المدفعية والطائرات، ويقول هريبينيوك: "إذا لم نحصل على هذه المساعدات، سيهدد الروس مدننا الرئيسية".
وفي حين تواصل أوكرانيا الدفاع عن أراضيها، تظل الآمال معلقة على تحقيق السلام. يقول خريبون: "نتمنى أن نستقبل العام الجديد ونحن أحياء وفي منازلنا".