مسؤولو ليبيا... سقوط في الجاسوسية لتركيا وخيانة وطنية

تقوم المخابرات التركية بتجنيد المسؤولين الليبيين

مسؤولو ليبيا... سقوط في الجاسوسية لتركيا وخيانة وطنية
صورة أرشيفية

جاءت واقعة توقيف الاستخبارات التركية للمسؤول الليبي البارز لطفي الحراري، نائب رئيس جهاز الأمن الداخلي الليبي، لتكشف عن محاولات  تركيا السيطرة على مفاصل الدولة الليبية، ومساعيها لتجنيد مسؤولين مهمين داخل البلاد لتنفيذ سيناريوهات الفوضى التركية داخل ليبيا. 

لتصبح حيلة أردوغان الوحيدة بعد نجاح المشير خليفة حفتر في تحرير أجزاء واسعة من المناطق وتطهيرها من سيطرة الميليشيات، إضافة إلى وجود حكومة الوحدة الوطني، الأمر الذي صعّب على أردوغان  حلم السيطرة على ثروات ليبيا وإعادة المشروع  العثماني في البلاد.  


وعلى الرغم من أن "لطفي الفيتوري بلقاسم الحراري"، هو أحد أبرز أمراء الحرب في طرابلس، والذي تورط في إراقة دماء الكثير من الليبيين لحساب الوفاق المتحالفة مع تركيا، إلا أن الاستخبارات التركية رأت أنها لم تحصل منه على القدر الكافي من التعاون لصالحها، وسعت لتجنيده أثناء تواجده في أنقرة، وسعت للحصول على معلومات أخرى تساعدها في تجنيد المزيد من الليبيين من خلال الرجل. 

وسيلة الضغط 


لجأت الاستخبارات التركية إلى خطة احتجاز لطفي الحراري، نائب رئيس جهاز الأمن الداخلي، أو ما يعرف بـ"ميليشيا قوة الردع"، خلال رحلته إلى فيينا، عبر مطارات تركيا. 


وبالأساس كان قرار تكليف "الحراري" بمهمته قد صدر من فائز السراج، في إطار محاولاته لتحصين نفسه وضمان الاستمرار في منصبه، بمواجهة فتحي باشاغا وزير الداخلية السابق في حكومة الوفاق، خلال الصراع الدائر بين أجنحة الوفاق الإرهابية. 


وبالفعل تمكن الحراري من بسط نفوذه على مناطق واسعة من تلك المناطق التي تسيطر عليها حكومة الوفاق المنتهية ولايتها، بعدما خاض العديد من المعارك الدامية التي تسببت في سقوط العديد من المدنيين الليبيين، إلا أنه تمرد على السراج رئيس الوفاق، وهدد بسجن كل من يرفض الانصياع لتعليماته في سجن أبو سليم. 


وفى فبراير/ شباط الماضي، استبدل لطفي الحراري،  المجموعة التي كانت معنية بتأمين رئيس الوفاق فايز السراج، وأسند هذه المهمة لقوة تتبع قوات "النواصي".


محاولة تجنيد.. واقعة احتجاز الحراري


في ذلك الوقت، شعرت تركيا بخطورة الحراري بين قادة الميليشيات، وأدركت حتمية السيطرة عليه وتجنيده لحسابها، فبدأت بمتابعة دقيقة لتحركاته حتى تتمكن من إخضاعه، وليكون واحدًا من أتباعها العاملين بإمرتها في ليبيا، خصوصًا مع حساسية منصبه. 

وفي أحد المطارات التركية، حيث كان الحراري في طريقه إلى فيينا، احتجزته السلطات التركية للتحقيق معه لـ3 ساعات، دون سبب واضح لهذا الاحتجاز، بينما كان الهدف الفعلي هو محاولة تجنيده وتقديم كافة الإغراءات الممكنة لأجل الحصول على معلومات منه عن التطورات في ليبيا.

وتؤكد التقارير أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لا يعبأ بأي محاولات أو مبادرات إقليمية أو دولية لوقف الحرب في ليبيا، وإنما يمضي بطموحاته الاستعمارية، ويسعى لتحقيق أطماعه السياسية والاقتصادية في الأراضي الليبية ضاربًا بالجهود الدولية والقرارات الأممية عرض الحائط.  

محاولات سابقة 


ولم تكن محاولة تجنيد الحراري هي الأولى أو الأخيرة في تحركات المخابرات التركية لتجنيد المسؤولين في ليبيا، إذ كانت قيادات الصفوف الأولى في طرابلس ومصراتة يعملون علانية لصالح تركيا، ويأتمرون بأوامرها، ويسعون لتنفيذ أجندتها على الأرض الليبية. 


وكان أبرز هؤلاء المسؤولين فايز السراج رئيس حكومة الوفاق المنتهية ولايتها، والذي خضع للأتراك تمامًا ووقع لحسابهم اتفاقية بحرية تمكن أردوغان من ثروات ليبيا في شرق المتوسط، إضافة إلى توقيع اتفاقية أمنية، وبموجبها أدخلت المخابرات التركية آلاف الميليشيات الإرهابية إلى البلاد. 


إضافة إلى السراج، هناك فتحي باشاغا، والذي كان بيدقًا من بيادق تركيا، وعمل بإمرتها على توزيع الميليشيات في الغرب الليبي، ومحاربة الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، إلا أن الخلافات بين السراج وباشاغا حولت أحلام الاستعمار التركي إلى كابوس. 


صادات.. ذراع المخابرات التركية 


ويشير موقع "نورديك مونيتور" السويدي، المهتم بالأخبار الأمنية، إلى شركة "صادات"، ذراع المخابرات التركية، والتي كانت مهمتها الأولى خلال الفترة الماضية الدفع بالميليشيات الإرهابية إلى داخل الأراضي الليبية، وتجنيد مسؤولين وأشخاص ليبيين بارزين لحساب أنقرة. 


وتوضح التقارير الأمنية أن الرئيس رجب طيب أردوغان، استعان بهذه الشركة في عملية استهدفت تدريب عناصر تنظيم داعش وجبهة النصرة ونقلهم إلى الأراضي الليبية، وهو ما كشف عنه استجواب برلماني للحكومة التركية من المعارضة.


وبحسب ما كشفت عنه "نورديك مونيتور"، فقد دأبت المخابرات التركية على الإشراف على عمليات نقل المقاتلين الجهاديين والمتطرفين، وبشكل مستمر، إلى ليبيا للقتال إلى جانب حكومة الوفاق الوطني في ليبيا خلال سنوات الحرب في ليبيا.


المخابرات التركية تمول الميليشيات في ليبيا


كما أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، في تقرير له، نشره في إبريل من العام الماضي، أن المخابرات التركية طلبت من قيادات المعارضة المسلحة السورية، مدها بقوائم جديدة لمئات المقاتلين من أجل إرسالهم للقتال في ليبيا.


وأشار التقرير إلى أن تمويل تلك العمليات جاء من المخابرات التركية، حيث تم نقل المرتزقة السوريين، من الفصائل الموالية لحكومة أردوغان، إلى أنقرة، ثم يتم نقلهم بالطائرات إلى ليبيا، وكشف الموقع أن نقطة انتقال المرتزقة هي تل أبيض.


وقدمت فصائل عديدة قوائم بالأسماء إلى المخابرات التركية، تجاوزت 2200 اسم خلال إبريل من العام الفائت، وكان من هذه الفصائل، جيش الشرقية، السلطان مراد، أحرار الشرقي، وفصائل أخرى.


وكشف  المرصد السوري حينها، أن إجمالي عدد المرتزقة السوريين بين صفوف قوات حكومة الوفاق حتى 26 إبريل 2020، قد بلغ نحو 5300 مرتزق.

الإخوان عملاء المخابرات التركية


من جانبه، يحذر الأكاديمي والكاتب الليبي، الدكتور جبريل العبيدي، من أن تركيا كانت ولا تزال عراب توطين وتمكين جماعات الإسلام السياسي في ليبيا، مشددًا على أن البلاد مقبلة على كارثة إذا استمر عبد الحميد الدبيبة في منصبه رئيسًا للحكومة في ليبيا، معتبرًا أنه بيدق لدى الأتراك ووسيلة من وسائلهم أيضًا.  


وقال العبيدي: إن هدف الأتراك من ذلك واضح، وهو السيطرة علي الموارد الليبية النفط والغاز وتزوير الجغرافيا، كما فعلت بترسيم حدود مع ليبيا، وهي تفصلها عن ليبيا البحار والجزر اليونانية، لافتًا إلى أن المخابرات والضباط الأتراك يتواجدون بالمئات في الغرب الليبي.


كما أوضح العبيدي أن ميليشيات الإخوان نفسها كانت عميلاً لحساب الأتراك، وأدوات لأردوغان في ليبيا، الأمر الذي سمح بتجنيد المئات للعمل لحساب المخابرات التركية في ليبيا.  


وأشار الأكاديمي الليبي إلى أن الحل في إنهاء الوجود الأجنبي في ليبيا، وخاصة التركي، حتى لا يستقوي طرف على آخر، وتتحرر الإرادة الليبية بإجراء انتخابات بإشراف الأمم المتحدة.