تعطيش السوريين.. ميليشيات تركيا تهدد حياة «مليون مواطن» في الحسكة

تعطيش السوريين.. ميليشيات تركيا تهدد حياة «مليون مواطن» في الحسكة
صورة أرشيفية

حملات غاضبة شهدتها وسائل التواصل الاجتماعي من نشطاء سوريين يطالبون المجتمع الدولي خلالها بوقف جرائم أردوغان وميليشياته الإرهابية وإنقاذ مدينة الحسكة وريفها من العطش بعد أن استمر انقطاع الماء عنها بشكل غير مسبوق لمدة تقترب من الشهر، وحمل النشطاء أردوغان والنظام التركي مسؤولية هلاك مليون مدني من أهالي الحسكة عطشًا مطالبين بوضع حد للميليشيات المتطرفة المدعومة من تركيا التي تتعمد تعميق معاناة أهالي المنطقة التي يقطنها مئات الآلاف من المدنيين في جو شديد الحرارة بلا قطرة ماء في ظروف إنسانية واقتصادية شديدة الصعوبة تمنعهم من الاستمرار في شراء المياه المعدنية لحل الأزمة التي تصدرها تركيا إليهم.
 

نشطاء يناشدون المجتمع الدولي لإجبار "أردوغان" على ضخ المياه لـ"الحسكة"


ابتزاز تركي متعمد بدأ منذ أسبوعين ويستمر حتى الآن بعد أن عمدت القوات التركية إيقاف عمل مضخة مياه الشرب في محطة علوك في ريف الحسكة دون إبداء أسباب، وعلى الرغم من المناشدات الإنسانية والمفاوضات التي جرت بين النظامين الروسي والتركي من أجل إعادة ضخ المياه إلى أهالي الحسكة وريفها إلا أن النتيجة صفر حتى الآن وتتفاقم الأزمة وتزداد المعاناة يومًا بعد يوم بشكل يهدد حياة مئات الآلاف من البشر.


ما دفع عددًا من الناشطين إلى إطلاق حملة خلال اليومين الماضيين على مواقع التواصل تحت شعار "العطش يخنق الحسكة" للضغط على تركيا، والفصائل المسلّحة الموالية لها من أجل إعادة تشغيل المحطة المائية المحلية.


وتأتي حرب المياه هذه، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان في وقت سابق في إطار الضغط المتكرر على السكان في مناطق نفوذ "قوات سوريا الديمقراطية"، وذلك للمرة الثامنة منذ سيطرة القوات التركية على المحطة الواقعة بريف الحسكة الشمالي.


يُذكر أنه في منتصف شهر أكتوبر 2019، تمكّنت القوات التركية بمساندة فصائل المعارضة السورية الموالية لها من السيطرة على مدينة رأس العين وعلى محطة "علوك" بشكل كامل.
 
الحكومة السورية تسير صهاريج للتخفيف عن "مليون" مواطن بالحسكة


التعنت التركي دفع الحكومة السورية لمحاولة إيجاد حلول مؤقتة حتى لا يهلك ما يقرب من مليون مواطن سوري يعيشون في الحسكة وريفها، وسيرت الجهات الحكومية السورية عدة صهاريج لتأمين مياه الشرب لأهالي الحسكة.


وأعلنت مصادر حكومية سورية رسمية أنها سيرت عدة صهاريج للتخفيف من معاناة أهالي الحسكة بسبب استمرار قوات الاحتلال التركي ومرتزقته الإرهابيين بجريمة قطع المياه عن أكثر من مليون مدني في الحسكة لليوم الـ 22 على التوالي.


وكانت الفصائل التي تدعمها تركيا قامت بوقف ضخ المياه من محطة علوك القريبة من مدينة رأس العين الخاضعة لسيطرتها، منذ 13 من الشهر الجاري، بينما كانت عدة مناطق في المدينة تعاني قبل ذلك بأيام من أزمة مياه نتيجة ضعف الضخ، وذكر مصدر في الإدارة الذاتية أن 25 بئر ماء وضعت في الخدمة، من أصل 50 ستدخل تباعا من محطة الحمة، ووعد بأن أزمة المياه سيتم حلها.


وكشفت مصادر مطلعة أن الانقطاع المتواصل للمياه فاقم معاناة المدنيين بفتح أبواب الاستغلال فوق العطش، حيث أصبحت مياه الآبار تباع بقيمة 3 - 8 آلاف ليرة سورية لكل 5 براميل، مشيرةً إلى أن هذه المياه تستخرج من آبار تم حفرها حديثاً (أي بعد الانقطاع) وغير صالحة للشرب، فيما عدا الغسيل والاستخدام الشخصي.


وأما بالنسبة لمياه الشرب - وفقاً للمصادر - فقد تسبب الانقطاع بمضاعفة أسعار المياه المعدنية، خصوصاً أنها السبيل الوحيد لمياه الشرب، الأمر الذي فتح باباً جديداً لتجار الأزمات باستغلال تجارة هذه المياه، أي أن المدني في المحافظة يضطر لشراء نوعين من المياه.


ولجأ معظم أهالي المحافظة (الريف على وجه الخصوص) إلى حفر آبار على عجل - الحديث للمصدر - في محاولة لتأمين حاجاتهم الأساسية من مياه الغسيل والاستخدام الشخصي، بينما تتفاقم معاناة أهالي المدينة لعدم قدرتهم على حفر آبار شبيهة بتلك التي تم إنشاؤها في الريف.
 

الميليشيات التركية قررت "إعدام مليون شخص سوري" بقطعها المياه عن الحسكة


من جانبه يقول، فواز محمد، 43 عامًا، من أهالي الحسكة، إن الأوضاع تزداد صعوبة مع طول مدة انقطاع المياه الذي دخلت في يومها الـ 24، مضيفًا، لم نعد نملك أموالا لشراء مياه للشرب ومياه أخرى للاستحمام وغسل الملابس.


وأضاف، قوات الاحتلال التركي تصر على تعطيش أهالي الحسكة والمجتمع الدولي يشاهدنا نموت عطشًا ولا أحد يتدخل لردع أردوغان، هذه المرة هي الأطول ولكنها ليست الأولى، الأتراك قطعوا عن الحسكة المياه أكثر من مرة في السابق بدون أسباب واضحة، ولم يحاسبهم أحد على تعذيبنا بهذا الشكل فلماذا لا يكررونها.


وتابع محمد، نعتمد حاليًا مياه الآبار والحفارات اليدوية أصبحت صورة معتادة في كل شوارع وأحياء الحسكة فلن ننتظر أن يسعفنا أحد ويجب أن تحاول حتى لا نهلك ويهلك أطفالنا، موضحًا أن حفر بئر واحد يؤمن المياه لـ 7 منازل تقريبًا ولكن فقط للاستخدامات المنزلية وليس للشرب الذي نضطر لشراء مياه الشرب المعدنية وهو ما يفوق قدراتنا المالية.


يقول محمد، أعرف الكثير من الأسر الفقيرة تشرب من مياه الآبار رغم عدم صلاحيتها للاستخدام الآدمي بسبب عجزهم عن مجاراة ارتفاع أسعار مياه الشرب يوميًا، وفي ظل تجاهل المنظمات الدولية والإنسانية والإغاثية لم يجدوا سبيلاً آخر للحياة إلا بشرب تلك المياه مفضلين أن يهلكوا بالمرض بدلًا من الهلاك عطشًا.


وطالب محمد، المجتمع الدولي بوقف جرائم الميليشيات التركية، قائلًا: "إلى متى سنستطيع تحمل الممارسات الإرهابية من قِبل الاحتلال التركي وميليشياته الإرهابية بحقنا، فكل أنواع الجرائم ترتكب ضدنا ولا أحد يحمينا أما قطع المياه فهذا قرار بالإعدام تتخذه تركيا ضد مليون مواطن سوري وتستخدمنا للضغط على المجتمع الدولي.
 
نحفر عشرات الآبار يوميًا.. ولم نعد نستطيع توفير المياه المعدنية


في السياق ذاته، يقول "عمر الحاج"، 36 عامًا: أبي يملك حفارة يدوية وأعمل معه ليلًا ونهارًا لتلبية احتياجات المواطنين المتزايدة بشكل هائل لحفر آبار نتيجة طول فترة انقطاع المياه التي وصلت إلى الشهر تقريبًا
وأضاف الحاج، خلال الـ 48 الساعة الماضية فقط قمنا بحفر أكثر من 10 آبار مستخدمين الحفارة البدائية، وحاولنا إدخال بعض التعديلات عليها حتى لا تؤثر في الأبنية السكنية وتتسبب في انهيارها حتى لا تزيد الأزمات تعقيدًا، مضيفًا، أحد الآبار رفضنا حفرها لخطورة الحفر على المنازل المجاورة إلا أن قاطني تلك المنازل طالبونا بالحفر حتى لو انهارت المنازل قائلين إن الموت في انهيار المنزل أكثر رحمة من الموت بطيئًا بالعطش، ونجحنا بعد عناء في إقناعهم بضرورة البحث عن مكان آخر يعطي نفس النتائج دون مخاطر على سلامة المباني وأرواح قاطنيها.


وتابع الحاج، الآبار جميعها التي قمنا بحفرها والتي تقدر بالمئات تتراوح أعماقها بين 10 إلى 20 مترًا ويتم تشغيلها فور الانتهاء من الحفر وتدخل الخدمة على الفور، جميع الآبار لا تصلح للشرب ولكن تغطي احتياجات السكان من المياه المستخدمة منزليًا في غسل الملابس والاستخدام الشخصي، أما مياه الشرب فيضطر الجميع -ونحن أولهم- إلى شراء المياه المعدنية وهو الأمر الذي لن يستمر طويلاً بسبب الصعوبات الاقتصادية وعدم قدرة معظم أهالي الحسكة على الاستمرار في شراء مياه الشرب المعدنية وفي الوقت نفسه عاجزون عن استخدام مياه الآبار بسبب تحذير الأطباء من خطورة شرب تلك المياه على الكلى والجهاز الهضمي بالكامل.


واختتم الحاج حديثه: نحن ومن يعمل مثلنا في حفر الآبار نحاول حل الأزمة واستشرنا المسؤولين قبل البدء في الحفر عن خطورة ما نفعله فسمحوا لنا بذلك مؤكدين أن تلك الآبار سطحية ولا تؤثر حتى على مخزون المياه الجوفية وما يغذيها بالكامل هي المياه المتسربة من نهر الخابور وهي مياه متجددة.