لماذا تواجه لبنان أصعب أزمة سياسية في تاريخها؟

يواجه لبنان أصعب أزمة سياسية في تاريخها

لماذا تواجه لبنان أصعب أزمة سياسية في تاريخها؟
صورة أرشيفية

رأت صحيفة "آراب نيوز" في تحليل بعنوان "لماذا واجه لبنان فراغا رئاسيا مطولا؟"، أن المحاولات الإقليمية والدولية للوساطة لم تتمكن بعد من تجاوز الانقسامات الداخلية بين الطبقة السياسية اللبنانية، حيث مضى ما يقرب من ثمانية أشهر على بدء الفراغ الرئاسي في لبنان، حيث عقدت 12 جلسة تصويت برلمانية حتى الآن ولا تزال هناك نهاية في الأفق للمأزق السياسي الذي يوقف الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية التي تشتد الحاجة إليها في بلد يعاني من أزمة مالية غير مسبوقة.

جهود فرنسا

وأضافت الصحيفة: أن فرنسا أدركت مؤخرًا أن نهجها في جهودها لم يكن فعالًا، لذا عين الإليزيه وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان مبعوثًا فرنسيًا إلى لبنان، وزار بيروت في 21 يونيو.

وصادقت فرنسا خلال الأشهر القليلة الماضية على اتفاق يقضي بإحضار الوزير الأسبق سليمان فرنجية إلى رئاسة الجمهورية ونواف سلام إلى رئاسة الوزراء، بالإضافة إلى عدة تعيينات رئيسية أبرزها محافظ جديد للبنك المركزي.

وهذا يعكس صدى الاتفاق الرئاسي لعام 2016 الذي أتى بميشال عون إلى الرئاسة وسعد الحريري إلى رئاسة الوزراء! وهذه الصفقة رغم ذلك، لا تحظى بدعم واسع النطاق، كما أن التحدي الداخلي لهذه الصفقة هو أن الكتل النيابية الرئيسية لم تؤيد ترشيح فرنجية وسعت إلى بديل.

أنانية السياسيين اللبنانيين

وأشار التحليل إلى أن كل السياسيين اللبنانيين يعملون من أجل مصالحهم الخاصة، فقد اجتمع التيار الوطني الحر، والقوات اللبنانية، والحزب التقدمي الاشتراكي، وحزب الكتائب، وبعض نواب الكتلة النيابية "التغيير" حول ترشيح وزير المالية السابق جهاد أزعور، الذي علق مهامه كمدير لقسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي للتركيز على ترشيحه لرئاسة لبنان.

تقاطع المصالح

وأردفت الصحيفة أن هذا التقاطع في المصالح يمثل جبهة هشة بين أولئك الذين يشاركونهم رفض فرنجية، فقد اختلف التيار الوطني الحر مع حليفه حزب الله في هذه القضية، ما ترك فرنجية مع 51 صوتا قوياً، وسيكون غير قادر على الفوز دون انشقاق عن المعسكر المعارض الذي يؤيد أزعور حاليا، ويحتاج المرشحون إلى 86 صوتًا للفوز في الجولة الأولى و65 صوتًا في الجولة الثانية في البرلمان المؤلف من 128 نائبًا.

قائد الجيش قد يترشح للرئاسة

ويمكن أن تصبح الشخصيات الأخرى أيضًا متنافسين، ويستمر رفع اسم قائد الجيش العماد جوزيف عون، لكن هناك بعض العقبات أمام ترشيحه كقائد للجيش، يتطلب إضفاء الطابع الرسمي على ترشيحه أغلبية الثلثين في البرلمان لتعديل الدستور وحتى الآن لا يؤيده حزب الله وحركة أمل وقيادة التيار الوطني الحر.

وأفادت وسائل إعلام لبنانية بأن عدة دول عربية لديها تفضيل للجنرال جوزيف عون، وهو ما يُعتقد على نطاق واسع أنه يعكس الموقف الأميركي، ويسري تقاعد العماد جوزيف عون من الجيش في يناير 2024، وهو ما انتقده زعيم التيار الوطني الحر جبران باسيل علنًا؛ ما أدى إلى رد فعل عنيف بين أعضاء التيار الوطني الحر المتعاطفين مع جوزيف عون.

اللجنة الخماسية

وفي الوقت نفسه، كانت اللجنة الخماسية (الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية وقطر ومصر) هي المنصة الدولية الرئيسية التي تناقش التطورات في لبنان بشكل منتظم، واقترحت فرنسا مؤخرًا إضافة إيران إلى هذه اللجنة، لكن باريس وحدها تلعب دورًا استباقيًا في لبنان.

وعكست الزيارة الأخيرة للمبعوث الفرنسي محاولة فرنسية لتصحيح صورتها على أنها تؤيد مرشح حزب الله بدلاً من تقديم مبادرة ذات مغزى، وهناك اقتراحات باحتمال أن تنظم المبادرة الفرنسية حوارا في الأسابيع المقبلة بين الكتل البرلمانية الرئيسية التي تنتخب الرئيس.

النهج الفرنسي في لبنان

ويسترشد النهج الفرنسي بتيارين من الفكر، أولاً، الاعتراف بأن حزب الله له سيطرة فعلية على لبنان، وهو ما ثبت خطأه من قِبل التحالف الهش الذي احتشد حول أزعور، وثانيًا، الحفاظ على المصالح السياسية والاقتصادية للجماعة في لبنان في ظل الرئاسة الجديدة، ويعتبر الدور الفرنسي أساسيًا كميسر نظرًا لقدرته على إشراك جميع الفاعلين في السياسة اللبنانية والقوى الكبرى ذات النفوذ في لبنان، فقد انسحبت واشنطن في الغالب من حقيبة الانتخابات الرئاسية وفوضت هذا الدور لفرنسا.

موقف واشنطن من الوضع اللبناني

فبالنسبة للولايات المتحدة، لم يكن لبنان أيضًا أولوية بقدر ما كان عليه خلال الصفقة البحرية الأميركية بين لبنان وإسرائيل، عندما ألقت واشنطن بثقلها وراء الصفقة لتجاوز الخط، وفي النهاية، يمكن للولايات المتحدة التعامل مع أي مرشح توافقي ناشئ، وتمنح إيران حزب الله هامشًا كبيرًا للمناورة داخل السياسة اللبنانية، لكن يمكنها أيضًا أن تلعب دورًا في تسهيل صفقة عند الحاجة أو إذا كانت تخدم مصالحها.

وإذا استمر المعارضون لترشيح فرنجية في تأييد أزعور، وإذا جرت جولة ثانية في الدورة الانتخابية المقبلة، فسيحتاج إلى نحو ستة أصوات لضمان انتخابه (حصل على 59 صوتا في المرة الأخيرة)، على حسب تحليل الصحيفة.

أشارت الصحيفة إلى أن الكتلة النيابية التي يمكن أن تساعد أزعور على الفوز هي المجلس النيابي المستقل، الأقرب إلى رئيس الوزراء السابق سعد الحريري، وهذه الكتلة لم تصوت لأزعور في الجلسة الماضية، لكن الضغط عليها يتزايد ليحسم أمرها عند انعقاد الجلسة الانتخابية المقبلة، ومع ذلك، ونظرًا للطبيعة التوافقية للنظام اللبناني، سيكون من الصعب انتخاب رئيس دون موافقة حزب الله وأمل، اللذين يشغلان جميع المقاعد الشيعية في البرلمان، وقد يكون من الصعب أيضًا انتخاب رئيس دون موافقة من المجموعات السياسية الرئيسية التي تمثل المجتمع المسيحي.

وبالتالي، من المرجح أن يستمر حزب الله وحركة أمل في إنكار النصاب القانوني في الجولة الثانية من التصويت على الرغم من الضغوط الداخلية والخارجية عليهما للسماح بالاستمرار في التصويت، هذا هو المأزق الحالي للانتخابات الرئاسية اللبنانية.

انتظار المؤثرات الخارجية

ويواصل السياسيون اللبنانيون البحث عن مؤثرات خارجية يمكن أن تحدد الانتخابات الرئاسية، أولاً التقارب السعودي الإيراني والآن اتفاق نووي أميركي إيراني محتمل، بدلاً من معالجة انقساماتهم بشكل مباشر دون وساطة دولية، وفي غضون ذلك، لم يظهر مرشح توافقي، لا تزال السياسة اللبنانية في مرحلة إقناع حزب الله بالتخلي عن فرنجية، وما لم يتحقق ذلك سيكون من الصعب تجاوز المأزق الحالي.