لتقويض نفوذ إيران في المنطقة.. إسرائيل تتأهب لرسم خريطة مصالحها الإقليمية
لتقويض نفوذ إيران في المنطقة.. إسرائيل تتأهب لرسم خريطة مصالحها الإقليمية
مع تراجع نظام بشار الأسد واستمرار الصراع في سوريا، تسعى إسرائيل إلى إعادة رسم خريطة مصالحها الإقليمية، مستغلة حالة الفوضى والفراغ السياسي في البلاد.
هدفها الأساسي في سوريا ليس مجرد تحجيم النفوذ الإيراني، بل يمتد إلى ضمان مصالحها الأمنية والسياسية والاقتصادية على المدى البعيد.
إسرائيل ترى في انهيار النظام السوري فرصة لتحقيق أهداف متعددة، أبرزها تعزيز منطقة عازلة آمنة على طول حدودها الشمالية مع سوريا.
تعمل على استغلال تدهور الأوضاع لتوسيع رقعة سيطرتها الفعلية في المناطق الحدودية، حيث تُنفذ ضربات جوية مكثفة تستهدف مواقع عسكرية إيرانية ومخازن أسلحة لحزب الله، في إطار ما تسميه "معركة ما بين الحروب".
و الهدف هو تقليص نفوذ إيران وتقويض قدراتها في إنشاء قواعد عسكرية دائمة في سوريا.
احتلال مستمر
أعلنت إسرائيل، الإثنين، أن الجيش الإسرائيلي استولى على نقاط إضافية في المنطقة العازلة مع سوريا، والتي تتعرض لقضم مستمر منذ شن الفصائل المسلحة هجومًا في 27 نوفمبر الماضي أدى لسقوط نظام بشار الأسد صباح الأحد.
وقال وزير الدفاع يسرائيل كاتس: إنه أصدر تعليمات للجيش الإسرائيلي، الليلة الماضية، "بالتحرك على الفور في سوريا".
وأضاف: أنه خلال الليل "استمرت العمليات للاستيلاء على نقاط إضافية في المنطقة العازلة".
وذكر أيضًا أنه تلقى تعليمات "بالعمل على خلق مجال أمني خال من الأسلحة الاستراتيجية الثقيلة والبنى التحتية الإرهابية التي يمكن أن تهدد إسرائيل، وإحباط تجديد طريق تهريب الأسلحة من إيران إلى لبنان عبر سوريا وعند المعابر الحدودية".
كما لفت إلى العمل على تدمير الأسلحة الاستراتيجية الثقيلة في سوريا، مثل الصواريخ الأرضية، وأنظمة الدفاع الجوي، وصواريخ أرض-أرض، وصواريخ كروز، والصواريخ بعيدة المدى والقذائف".
رفض مصري
أدانت مصر، الإثنين، بأشد العبارات استيلاء إسرائيل على المنطقة العازلة مع سوريا والمواقع القيادية المجاورة لها، معتبرة ذلك "احتلالا لأراض سورية".
وقالت وزارة الخارجية المصرية - في بيان-: إن الاستيلاء يُعد "انتهاكًا صارخًا" لسيادة سوريا، و"مخالفة صريح لاتفاق فض الاشتباك لعام 1974".
وأضافت: "تؤكد مصر على أن الممارسات الإسرائيلية تخالف القانون الدولي وتنتهك وحدة وسلامة الأراضي السورية، وتعد انتهازًا لحالة السيولة والفراغ في سوريا لاحتلال مزيد من الأراضي السورية لفرض أمر واقع جديد على الأرض بما يخالف القانون الدولي".
تقسيم سوريا
من الناحية الجيوسياسية، تدرك إسرائيل أن سقوط النظام قد يؤدي إلى تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ بين القوى الكبرى. لذا، تسعى لتأمين دور رئيسي لها في رسم مستقبل سوريا، سواء من خلال دعم بعض الفصائل المحلية المعارضة لإيران أو من خلال تعزيز علاقاتها مع القوى الدولية المؤثرة في المشهد السوري، مثل الولايات المتحدة وروسيا.
تحاول إسرائيل أيضًا الاستفادة من أي تغيير ديمغرافي يحدث في سوريا نتيجة النزوح والتهجير، حيث ترى في إضعاف المجتمع السوري وتقسيمه عرقيًا وطائفيًا فرصة للحد من أي تهديد مستقبلي من دولة سورية موحدة.
رغم أن إسرائيل تروّج لتحركاتها بأنها دفاعية، إلا إن تحليل أوسع يشير أن طموحاتها تتجاوز ذلك إلى استغلال حالة الانهيار في سوريا لتحقيق مكاسب طويلة الأمد على حساب استقرار المنطقة.
ويقول المحلل السياسي أيمن الرقب: إن من الواضح أن إسرائيل على دراية مسبقة بما ستؤول إليه الأوضاع في سوريا، وكان مستعدًا لذلك تمامًا، حتى الربط بين وقف الحرب على لبنان والانهيار الدراماتيكي للنظام السوري يؤكد أن إسرائيل كانت تعلم كواليس ما سيحدث.
وأضاف الرقب - في تصريحات خاصة للعرب مباشر-: أن المؤشرات تدل على أن الإسرائيليين وافقوا على هدنة مع لبنان لم تكن مرضية لليمين الإسرائيلي، وهو ما أكده نتنياهو في اجتماعاته السرية معهم لإقناعهم بهذا الخيار، خلال حرب لبنان، حاولت إسرائيل اختراق الأراضي السورية، ووصل إلى أكثر من 14 كيلومترًا داخل الحدود الفلسطينية- السورية، قاموا باحتلال مواقع للجيش السوري وقصف مواقع قيل إنها مراكز أبحاث أو أسلحة كيميائية.