"أربكان".. الأب الروحي للإسلام السياسي في تركيا ومعلم "أردوغان" الذي فضحه
"نجم الدين أربكان".. رئيس وزراء تركيا من الفترة بين 1996 و1997، ويعد رائدًا لسياسة الإسلاميين في الأناضول، وهو الأب الروحي للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي علمه ثم انقلب "أردوغان" على معلمه وملهم سياساته؛ ما دفع أربكان لفضح مشروع "أردوغان" في أيامه الأخيرة.
علاقته بالسياسي الشاب "أردوغان"
"أردوغان" انتمى في بداية عمله السياسي إلى حزب الرفاه ومؤسسه نجم الدين أربكان، إلى أن ظهر الخلاف بين أربكان، زعيم حزب الرفاه المنحل، وتلميذه أردوغان للعلن في بداية التسعينيات، مع توجه أردوغان إلى "التورية"، عبر محاولة إخفاء انتمائه لجماعة الإخوان الإرهابية، ومحاولة إظهار "انفتاح" على التيارات الأخرى في المجتمع التركي، على عكس أربكان الذي كان يفاخر بانتماءاته الدينية بلهجة تحدٍّ للسلطات.
تكليف أربكان بالوزارة في 7 يونيو 1996، وكان تتويجًا لرحلة استمرت ثلاثة عقود من الزمان من محاولة صعود الإسلام السياسي في تركيا، وعين أربكان تلميذه النجيب عبدالله جول وزير الدولة للشؤون الخارجية، فكان جول هو مهندس تأسيس تركيا الأربكانية لـ"مجموعة الثماني الاقتصادية الإسلامية، التي ضمت مصر وتركيا وإيران وإندونيسيا ونيجيريا وماليزيا وبنجلاديش وباكستان عام 1997".
وعلى ضوء فشل المعارضة المدنية في خلخلة حكومة أربكان، تولى الجيش التركي ومؤسسات الدولة التركية مهمة المعارضة المدنية عبر تضييق الخناق على أربكان وأركان وزارته، حيث تمكن الجيش دون أن يخرج من ثكناته في إسقاط الائتلاف الإسلامي الحاكم عام 1997 واستقالة أربكان وحل حزبي الرفاه والفضيلة عبر قرار من المحكمة الدستورية التركية برئاسة أحمد نجدت سيزر، وتوقيف بعض قادة الإسلام السياسي التركي، ومنع بعض رجالات الإسلام السياسي من العمل السياسي خمس سنوات على رأسهم أربكان.
كما تم طرد السفير الإيراني من تركيا عام 1997 بتهمة التواصل مع الإسلاميين الأتراك دون تسمية الأشخاص أو الفصيل الحزبي الذي تواصل معه، ولم يكن ذلك بعيدًا عن حقيقة أن نجم الدين أربكان تواصل مرارًا مع الحكومة الإسلامية في طهران.
خلاف أردوغان وأربكان
وخالف أردوغان تعاليم "أربكان" وقدم نفسه لجمهور الحزب على أنه "أكثر ديمقراطية وأكثر إيمانًا بالتنوع" من أستاذه أربكان، في محاولة لكسب أصوات تيارات أخرى، بما فيها غير المحجبات وغير الملتحين وحتى رواد محال الخمور، خلال الانتخابات المحلية والتشريعية.
للمفارقة فإن البعض يعيب على أربكان أنه متشدد دينيًّا عكس أردوغان، ولكن في واقع الأمر تلك المقارنة كانت بندًا من بنود جهاز الدعاية الخاص بحزب أردوغان، والأخير الذي حكم تركيا عمليًّا منذ عام 2002 لم نر في حكوماته المتعاقبة وفريقه الرئاسي والوزاري والبرلماني والحزبي والانتخابي امرأة واحدة بارزة، بينما أربكان شكّل وزارته بالائتلاف مع حزب الطريق القويم، حيث أصبحت رئيسة الحزب تانسو تشيلر نائبة لرئيس الوزراء ووزيرة خارجية وزارة أربكان الإسلامية.
نفس السياسات
وفقًا لمراقبين لسياسات الرئيس التركي خاصة خلال الانتخابات البلدية التي أجريت أواخر العام الماضي، فإن أردوغان يسير في نفس المسار الذي سار فيه أستاذه نجم الدين أربكان الذي أدت سياساته إلى اقتراب تركيا من الإفلاس، وهو السبب الذي قاد لسلسلة من الانشقاقات في الأحزاب التي أسسها أربكان بداية من حزب السلام الوطني والفضيلة، مروراً بحزب الرفاه وحتى حزب الفضيلة.
ويوضح الباحث عمرو عمار في كتابه "الاحتلال المدني: أسرار 25 يناير والمارينز الأميركي"، أن نجم الدين أربكان، يعد بمثابة الأب الروحي للإسلام السياسي في منطقة الأناضول، وهو الأستاذ الأول لأردوغان الذي ظل يصفه بالتلميذ البار المطيع ذي الأخلاق الحميدة، حتى انقلب عليه وصار يهاجمه عندما بدأ يروج لمنظومة الدرع الصاروخية، ونشرها على الأراضي التركية، حيث قال: "إن الصهيونية تحتكر غالبية وسائل الإعلام في تركيا لخدمة رجب طيب أردوغان، وإن هناك 30 صحيفة و30 فضائية تعمل لصالحه ليل نهار، لا لكي يظل في السلطة فحسب، بل من أجل الحفاظ على قيام إسرائيل العظمى في المنطقة، والتي تضرب بعرض الحائط كل قرارات مجلس الأمن"، وأضاف: "أن الجميع وفي مقدمتهم الصهيونية يعملون لأن تكون تركيا تابعة لإسرائيل".
أربكان يكشف علاقات أردوغان المتأصلة مع إسرائيل
قال أربكان، خلال الفيديو: "ماذا حصل ليصل أردوغان لهذه الحالة، سأوضح لكم عن طريق الصور، كيف غير أردوغان فكره، سأشرح لكم لب هذا المؤتمر، فقد ذهب لأميركا أولًا، وزار بوش، وفي أثناء تلك الزيارة تولى منصب رئاسة مشروع إسرائيل الكبرى، فأصبح معاونًا للرئيس بوش، وبعد هذا حصل على قلادة الشجاعة اليهودية من اللوبي اليهودي في أميركا.. هل تستشعرون معنى تلك الوقفة؟ كيف يقف! وماذا فعل بعد ذلك؟ ذهب في نفس اليوم إلى جامعة جون وأعطوه الجائزة الفخرية وهناك ألبسوه قميصه الجديد وهذا هو القميص الجديد!! هل تعرفون ما اسم هذا القميص؟ طيب 2 لقد لبس قميص 2 بدلًا من قميص الرؤية الوطنية! إن هناك على الصدر مجموعة من الإشارات ولو أُفسرها لكم لبكيتم".