تصدعات الشرق الأوسط.. كواليس تصعيد الحرب في غزة بشكل غير مسبوق
تصاعدت الحرب في غزة بشكل غير مسبوق
لو كانت حرب غزة هذه مثل كل الحروب الأخرى، لكان من المحتمل أن يكون وقف إطلاق النار ساري المفعول الآن، ففي الصراعات السابقة كان يتم دفن الموتى، وستتجادل إسرائيل مع الأمم المتحدة حول كمية الأسمنت التي يمكن إدخالها إلى غزة لإعادة البناء، لكن هذه الحرب ليست كذلك.
تصدع الأزمات في الشرق الأوسط
وأكدت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، أن الصراع هذه المرة لا يرجع السبب في ذلك فقط إلى هجوم حماس أولاً في 7 أكتوبر وأغلبها من المدنيين الإسرائيليين، ثم أعقبها "الانتقام الجبار" الذي تمارسه إسرائيل، كما وصفه رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، والذي أدى في الغالب إلى مقتل مدنيين فلسطينيين.
وتابعت: إن هذه الحرب تختلف عن الحروب الأخرى لأنها تأتي في وقت تتداعى فيه خطوط الصدع التي تقسم الشرق الأوسط، على مدى عقدين من الزمن على الأقل، كان الصدع الأكثر خطورة في المشهد الجيوسياسي الممزق في المنطقة هو بين أصدقاء وحلفاء إيران، وأصدقاء وحلفاء الولايات المتحدة.
وأضافت: أن جوهر شبكة إيران، التي تسمى أحيانا "محور المقاومة"، تتكون من حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، وميليشيات عراقية متنوعة تسلحها وتدربها إيران، كما دعم الإيرانيون حماس والجهاد الإسلامي في غزة، وتقترب إيران أيضًا من روسيا والصين وأصبحت إيران جزءاً مهماً من المجهود الحربي الروسي في أوكرانيا وتشتري الصين كمية كبيرة من النفط الإيراني.
وأشارت إلى أن أمد الحرب طال في غزة، وكلما قتلت إسرائيل المزيد من المدنيين الفلسطينيين ودمرت عشرات الآلاف من المنازل، كلما تعاظم خطر نشوب صراع بين بعض أعضاء هذين المعسكرين.
انتقال الصراع
وأكدت الإذاعة البريطانية، أن الحدود بين إسرائيل ولبنان تسخن ببطء وثبات، فلا إسرائيل ولا حزب الله يريدان حرباً واسعة النطاق، ولكن مع تبادل الضربات القوية على نحو متزايد، فإن مخاطر التصعيد غير المنضبط سوف تنمو.
ويطلق الحوثيون في اليمن صواريخ وطائرات مسيّرة باتجاه إسرائيل، وقد تم إسقاطها جميعاً، حتى الآن، بواسطة الدفاعات الجوية الإسرائيلية أو بواسطة السفن الحربية التابعة للبحرية الأميركية في البحر الأحمر.
وفي العراق، هاجمت الميليشيات المدعومة من إيران القواعد الأميركية، وردت الولايات المتحدة على بعض مواقعها في سوريا. ومرة أخرى، تحاول جميع الأطراف الحد من التصعيد، لكن التحكم في وتيرة العمل العسكري أمر صعب دائمًا.
وأضافت الإذاعة البريطانية: أنه في الجانب الأميركي هناك إسرائيل ودول الخليج النفطية والأردن ومصر. تواصل الولايات المتحدة تقديم دعم قوي لإسرائيل، على الرغم من أنه من الواضح أن الرئيس جو بايدن غير مرتاح للطريقة التي تقتل بها إسرائيل هذا العدد الكبير من المدنيين الفلسطينيين، وقد قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، علناً إن عدداً كبيراً جداً من المدنيين الفلسطينيين يُقتلون.
إدانة عربية
وتابعت: إن حلفاء أميركا العرب جميعاً أدانوا ما تفعله إسرائيل ودعوا إلى وقف إطلاق النار، ويثير مشهد مئات الآلاف من الفلسطينيين وهم يفرون من منازلهم في شمال غزة ويسيرون على الطريق الرئيسي جنوبا أشباح انتصار إسرائيل على العرب في حرب الاستقلال عام 1948، وفر أكثر من 700 ألف فلسطيني أو أجبروا على ترك منازلهم تحت تهديد السلاح من قبل الإسرائيليين، في أحداث أشار إليها الفلسطينيون باسم "النكبة"، ويضم أحفاد لاجئي 1948 أغلبية سكان قطاع غزة.
وأضافت: أن الحديث الخطير الذي يطلقه بعض القوميين اليهود المتطرفين الداعمين لحكومة بنيامين نتنياهو عن فرض نكبة أخرى على الفلسطينيين، يثير قلق الدول العربية في المعسكر الأميركي، وخاصة الأردن ومصر، بل إن أحد الوزراء في حكومة نتنياهو فكر في إسقاط قنبلة نووية على غزة للتعامل مع حماس. لقد تم توبيخه ولكن لم يتم إقالته، كل هذا يمكن رفضه باعتباره مجرد هذيان من المجانين، ولكنه يؤخذ على محمل الجد في الأردن ومصر، ليس الأسلحة النووية، التي تمتلك إسرائيل ترسانة كبيرة وغير معلنة منها، ولكن احتمال إجبار مئات الآلاف من الفلسطينيين على عبور حدودهم.
تداعيات فوضوية
أكدت الإذاعة البريطانية، أنه أما بالنسبة للحرب نفسها في غزة، فقد قال دبلوماسيون غربيون كبار من الدول الحليفة لحلفاء إسرائيل لبي بي سي: إن إنهاء الحرب والتعامل مع تداعياتها سيكون "صعبا وفوضويا".
وقال أحدهم: إن "السبيل الوحيد لتحقيق ذلك هو إعادة بناء أفق سياسي للفلسطينيين"، وكانت تلك إشارة إلى قيام فلسطين مستقلة إلى جانب إسرائيل، أو ما يسمى بحل الدولتين، وهي فكرة فاشلة لا تبقى إلا كشعار.