أسباب وتداعيات اعتذار رئيس الحكومة اللبنانية المكلف "أديب"
تزايدت أزمة الوصول إلى توافُق بين الأطياف اللبنانية لتشكيل حكومة تنقذ الأوضاع المتردية في لبنان، مما أدى إلى قرار رئيس الوزراء اللبناني المكلف بتشكيل الحكومة، "مصطفى أديب"، بالتنحي عن منصبه، وذلك لأن "التوافق لم يعد قائمًا" ، قائلًا "إنني أعتذر عن متابعة مهمة تشكيل الحكومة" بعد مساعٍ كثيرة مع الأطراف المختلفة في البلاد ووسط خلافات على توزيع حقائب وزارية، حسب تصريحاته اليوم من قصر "بعبدا" في بيروت.
وجاء إعلان التنحي عن المهمة المكلفة له عقب لقاء مع الرئيس "ميشال عون"، وفشل مساعٍ كثيرة مع الأطراف المختلفة في البلاد ووسط خلافات على توزيع حقائب وزارية.
لبنان يقترب من الدائرة السوداء
ومن جانبه قال "فادي عاكوم"، المحلل السياسي اللبناني البارز، في تصريحات لـ"العرب مباشر": كان متوقعًا أن يتقدم "مصطفى أديب" باستقالته عن تشكيل الحكومة، بسبب الضغوط التي واجهته من الثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل، اللذين أصرا على حقيبة وزارة المالية وتسمية الوزراء الشيعة دون أي استثناء، بمخالفة صريحة لما تم التوافق عليه مع الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون"، خلال اجتماعه مع جميع الفرقاء السياسيين، هذا الاعتذار كان متوقعًا منذ الأسبوع الماضي، وترك وقتها الباب مواربًا، بانتظار حلول.
واستطرد "عاكوم"، أن المبادرات التي تم طرحها أيضًا خلال الفترة الماضية تم رفضها بالكامل، بينها الطرح الذي قدمه رئيس الحكومة الأسبق "سعد الحريري" لفتح المجال أمام الحلحلة، بموافقته دون باقي رؤساء الحكومات السابقين على أن يكون وزير المالية شيعيًّا، ولكن يختاره "أديب" من حزمة أسماء أو على الأقل يقدم حزب الله بعض الأسماء المستقلة لكن هذا الأمر رفض، مردفًا: "رفضت أيضًا مبادرة وليد جنبلاط زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي، ورفضت الضغوط الفرنسية والتسهيلات الفرنسية، لذا يبدو أن الأمور في طريقها إلى المنطقة السوداء، خاصة أن السياسة الأميركية تتجه بقوة نحو لبنان، وبالتالي لبنان ذاهب إلى الجحيم وفقد الفرصة الأخيرة".
خلاف الحقائب الوزارية يُفشِل تشكيل الحكومة
وكان "أديب"، السفير السابق لدى برلين، قد كلف بتشكيل حكومة في 31 أغسطس/ آب. وحاول تشكيل حكومة اختصاصيين في بلد تتقاسم فيه الطوائف المسلمة والمسيحية السلطة وتنقسم الولاءات السياسية على خطوط طائفية.
لكن جهوده لم تكلل بالنجاح بسبب خلاف على الحقائب الوزارية خاصة وزارة المالية التي سيكون لمن يقودها دور حيوي في وضع برنامج لانتشال لبنان من الأزمة الاقتصادية الطاحنة.
ومع تزايُد الدين العامّ، أصيبت المصارف اللبنانية بالشلل وتراجعت قيمة العملة المحلية تراجعا حادًّا.
وتعثرت هذا العام محادثات مع صندوق النقد الدولي بشأن حزمة إنقاذ ضرورية. وستكون أول مهمة لدى الحكومة الجديدة بعد تشكيلها استئناف تلك المفاوضات.
تنحى "مصطفى أديب" عن تشكيل الحكومة
وبعد الاجتماع بالرئيس "ميشال عون"، قال "أديب"، وهو سني بموجب نظام المحاصصة الطائفية "مع وصول المجهود لتشكيل الحكومة إلى مراحله الأخيرة، تبين لي بأن هذا التوافق الذي على أساسه قبلت هذه المهمة الوطنية في هذا الظرف الصعب من تاريخ لبنان لم يعد قائمًا، "وبما أن تشكيلة بالمواصفات التي وضعتها باتت محكومة سلفًا بالفشل، وحرصًا مني على الوحدة الوطنية بدستوريتها وميثاقيتها، فإني أعتذر عن متابعة مهمة تشكيل الحكومة، متمنيًا لمن سيتم اختياره للمهمة الشاقة من بعدي وللذين سيختارونه كامل التوافيق في مواجهة الأخطار الداهمة المحدقة ببلدنا وشعبنا واقتصادنا".
حزب الله وحركة أمل يدخلان لبنان في نفق مظلم
ووصل تشكيل الحكومة إلى طريق مسدود بسبب مطالبة الجماعتين الشيعيتين الرئيسيتين، حركة أمل وحزب الله، بتسمية عدد من المناصب في الحكومة منها حقيبة المالية، وهو منصب كان يشغله شيعي.
وعقد "أديب" عدة اجتماعات مع سياسيين شيعة بارزين لكنه أخفق في التوصل لتوافُق حول كيفية اختيار وزير المالية. وقال سياسيون: إن القيادات الشيعية خشيت من التهميش مع سعي أديب لإحداث تغيير في التعيينات الوزارية، والتي ظل بعضها حكرًا على نفس الطائفة لسنوات.