أهداف خفية وأغراض استغلالية.. ماذا وراء زيارة أردوغان لقطر اليوم؟
في مخالفة فجة لكافة الإجراءات الوقائية المتبعة بالعالم أجمع، وبينما يتفشى ببلادهم فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19" بطريقة لم تتوقف حتى الآن، إلا أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مستمر في مخالفاته لكافة القوانين والقواعد الدولية، بزيارته اليوم للدوحة.
ويزور أردوغان، اليوم، في أول رحلة للخارج منذ بدء تفشي كورونا، دولة قطر، في خضم التطورات المتلاحقة بالمنطقة، وخاصة في ليبيا وسوريا وعمليات تركيا بشمال العراق.
البيان التركي
ونشرت دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، الأربعاء، بيانا يفيد بأن الرئيس أردوغان سيلتقي خلال الزيارة التي تستغرق يوما واحدا مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، و"من المتوقع أن يبحث أردوغان وآل ثاني العلاقات بكافة جوانبها بين البلدين الشقيقين والصديقين".
وأضاف البيان أن "الرئيس التركي سيتبادل مع أمير قطر وجهات النظر بشكل موسع حول القضايا الإقليمية والدولية، وسيبحث أمير قطر مع الرئيس التركي العلاقات الاستراتيجية بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها، وأبرز التطورات الإقليمية والدولية".
تمويلات الإرهاب
أثارت تلك الزيارة جدلا ضخما بالأوساط العالمية، حيث أكد مراقبون أن الرئيس التركي يسعى من خلال لقائه بأمير قطر إلى الحصول على تمويلات للحروب التي يشنها في كافة الجبهات في المنطقة العربية مثل العراق وليبيا وسوريا، وضخ المزيد من الأموال لكسب غطاء لتلك العمليات الإرهابية الأخرى، حيث باتت العلاقة بين الدولتين معروفة عالميا بكونها قائمة على فكر دعم الجماعات المتطرفة وتمكينها في كافة أنحاء العالم.
نوايا خفية
ومازالت تلك الزيارة المفاجئة في وقت تفشي كورونا محط تساؤل عالمي كبير، والتي بالتأكيد تخفي نوايا غريبة ومصالح إرهابية، حيث رجح مراقبون دوليون عدة توقعات بشأنها، بين حصول أردوغان على المزيد من الأموال لمد جمعياته الإرهابية في أوروبا التي ظهرت بشكل واضح مؤخرا، أم لرغبته في إعلان قطر ولاية عثمانية جديدة بهذه الزيارة، مؤكدين أن الرئيس التركي لا يشعر بالأمان في قطر حيث أحضر معه قواته التركية الخاصة لتأمين شوارع الدوحة.
بينما ذهب آخرون لتوقع أن تنجم عن هذه الزيارة نتائج سلبية في مناطق الصراعات بسبب التاريخ الإجرامي لكل من حكومة تميم وأردوغان لدعمهم للإرهاب في تلك المناطق مثل ليبيا.
تغريدات حمد
وربط البعض بين تلك الزيارة وسلسلة التغريدات المثيرة للجدل التي ينشرها حمد بن جاسم، رئيس وزراء قطر الأسبق، التي يهاجم فيها أميركا بشكل مفاجئ، ويؤكد أن الولايات المتحدة هي الخاسر الأكبر إذا فكرت في سحب قاعدتها العسكرية من العديد، ما يعني أن ذلك لن يشكل فرقا لديهم، حيث إن بديل واشنطن بات بالنسبة لهم هي أنقرة.
وكتب حمد بن جاسم: "كما ستخسر الولايات المتحدة مزايا مبيعات الأسلحة المتفوقة وقوة شركاتها المختلفة التي تستمدها من القوة الأميركية العسكرية، فحين تنسحب القوة العسكرية الأميركية من الدول التي توجد فيها ستتبعها تلك الشركات، لأن كثيراً من الدول تحسب حسابا لأميركا بسبب قوتها العسكرية على النطاق العالمي".
وفي تغريدة أخرى، قال: "وكما علمنا التاريخ فإن قواعد اللعبة تتغير تغيراً كبيراً كلما حدث انسحاب للقوة العالمية. ومثال ذلك القوة العسكرية البريطانية التي كانت لا تغيب الشمس عن قواعدها في العالم وكانت تجني الكثير من المصالح بفضلها، اليوم نرى كيف تتقطع أوصال الجزيرة البريطانية بعد انسحابها وأفول شمسها".
وتابع: "وعندها سيكتشف الساسة في أميركا أنهم فقدوا الكثير من المزايا السياسية والعسكرية والاقتصادية بسبب منظورهم الضيق، فالدولار الأميركي، وهو الآن عملة العالم الدولية، سيفقد هذه المكانة، فإنها ستفقد أميركا قوتها العالمية التي كانت تجلب لها الكثير من المزايا الاقتصادية والمالية المباشرة وغير المباشرة، ومما لا شك فيه أن دولاً مثل الصين وروسيا والهند مستقبلاً ستملأ هذا الفراغ".
خطر على أوروبا
فيما أوردت صحفية "ذا ناشيونال" في تقريرها أن تركيا وقطر تتبنيان أفكارا إخوانية وتحاولان نشرها في أوروبا، ما يشكل خطرا على القارة والمسلمين فيها، واتهمت أنقرة بتمويل المتطرفين بدعم من الدوحة التي ترتبط بنفس الأيديولوجية الإخوانية التي ترتبط بالعنف والتعصب، وتحاول نشرها في جميع أنحاء العالم.
وأشارت الصحيفة إلى أن البرلمان الهولندي حذر من انتشار التمويل التركي والقطري داخل المنظمات الدينية في البلاد بهدف تنفيذ أجندة إخوانية.
كما أكدت صحيفة "إكسبريس" البريطانية وجود عدة عواقب من ارتفاع التمويلات المالية من تركيا وقطر للمنظمات الدينية في أوروبا، من خلال بعض المؤسسات الخيرية في الشرق الأوسط، ونددت بمحاولة أردوغان استغلال الجالية التركية في أوروبا، والتي تعتبر كبيرة العدد مقارنة بجاليات الدول الأخرى.
ونقلت عن تقرير وزارة الدفاع الأميركية الصادر في نهاية عام 2019، أن قطر من خلال تركيا زادت الدعم المادي واللوجيستي للهيئة، كما نقلت المجلة اعترافات زعيم تنظيم النصرة الملقب بأبي منصور المغربي الذي ألقي القبض عليه في العراق، مشيرة إلى دعوى قضائية ضد مصرف قطر الإسلامي، لجمعه تبرعات للإرهابيين رفعها المصور الأميركي ماثيو شرير بعد هروبه من الأسر لدى الهيئة، كما قامت قطر بدفع فدية طالبت بها هيئة تحرير الشام لإطلاق سراح مصور أميركي هو ثيو كيرتس عام 2012، وفدية أخرى مقدارها 16 مليون دولار لإطلاق سراح 13 راهبة اختطفتهم الهيئة عام 2014، وأكثر من مليون دولار لإطلاق العديد من الأسرى.
كما أكدت تمويل قطر جماعات إرهابية أخرى، في كل من فلسطين وليبيا بدعم من تركيا وتقديمها مساعدات مالية وأسلحة لحركة الشباب الصومالية.
حلفاء الشر
وأكد جودت كامل، المحلل السياسي التركي، أنه منذ عدة أعوام بدأت أنقرة التقرب إلى قطر، وهو ما ازداد بشدة مع المقاطعة العربية للدوحة، حيث فقدت تركيا أصدقاءها بالشرق الأوسط بسبب ممارساتها وانتهاكاتها، وهو ما انعكس على اقتصادها وتسبب في انهيار اقتصادي وتراجع بالسياحة والاستثمار والعقارات التي انسحبت من البلاد.
وأضاف كامل أن تركيا بعد ذلك باتت بحاجة ماسة لتمويل اقتصادها، لذلك اتجه أردوغان نحو تميم من أجل مصالح قوية، ويقال إنه في ديسمبر 2013 كانت هناك أكبر عملية غسيل أموال لأفراد أسرة أردوغان، وإخراجها من البلاد بشكل غير قانوني ونقلها إلى قطر، ويظهر مدى العلاقات المشبوهة بين البلدين، بينما بادر تميم بإدخال أموال مجهولة المصدر لدعم الاقتصاد التركي ومنع انهياره ونسب تلك النجاحات لأردوغان.
وأشار إلى أن تركيا تحتاج إلى المال حاليا وذهبت إلى أميركا التي رفضت دعمها، لذلك اتجهت للصين واستبدلت أموالها بالليرة، والآن اتجه أردوغان لقطر والتي تستجيب لمطالبه، لحل المشاكل الضخمة، من خلال تلك الزيارة.
وأوضح كامل أن أردوغان يهدف من تلك الزيارة أيضا لغرض آخر حيث يجري تجارب عديدة حاليا لتطوير الأسلحة، وتجربتها في قطر، والاستفادة من الدوحة على أكمل وجه، فضلا عن استغلال أموال تميم لدعم الجماعات الإرهابية بأوروبا والقنوات الإخوانية بأنقرة.