الموت جوعًا أو بـ"كورونا" يحاصر العاملات الأجنبيات في تركيا
من قبل تفشي وباء كورونا في جميع أنحاء العالم ويعاني الاقتصاد التركي من انهيارات متتالية، أثرت على جميع مناحي الحياة وجميع الطبقات في المجتمع التركي، الطبقة الفقيرة أصبحت لا تجد قوت يومها، وكذلك الطبقة المتوسطة والبعض من الطبقات الغنية فقدوا كثيرًا من مصادر دخلهم، وجاء تفشي "كورونا" كوفيد 19، ليزيد الأمر صعوبة ويضعف الاقتصاد التركي بشكل غير متوقع أدى لأزمات طاحنة تضرب جميع القطاعات وتسبب في إفلاس آلاف الشركات وتسريح ملايين الموظفين وسط توقعات بزيادة الأوضاع سوءا مع ظهور تقارير تؤكد أن التخلص من فيروس كورونا لن يكون سهلًا وسيمتد فترة طويلة كفيلة حسب توقعاتهم بحدوث انهيار تام في الاقتصاد التركي، فئات عديدة تأثرت بالظروف الاقتصادية وكان أبرزها طبقة العمالة المنزلية وعمال الخدمات ومعظمهم من الفلبين وإثيوبيا وسريلانكا الذين تم طردهم من أعمالهم بعد عجز الأسر التركية عن الوفاء برواتبهم نتيجة تسريح الموظفين.
خبراء: حتى إذا اختفى كورونا الركود الاقتصادي في تركيا سيستمر لسنوات
تقول صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، إن تفشي فيروس كورونا في تركيا جاء في وقت يحاول نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الخروج من المأزق الاقتصادي الذي استمر لسنوات، ليهدم آمال الانتعاش الاقتصادي مهددًا بأزمة غير مسبوقة ستضرب أنقرة ولن يصمد أمامها نظام أردوغان بسهولة.
وقالت الصحيفة إن الخيارات تبدو محدودة جداً أمام الرئيس التركي للتحرك من أجل تجاوز الكارثة الاقتصادية الوشيكة، والتي تتعدد أوجهها من الارتفاع المهول في البطالة وعدم استقرار العملة، وصولاً إلى انهيار القطاع السياحي الذي يعد أحد أهم مجالات النشاط الاقتصادي التركي.
إصرار أردوغان على الرفع التدريجي للقيود الاحترازية الموضوعة لاحتواء تفشي الوباء يأتي خوفًا من ثورة جياع تأكل الأخضر واليابس، خبراء الاقتصاد أكدوا للصحيفة أنه حتى في حالة رفع القيود الاحترازية بشكل كامل، فستشهد تركيا ركودًا مؤلمًا في السنوات المقبلة .
وتشير الصحيفة إلى أن الأمر قد يجبر أردوغان على اللجوء إلى أحد الخيارات القليلة المتبقية أمامه والتي رفضها بصرامة في السابق وهي اللجوء إلى صندوق النقد الدولي.
مخدومتي رفضت أعطائي مستحقاتي وألقتني في الشارع دون رحمة
تقول مليكة، عاملة سريلانكية، أعيش حاليًا في الشوارع دون راتب منذ 3 شهور، وأنتظر بفارغ الصبر عودة رحلات الطيران لأعود إلى بلادي، مضيفة، طردت من المنزل الذي كنت أعمل به بعد فصل ربة المنزل من عملها وبقائها في المنزل بشكل دائم، فأخبرتني أن لا حاجة لوجودي الآن، رغم احتمالي لتأخر راتبي عندها لمدة 5 شهور بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، وعندما طالبتها براتب الشهور الخمسة، هددتني بالاتصال بالشرطة وأخبرتني أنها ستخبرهم أنني أخذت مستحقاتي كاملة.
وتابعت، ذهبت لقنصلية بلادي للتدخل فوجدت الأمر هناك في غاية الفوضى، فعدد العاملات المتضررات بالمئات، وبعضهم يفترش أمام القنصلية حتى يعود إلى بلادنا خاصة مع خطورة البقاء في الشوارع مع تزايد أعداد المصابين بفيروس كورونا بشكل هائل.
وأضافت مليكة، أعاني ويعاني أهلي في السنوات الأخيرة، بسبب تدهور الاقتصاد التركي، الذي صاحبه انهيار شديد في قيمة الليرة التركية وشح في وجود الدولار، الأتراك رفضوا دفع رواتبنا بالدولار لصعوبة العثور عليه، فاضطروا لدفع رواتبنا بالليرة التركية المنهارة مما جعل محاولاتنا لتحويلها إلى دولار عملية فاشلة وتسببت في خسائر كبيرة حيث نرسل معظم رواتبنا إلى أسرنا في بلادنا وهذا هو الهدف من سفرنا من البداية.
منظمات حقوقية: القانون لا يحميهن.. ويعطي سيطرة كاملة لأصحاب العمل
منظمات حقوقية وناشطون أكدوا أن ظاهرة تسريح العمالة الأجنبية وإعادتهم للمؤسسات التي استقدمتهم أمر تفاقم بشكل كبير قبل تفشي كورونا، ومع تداعيات تفشي الفيروس تضاعف عدة مرات في فترة قليلة، بسبب عجز معظم الأسر عن دفع رواتب الخادمات حتى بالليرة التركية لفقدان مئات الآلاف من الأتراك أعمالهم ورواتبهم.
وقامت المنظمات الحقوقية بعدة حملات للحفاظ على حقوق العاملات خاصة أن القانون المتبع في تركيا لا يمنحهن أي ضمانات لحقوقهن، ويعطي أصحاب العمل سيطرة كاملة عليهن بشكل يجعلهن عرضة لكل أشكال الاستغلال وسوء المعاملة مقابل رواتب ضئيلة تتراوح بين 150 دولاراً و400 دولار.
حيث زادت مؤخرًا الشكاوى المقدمة منهن بعد أن وجدن أنفسهن في الشوارع دون الحصول على مستحقاتهن لعدة شهور.
سفارتنا ترفض استقبالنا.. والأمن يأمرنا بالبقاء في الشارع حتى عودة رحلات الطيران
في السياق ذاته، تقول عاملة إثيوبية تقف أمام مبنى السفارة الإثيوبية في أنقرة، أحاول الدخول إلى مبنى السفارة منذ 9 أيام، ويرفض الأمن دخولي بسبب اكتظاظ المكان المخصص لاستضافة الرعايا مع وعود بتنظيم رحلات طيران لعودتهم إلى بلادهم.
وأضافت، مخدومتي أخذتني حتى باب السفارة وأخبرت الأمن أنها غير قادرة على دفع راتبي، وإنها حاولت التواصل مع المكتب الذي استقدمها ولكنه أغلق بسبب الظروف الاستثنائية، فأخبرت رجل الأمن أنني لم أتلق راتبي منذ 7 شهور فنصحني بالذهاب إلى الشرطة ثم عاد وأخبرني أن الأفضل أن أنتظر حتى أعود إلى بلادي فالقضاء والشرطة لن ينصفوني بسبب عدم وجود دليل على عدم أخذي لمستحقاتي.
وبالحديث مع مخدومتها، أكدت أنها بالفعل لم تقبض راتبها منذ فترة طويلة، قائلة " العثور على الدولارات أصبح أمرًا صعبًا، فلتعد إلى بلادها وعند تحسن الظروف سأرسل لها مستحقاتها".