ذكرى احتجاجات تشرين.. شباب العراق: ثورة سرقتها ميليشيات إيران
يقطع مروان كاظم 30 عاما نحو 200 كيلومتر كل أسبوع للذهاب إلى مستشفى الكفيل في محافظة كربلاء، لتلقي العلاج، بعد نحو تسعة أشهر على إصابته بطلق ناري في رقبته.
كاظم واحد من مئات المحتجين الذين أصيبوا في احتجاجات العراق الأخيرة التي انطلقت في الأول من أكتوبر 2019.
عندما انطلقت الاحتجاجات، لم يكن العراقيون يعتقدون أنها ستكون بهذا الحجم. كانت التوقعات تشير إلى أنها احتجاجات ساعات أو أيام ومن ثَمَّ تنتهي، حتى حدثت "الثورة"، وفقًا للتسمية التي يفضلها المحتجون.
مطالب ثورة العراق 2019
كان الخامس والعشرون من أكتوبر 2019 يوم البداية الحقيقية للاحتجاجات، الأيام الأولى من ذلك الشهر شهدت احتجاجات متقطعة وصِدامات مع القوات الأمنية لكن المحتجين أوقفوا نشاطهم "احترامًا" لزيارة أربعينية الإمام الحسين.
رفع المحتجون العراقيون في احتجاجاتهم التي انطلقت في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب شعارات تتعلق بالبطالة والخدمات والتوظيف لكنها تطورت في ما بعد مع اشتداد استخدام القوة المفرطة من قِبل القوات الأمنية، ووصلت إلى المطالبة بإسقاط النظام. وراحت رقعة الاحتجاجات تتسع، وأخذت تنضم إليها أسر بكاملها.
بدأ سقوط القتلى والجرحى منذ اليوم الثاني في بغداد عندما سقط المتظاهر ياسر علي في ساحة التحرير. واكتفى رئيس الحكومة العراقية حينذاك عادل عبد المهدي بتشكيل لجنة لاستقبال طلبات المتظاهرين، لكن ذلك لم يكن كافيًا ولم يخفف من الغضب الشعبي.
إيران والتشكيك في أحلام شباب العراق
تعرضت الاحتجاجات إلى حملات "تسقيط". اتهم المتظاهرون بأن الولايات المتحدة الأميركية ودول خليجية تحركهم. وراح إعلام السلطة والإعلام الممول من إيران يروج لمثل هذه الاتهامات ويشكك بالاحتجاجات وبالمشاركين فيها، أما الإعلام الأميركي والخليجي فكان متفاعلاً معها بشكل إيجابي.
لم تكن أهداف ومطالب المحتجين واضحة، وكان تكتيكهم قائمًا على السيطرة على ساحات والتمركز فيها، وواجهتهم القوات الأمنية بعنفها المفرط.
سيطر المحتجون على ساحتَيْ التحرير والخلاني وكذلك جسري الجمهورية والسنك وسط بغداد، وهي مساحات قريبة من المنطقة الخضراء الحكومية، بينما حصلت عمليات كر وفر على جسر الشهداء.
ومع ازدياد الاعتداءات على المحتجين من قِبل القوات الأمنية و"القناص المجهول" وارتفاع أعداد القتلى حتى بداية الأسبوع الأول من نوفمبر إلى أكثر من 100 قتيل، بدأت المطالبة بإقالة رئيس الحكومة عادل عبد المهدي.
لم يهتم عبد المهدي بأصوات المحتجين ولم يلتفت إلى هذا المطلب حتى بدأ ممثل المرجع الديني الأعلى "علي السيستاني" بالتلميح ومن ثم التصريح بالاستقالة، فأعلن في الثلاثين من نوفمبر استقالته.
الثورة لم تحقق أهدافها
"لم تحقق الثورة نتائجها حتى الآن على المستوى السياسي والخدمي والإصلاحي، بل حققت طفرة نوعية في وعي العراقيين لمواجهة الظلم"، يقول المتظاهر الجريح مروان كاظم.
لا يرى كاظم أثناء حديثه لـ"العرب مباشر"، في التغيير الحكومي الذي جرى في العراق تغييرًا حقيقيًا، رغم أن الحكومة الجديدة تدعي أنها خرجت من رحم التظاهرات الشعبية.
ويقول "حكومة مصطفى الكاظمي لا تمثل المتظاهرين، ولم تخرج من قلب التظاهرات، وهي حكومة جاءت بتوافق سياسي من الأحزاب التي خرجنا ضدها.
تطايُر أحلام شباب العراق
يتفق سامر تركي، وهو أحد المشاركين في الاحتجاجات، مع ما ذهب إليه كاظم، ويعتقد أن الاحتجاجات ما زالت مستمرة ولم تنتهِ لأنها لم تحقق نتائجها. "نحن نعرف جيدًا أن النتائج لا تظهر بسهولة وفي وقت قصير، بل هي عملية تراكمية".
ويضيف سامر في حديثه لـ"العرب مباشر "من يعتقد بأن مطالبنا تحققت بتشكيل حكومة الكاظمي واهم، لأننا لا نؤمن بوجود حكومة يزكيها ويتوافق عليها من خرجنا ضده، نحن أردنا قانون انتخابات عادلاً، وهذا لم يحدث، أردنا محاسبة قتلة المتظاهرين، وهذا لم يحدث، أردنا محاسبة الفاسدين، وهذا لم يحدث، أردنا إنهاء السلاح والميليشيات، وهذا لم يحدث".
ويتابع تركي، "نحن لا نرتبط بحكومة الكاظمي، ولا يمكن أن نقول عنها إنها حكومة متظاهرين رغم وجود عدد قليل من المتظاهرين الذين يعملون بالقرب من الكاظمي، لكن هؤلاء لا يمثلون التظاهرات".
آلاف المحتجزين وعجز الكاظمي
ويقول معاذ مشاري: "أردنا قانون انتخابات عادلاً، وهذا لم يحدث. أردنا محاسبة قتلة المتظاهرين، وهذا لم يحدث. أردنا محاسبة الفاسدين، وهذا لم يحدث. أردنا إنهاء السلاح والميليشيات، وهذا لم يحدث".
ويتابع "مشاري"، وهو أحد أبرز المحتجين، لـ"العرب مباشر"، "هناك قتلى وجرحى ومختطفون على يد ميليشيات وأطراف رافضة للاحتجاج لكن لا حكومة عادل عبد المهدي ولا حكومة الكاظمي عملت للكشف عن هذه الأطراف".
ويضيف: "نحن سنخرج للمطالبة بإسقاط النظام، ولا نريد استبدال الحكومة، لأننا نعتقد بأن هذا النظام الفاسد لا يمكن أن ينتج حكومة تخدم الناس".
تحذيرات ذكرى تظاهرات العراق
اليوم ومع مرور الذكرى السنوية الأولى لأبرز احتجاجات في تاريخ العراق الحديث، يحضر الشباب العراقيون خطة يرفعون من خلالها سقف مطالبهم.
كاظم ومشاري وتركي يؤكدون أنهم سيذهبون للمطالبة بإقالة حكومة الكاظمي وإسقاط النظام الحالي ما لم تتحقق مطالبهم.
ستكون تظاهرات الأول من أكتوبر 2020 وفقًا للمحتجين تذكيرًا بالمطالب وستوجه تحذيرًا للحكومة، أما الحشد الكبير فسيخرج في الخامس والعشرين من ذات الشهر لإعادة زخم الاحتجاجات.