كورونا يكشف انتهاكات طهران.. إعدام وتفشٍّ للفيروس داخل السجن الإيرانية

كورونا يكشف انتهاكات طهران.. إعدام وتفشٍّ للفيروس داخل السجن الإيرانية
صورة أرشيفية

في خلال أسابيع قليلة، تحولت إيران لأسوأ بؤر فيروس "كورونا" المستجد "كوفيد-19"، في الشرق الأوسط، بعد إصابة الآلاف به ووفاة آخرين بصورة متسارعة، حيث وصل الأمر لمسؤولين كبار بالدولة، ما أظهر مدى فشل السلطات وتردي الجهاز الصحي لديهم.

بؤرة الفيروس

تفشى فيروس كورونا بشكل كبير في إيران، لدرجة أنه يصيب 50 شخصاً كل ساعة، بينما يقتل إيرانياً واحداً كل 10 دقائق، وفقاً للبيانات الرسمية، ليصل عدد الوفيات اليوم إلى 4869 حالة، بينما العدد الإجمالي لحالات الإصابة بالمرض بلغ 77995 حالة، وأثر انتشار المرض على الاقتصاد بشدة، تحت وطأة العقوبات الأميركية.

بينما كشفت تقارير مراكز أبحاث إيرانية أن الأعداد الحقيقية للفيروس تفوق المعلنة من وزارة الصحة، حيث تضمنهم أحدثهم اليوم أن التقديرات تشير إلى أن عدد الوفيات التي لم تسجل يزيد 0.8 مرة عن الرقم الرسمي، وعدد حالات الإصابة الفعلي ربما يزيد من ثماني إلى عشر مرات عن العدد الرسمي.

إجراءات سيئة

ورغم ذلك التفشي إلا أن إيران لم تفرض حتى الآن إجراءات الحظر الكامل أو تسير على النهج الصحيح المتبع داخل غيرها من البلدان، بينما ما زال المحال والأضرحة متاحة للمواطنين، ما سمح لفيروس كورونا بحصد الكثير من أرواح المواطنين في البلاد، ولم يسلم منها أيضاً المسؤولون رفيعو المستوى بمن فيهم المسؤول عن مواجهة الفيروس بالحكومة، وهو ما يثبت عدم وجود خبرة كافية بالدولة.

وأصيب عدد من المسؤولين رفيعي المستوى بالفيروس منهم رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني مجتبى ذو النور بفيروس كورونا المستجد "كوفيد-19"، بالإضافة إلى إيرج حريرجي، نائب وزير الصحة ورئيس لجنة مكافحة كورونا، ومعصومة ابتكار، نائبة الرئيس الإيراني لشؤون المرأة.

بينما توفي الدبلوماسي والسياسي الإيراني ورجل الدين، ورئيس مكتب رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة السابق، سيد هادي خسروشاهي، بعد إصابته بفيروس كورونا القاتل في مدينة قم، وخضوعه للعلاج منذ أيام في أحد مستشفيات طهران، بالإضافة لوفاة هاشم بطحائي، العضو بمجلس خبراء القيادة.

كما أكدت وسائل إعلام إيرانية أن نائباً في البرلمان فاز في الانتخابات التي أجريت يوم 21 فبراير بسبب كورونا، بالإضافة لإعلان إصابة حفيد مرشد إيران علي خامئني بالفيروس القاتل، ونجل صهر ومستشار المرشد الإيراني، ومحمد مير محمدي العضو في المجلس بفيروس كورونا، الذي توفيت والدته بالأمس في مدينة قم نتيجة إصابتها بالفيروس، وهي شقيقة المرجع الديني موسى شبيري زنجاني الذي يخضع للحجر الصحي بعد وفاة المسؤول التنفيذي والمالي في مكتبه جرَّاء الإصابة بالفيروس، فضلاً عن إعلان وزير الخارجية الإيراني السابق علي أكبر ولايتي إصابته بالفيروس.

الفيروس يفتك بالسجون

وفي ظل ذلك التفشي الضخم لم تسلم منه أيضاً السجون الإيرانية، التي شهدت موجة من التمرد بين المساجين بسبب ظهور حالات إصابة بينهم، حيث إنه بنهاية الشهر الماضي شهد سجن مدينة سقز، بمحافظة كردستان، غرب البلاد، هروب 80 فرداً، بينما منحت السلطة القضائية إجازة لحوالي 85 ألفاً من مجموع أكثر 280 ألف سجين بسبب كورونا، لكنها استثنت أغلب السجناء السياسيين.

وكشفت مصادر محلية عن وجود تعليمات سرية لمركز القيادة والسيطرة لقوى الأمن الداخلي التابعة للولي الفقيه لعموم مراكز الشرطة والمخافر لقمع أي احتجاج وأعمال شغب في السجون، ومنع وقوع أي فوضى وأعمال أمنية تخريبية في السجون من خلال اتخاذ الإجراءات والتدابير الوقائية اللازمة.

وثيقة مسربة

بينما نشرت لجنة الأمن ومكافحة الإرهاب التابعة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، وثيقة تتضمن انتهاكات قوى الأمن الداخلي في طهران، حيث تنص على أنه "من: مركز القيادة والسيطرة، إلى: وحدة شؤون (كوب) بمراكز الشرطة والمخافر، الموضوع: أوامر اليقظة حول احتمال وقوع أعمال شغب والفوضى في سجون البلاد".

وشملت: "فادت مديرية عمليات (ناجا) أنه في الوقت الذي تم فيه الإعلان الرسمي عن تفشي فيروس كورونا في البلاد، أدت عدة عوامل إلى أعمال شغب واشتباكات في بعض سجون البلاد، يمكن الإشارة إلى أهمها وهي دعوة أطلقها معارضون ومعادون للثورة موجهة لأسر السجناء إلى التجمع، ونشر أخبار تفشي فيروس كورونا على نطاق واسع، وأخبار عن نقص في المعدات الصحية، وشائعات عن استخدام النظام للقوة لتصفية المدانين السياسيين والأمنيين جسديًا، وتحريض السجناء للاحتجاج على الوضع الصحي، وما إلى ذلك".

ونصت على أنه: "من ناحية أخرى، حاول القضاء حسب الظروف الراهنة في البلاد، الحد من خطر الإصابة بالفيروس من خلال اتخاذ التدابير اللازمة، مثل توفير المستلزمات الصحية داخل السجون، ومنح إجازات للسجناء وطلب العفو وتخفيف العقوبة على عدد من المدانين، ورغم الإجراءات المتخذة، قام عدد من السجناء الخطرين الذين لم يتم شمولهم بقرارات الإجازة والعفو، بإثارة التمرد والفوضى وإلحاق أضرار".

وتابعت: "يرجى توجيه وحدة القيادة والسيطرة في هذا المركز ليعكس أي أخبار في هذا الصدد فورًا إلى (ناجا) مع أخذ النقاط التالية بنظر الاعتبار، وفق التدابير التي تم ذكرها في التعليمات، ومن أجل السيطرة وإدارة الأماكن المذكورة ميدانيًا، يتم التأكيد على وضع الوحدات الخاصة الموجودة في المحافظات دون أي قيود تحت السيطرة العملياتية لقيادة قوى الأمن الداخلي في المحافظة، بالإضافة إلى أنه بحسب التعليمات والبيانات الصادرة، يجب القيام بمراجعة خطط العمل الوقائي، وإزالة العيوب الموجودة، واستخدام كافة القدرات في المحافظة، ومجلس الأمن للمحافظة، ووحدة حماية السجون، والقيام بالتنسيق اللازم مع إدارة السجون، فضلاً عن أنه من أجل منع أي مفاجآت، يجب منع وقوع أي اضطراب وعمل يخل بالأمن في السجون وذلك من خلال المراقبة المستمرة للأخبار والمعلومات في الفضاء السيبراني والفضاء الحقيقي، والعمل الاستخباري عن طريق اتخاذ التدابير اللازمة والإجراءات الوقائية الرادعة".

إعدام بالرصاص

من ناحيتها أكدت المقاومة الإيرانية أن هذه الوثيقة هي مثال على القمع والجريمة وانتهاك جميع القوانين الإنسانية والقانون الدولي في سجون خامنئي، والتي تسلط الضوء أيضاً على مخاوف النظام من تأكيدات المقاومة الإيرانية لضرورة الإفراج عن السجناء في مواجهة خطر كورونا ودعوة رئيس المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية الموجهة للمواطنين لإيواء السجناء وعزلهم صحيًا ومعالجتهم.

وأشارت إلى أنه منذ 21 مارس الماضي، وحتى الآن طلب السجناء في سجون أليكودرز وتبريز وسقز وهمدان ومهاباد وشيراز (عادل آباد) والأحواز (سجني شيبان وسيبيدار) وبتقديم عشرات الشهداء ومئات الجرحى والمكدومين، الحد الأدنى من حقوقهم، وحقهم الأساسي في الحياة في مواجهة كورونا، إلا أن النظام لم يرد عليهم سوى بالرصاص والإعدام، وفي 11 أبريل الجاري تم إعدام السجين العاصي مصطفى سليمي في سجن سقز، بدعوى أنه كان أحد المخططين والقادة الرئيسيين في الفرار من سجن سقز في 27 مارس 2020.

وطالبت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمقاومة الإيرانية، بشدة إلى إرسال بعثة دولية لتقصي الحقائق إلى سجون النظام للاطلاع على وضع السجناء، خاصة المفقودين والمصابين والمرضى.

كما دعت عوائل السجناء وأقاربهم وأصدقائهم إلى متابعة حال هؤلاء السجناء وعدم الغفلة عنهم حتى الإفراج عنهم دون قيد أو شرط، مشددة على أهمية إطلاق النظام لسراحهم جميعاً، من أجل إنقاذهم من كورونا.