محللون يكشفون هل تتحول العراق لولاية إسلامية على يد إيران؟
خلال السنوات الماضية تحوّل العراق تدريجيًا إلى المكان المفضل لتأسيس الميليشيات الإيرانية، فمن حزب الله العراقي لسرايا الخرساني وعصائب أهل الحق وكتائب أبو الفضل وغيرها من الميليشيات المسلحة الإيرانية في سعي إيراني واضح لتحويل العراق لولاية إسلامية تابعة لـ"الملالي"، المخطط الإيراني لتحويل العراق يعتمد على بعض العوامل التي سهلت مهامه داخل بلاد الرافدين، يأتي على رأسها ضعف السيطرة الحكومية الأمنية وقرب البلاد من طهران وسهولة العبث بمقدراتها وانهيار الأوضاع الاقتصادية في العراق مما يسمح بتغلغلها وتوسيع دائرة نفوذها داخل العراق، ووسط مخاوف من سعي النظام الإيراني لتحويل العراق لدولة تابعة للمرشد الأعلى وذراع جديد لما يسمى بالولاية الإسلامية.
العراقيون سيرفضون الدولة الدينية بسبب طبيعتهم الثقافية
يقول دكتور "نزار عبد الغفار السامرائي" المحلل السياسي العراقي ليس هناك من رغبة أو إمكانية لإعلان دولة إسلامية في العراق، فغالبا ما تتم مثل هذه الأحداث في محاولة لفرض الأمر الواقع وإرهاب أي رأي من الممكن أن يشكل خرقًا لمحاولة هيمنة الجماعات العسكرية على القرار في العراق، أحيانًا يكون بشكل مباشر كما في مهاجمة مقر الحزب الديمقراطي، وأحيانًا بشكل غير مباشر عبر مجموعة تصريحات وتغريدات لسياسيين أو أتباع أو جيوش إلكترونية.
وأضاف "السامرائي"، بالمقابل علينا أن نرصد المشهد بالكامل لأن حكومة الإقليم وسياساتهم يحاولون أن يفرضوا توجهاتهم على الآخرين وبذلك فإن ما حدث هو صدام مصالح وتوجهات مختلفة، وهو بكل الأحوال غير مقبول من أي طرف كان لأن العنف لن يولد إلا عنفًا مثله.
وتابع "السامرائي": أساس الخلاف لا يرتبط بتصريحات "زيباري" التي عُدّت مسيئة للحشد الشعبي فقط وإنما تمتد لمواضيع مثل النفط وكركوك والسيطرة على سهل نينوى وصولاً إلى اتفاق سنجار الأخير حيث ترى الأحزاب الشيعية أنه محاولة لإبعاد الحشد الشعبي عن المنطقة وإحلال قوات البيشمركة محله.
وأضاف، أظن أن الأمور بعد مهاجمة مقر الحزب ربما تتطور وتتأزم أكثر لاسيما وأن حكومة "الكاظمي" أثبتت بأنها أضعف من أن تواجه مثل هكذا إعمال أو خلافات قد تصل للتصادم، مضيفًا، بشكل عام ما تعمل عليه الجماعات المسلحة والأحزاب الدينية لا يصل إلى حد فرض شكل الدولة الدينية على العراق لأنه سيواجه بقوة من طبيعة المجتمع البغدادي الثقافية والتي ترسخت عبر مئات السنين، إضافة للتعددية الدينية والإثنية للمجتمع، ونحن نرى حتى في المحافظات الأكثر تزمتًا لم تكن هناك صور لفرض الدولة الدينية والتمتع بشكل من الحرية النسبية، ولكن ما يحدث هو صراع سياسي بين أحزاب وتوجهات مختلفة . ولا دخل لإيران في هذا الجانب.
وإن كانت علاقة إيران بحزب الاتحاد الكردستاني المهيمن على "السليمانية" أكثر قوة من علاقته بالديمقراطي المهيمن على "أربيل" و"دهوك" والقريب من تركيا.
الشعب سيرفض مصطلح "الدولة الإسلامية".. والملالي سيتحايل بتمرير الأفكار تحت اسم مختلف
في السياق ذاته، يقول دكتور مصلح السعدون المحلل السياسي العراقي، منذ دخول تنظيم "داعش" إلى مناطق غرب العراق، ولا تتوقف محاولات إيران من اتخاذ تواجد "داعش" ذريعة لبناء جيش من الميليشيات والفصائل المسلحة الموالية لها على غرار الحرس الثوري.
وأضاف "السعدون": إيران عملت بكل الوسائل لإنشاء حرسها الثوري في العراق، وفعلا نجحت بذلك من خلال تأسيس ما يسمى بالحشد الشعبي والذي أصبح قوة ذات طابع ديني ولائي تابع عقائديا لما يسمى بولاية الفقيه أي للمرشد الأعلى في إيران "علي خامنئي" وقد عبر قادة هذه الفصائل المنضوية تحت مسمى الحشد والذي يعتبر مؤسسة عسكرية حكومية رسمية تبعيتهم لولاية الفقيه والتي أطلق عليها فيما بعد لقب الولائية والتي يقاتل بعض منها في سوريا والآخر منتشر في العراق وبالأخص في المناطق التي كان يتواجد فيها إرهابيو "داعش" وتمكنوا من فرض سيطرتهم على المناطق التي يتواجدون فيها بإخضاع الأجهزة الأمنية والسكان تحت سطوتهم بالترهيب والترغيب.
وتابع السعدون، لذلك نراهم دائما لا يتوانون عن ضرب أي هدف مهما كان مثل البعثات الدبلوماسية والسفارة الأميركية على الخصوص، وقواعد التحالف الدولي وقصف المنطقة الخضراء وآخرها حرق مقر الفرع الخامس للحزب الديمقراطي الكردستاني على إثر تصريحات لعضو مكتب الحزب الوزير السابق "هوشيار زيباري" والتي وجه فيها اتهامات للحشد الشعبي مما فجر غضبا واستنكارا واسعا من قيادات الفصائل والتي توعدت بالرد.
وأوضح "السعدون"، أنه لا يعتقد أن هذه الفصائل ستعلن ما يسمى بالدولة الإسلامية لكن من المحتمل جدًا قيامها بانقلاب عسكري على حكومة "الكاظمي" في المحافظات الوسطى والجنوبية وجانب "الرصافة" من بغداد إذا استمرت الإجراءات التي يتبعها "الكاظمي" في محاولة تحجيم دور هذه الفصائل وإيقاف مصادر التمويل من خلال إجراءات مكافحة الفساد ومنع الهجمات على البعثات الدبلوماسية والمنطقة الخضراء والقواعد العسكرية الأخرى كون مصطلح الدولة الإسلامية مصطلحًا يثير الاشمئزاز في نفوس مكونات الشعب العراقي كافة ولكن من الممكن أن يكون على غرارها باختلاف التسمية.