مقتل عدنان.. جرس إنذار لجرائم اغتصاب الأطفال بالمغرب
"عدنان بوشوف" الطفل الذي يبلغ من العمر 11 عامًا، لا يملك من القوة ما يدافع به عن ذاته، ولا تحمل مخيلته قدر الشر الذي يحيكه البشر، لم يدرك عدنان أن نهاية براءته وطفولته ستكون على هذا النحو المفجع ليهز قتله أرجاء المغرب والعالم بأسره.
السلطات المغربية تتوصل لقاتل عدنان
اختفى عدنان، الذي تقطن عائلته في مدينة طنجة شمال المغرب، الإثنين الماضي، ليتغيب يومًا كاملًا عن منزله، ما دفع عائلته لإبلاغ السلطات المغربية عن اختفائه، ولم يخطر ببال والدته أن يكون طفلها تعرض للاعتداء الجنسي والقتل، وفور وصول البلاغ تحركت الشرطة المغربية لتفريغ كاميرات المراقبة، وتكوين مجموعات من أهالي طنجة للبحث عن الطفل المفقود.
وكشفت كاميرات المراقبة، عن وجود شخص آخر أوقف عدنان وبدأ في استدراجه ليختفي بعد ذلك الطفل عن كاميرات المراقبة بالحي الذي يقطن به.
لتصدر السلطات المغربية بيانًا، السبت الماضي، تعلن فيه عن مقتل عدنان إثر تعرُّضه لاعتداء جنسي وحشي بأحد المنازل على أطراف طنجة، والعثور على جثته مدفونة بالقرب من المنزل.
إلقاء القبض على مغتصب الأطفال
وأفادت المديرية العامة للأمن الوطني المغربي في بيان لها أن "المشتبه به استدرج الضحية إلى شقة يستأجرها في مكان غير بعيد عن منزل الطفل، واعتدى عليه جنسيًّا ثم قتله ودفنه".
تمكنت الشرطة المغربية في اليوم الخامس من البحث، من التوصل إلى المشتبه فيه الذي دل عناصر الأمن على مكان دفن جثة عدنان، بعد اعترافه بالاعتداء عليه جنسيًّا وقتله ثم دفنه في مكان قريب من منزله.
وأوضح بيان للمديرية العامة للأمن الوطني، أن مصالح الأمن بمدينة طنجة، شمالي المغرب، أوقفت شخصًا يبلغ من العمر 24 سنة، يعمل في المنطقة الصناعية بالمدينة، وذلك للاشتباه في تورُّطه بارتكاب "جناية القتل العمد المقرون باعتداء جنسي".
القانون المغربي لا يحمي الطفولة
انتفض الشعب المغربي، وضجّ بالحديث على مواقع التواصل الاجتماعي، وطالبوا بإنزال أقصى عقوبة على المتهم بقتل عدنان، كما طالبوا بتفعيل قوانين حماية الطفل المغربي، خاصة أنها ليست الواقعة الأولى للاعتداء على طفل وقتله.
ومن ناحية أخرى قام أهالي طنجة، بتدشين حملة تطالب بجمع "مليون توقيع من أجل إعدام قاتل عدنان"، وقد جمعت الحملة عشرات الآلاف من الموقعين بعد أقل من ساعة على إطلاقها.
وأعاد مقتل عدنان، النقاش المتعلق بعقوبة الإعدام إلى الواجهة من جديد، حيث ينقسم الرأي العامّ في المغرب بين مؤيد للإبقاء على هذه العقوبة، كحلّ ناجز للردع وتحقيق القصاص، وبين مناهض لها، ويقود هذا المطلب، الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، الذي يتمسك بالحق في الحياة ويعتبر أن عقوبة الإعدام "عديمة الجدوى وهي من الناحية العملية لا تنهي الجرائم".
ورغم إيقاف المغرب تطبيق عقوبة الإعدام منذ 27 عامًا، حيث نُفذ آخِر حكم سنة 1993، إلا أن نص القانوني المغربي لا يزال يحتفظ بهذه العقوبة.
القانون المغربي يتحفظ بعقوبة الإعدام ولا يطبقه
وبالرغم من أنه لا توجد دراسات في المغرب توثق بالأرقام حالات الاعتداء الجنسي بحق الأطفال، فإن تقارير جمعيات حقوقية تشير إلى أن معدلات هذا النوع من الجرائم في تزايد، وتطالب تلك الجمعيات بسن "قانون خاص بالاعتداءات الجنسية" ضد الأطفال والقاصرين، فيما ينص القانون المغربي على عقوبة بالسجن تتراوح بين 5 و10 سنوات، بحق أي شخص اعتدى جنسيًّا على طفل دون سن الـ12 عامًا، مع تشديد العقوبة في حالة التعنيف.
وفي عام 2013، أدخلت تعديلات جديدة على فصل شهير من القانون الجنائي المغربي (الفصل 475)، الذي سمح للمغتصب على مدى سنوات طويلة بالتملص من الملاحقة القضائية، عبر اللجوء إلى الزواج بضحيته القاصر.
وأقرت التعديلات بعد سنة من انتحار الطفلة أمينة الفيلالي بسبب تزويجها بالشاب الذي اعتدى عليها جنسيًّا، في قضية خلفت صدمة كبيرة في المغرب وأخذت بعدًا دوليًّا بعد دخول منظمات حقوقية دولية على خط تلك القضية.
أهالي طنجة الدور على أبنائنا
وفي السياق ذاته قالت أسما بوشناق، 45 عامًا، من أهالي طنجة، في تصريحات لـ"العرب مباشر": إن مقتل عدنان لم يكن جرس الإنذار الأول الذي يُدَقّ للسلطات المغربية، فقد سبقه اغتصاب الطفلة إكرام، لافتةً أن الطفولة في المغرب في خطر، فالقانون المغربي يفتح المجال للمغتصبين بالإفلات من العقوبة من خلال إتاحة تزويج القاصرات اللاتي تعرضن للاغتصاب، بينما يوقع عقوبة أقصاها من 5 – 10 سنوات إذا كان المجني عليه ذكرًا، بينما يبيح التصالح بين الأطراف بتزايُد تلك الجرائم.
وأيدتها في الرأي "أمل كوتار"، 36 عامًا، من أهالي طنجة، وقالت في تصريحات لـ"العرب مباشر"، الدائرة تقترب من أطفالنا، ودورهم سيأتي حفظهم الله، إذا لم تتحرك السلطات المغربية بتفعيل قوانين الطفولة، لحماية أبنائنا من تلك الهجمة التي أصابت المجتمع المغربي، فلا يوجد أمان أن نترك أبناءنا يلعبون أمام ساحات المنازل، فهل تكمن حمايتهم في حرمانهم من طفولتهم لعدم وجود من يحميهم.
وتابعت كوتار، وكانت ضِمن فِرَق البحث عن عدنان، كان لدينا أمل في العثور على عدنان حيًّا، ولكن العثور على جثته لم يفطر قلب والدته المريضة فقط، بل فطر قلوبنا جميعًا، فلدينا أبناء في مثل عمره، مشيرة إلى أن المجتمع المدني انتفض وقت حادثة اغتصاب الطفلة وطالب بتعديل قوانين الطفولة، وشاركنا بالعديد من المظاهرات ولكن تكررت الحادثة دون جدوى، متى يتم تفعيل عقوبة الإعدام على هؤلاء المغتصبين لحقوق الطفولة.
مطالب حقوقية بتفعيل قوانين الطفل في المغرب
بينما قالت رئيسة منظمة "ما تقيسش ولدي" (لا تمس ابني) نجاة أنور، المعنيّة بقضايا الطفل، في تصريحات صحفية، إن "النص القانوني وحده ليس كافيًا لمحاربة جرائم الاعتداء، بل يجب وضع خطط استباقية لتفادي الكارثة قبل وقوعها".
ودعت أنور ، إلى تطبيق ما أسمته بـ"إنذار بالاختطاف"، وهو نظام تعتمده الدول الغربية في حالات اختطاف الأطفال، ومن خلال هذا النظام، تقوم النيابة العامة، فور تلقيها بلاغ اختطاف الطفل، بتعميم صوره على محطات التلفزيون وعلى الإذاعات والملصقات الإعلانية في الشوارع، من أجل التمكن إلى الوصول إليه في أسرع وقت ممكن.
الاعتداء الجنسي يهدد أطفال المغرب
لم تكن حادثة الطفل عدنان الأولى من نوعها، فقد سبقته حادثة الطفلة إكرام، التي كانت تبلغ من العمر 6 سنوات، والتي كانت تعيش في إقليم طاطا جنوب شرقي المغرب، التي تعرضت للاغتصاب على يد أحد جيرانها البالغ من العمر 40 عامًا.
ورغم تحويل الجاني إلى المحاكمة، إلا أن عائلته مارست كافة الضغوط على والد الطفلة إكرام ليتنازل عن شكواه، ليتم إطلاق سراحه بكفالة مادية، الأمر الذي فجر غضب الشعب المغربي، وضجت الاحتجاجات بإقليم طاطا على خلفية القرار.
لتعم التظاهرات أرجاء طاطا بعد ذلك، تحت شعار (كلنا إكرام) مطالبين بعدم التسامح مع هذه الجرائم التي تنتهك حقوق الأطفال في المغرب، مؤكدين أن القانون يعطي مساحة للمغتصب للإفلات من العقوبة.