"واسطة ورشاوى واعتصامات".. ثورة الخريجين تجتاح العراق

صورة أرشيفية

ارتفعت نسبة البطالة في العراق إلى 40% نتيجة تفشي فيروسِ كورونا وحظرِ التجوال، بالرغم من أن نسبةَ البطالةِ في العراق في أواخر سنة 2019 كانت 22%، حيث يمثل خريجو الكلياتِ والمعاهدِ وأصحاب شهاداتِ الماجستير والدكتوراه نسبة يعتد بها من العاطلين عن العمل، وأصبح الوضع في العراق يتلخص في شاب يحمل شهادة ماجستير أو دكتوراه، وخرجَ يتظاهر مع أقرانه من خريجي الكليات والمعاهد في شوارع المدن العراقية للحصول على فرصة عمل.

وبحسب آخر الإحصائيات التي أصدرتها وزارة العمل الاجتماعية العراقية في نهاية عام 2020، يبلغ عدد العاطلين عن العمل في العراق نحو 1.6 مليون، بفئات مختلفة، بينهم آلاف الشباب من حملة الشهادات العليا.

الاعتصام بدلا من المختبر

ويقول منذر أحمد: إنه حصل على شهادة في تخصص المعامل والمختبرات منذ عام 2017، لكنه لم يحصل على فرصةِ تعيين حتى الآن ما يجعله يواظب على الاعتصام مع زملائه في التخصص ذاته وتخصصات أخرى لعدة أشهر أمام مبنى وزارةِ الصحة العراقية في بغداد.

وأضاف منذر: "في ظل هذه الظروف الاقتصادية السيئة والأوضاع الصعبة التي نمر بها وأزمة كورونا مضى على اعتصامنا شهور عدة، وفي ظل احتياج وزارة الصحة إلى طاقاتنا نرى تهميش خريجي كليات العلوم والطب والصيدلة كالعادة"، مشيرا إلى أنهم خريجون لأكثر من سنتين فلا يوجد قطاع خاص يتوظفون فيه أو يجدون فرصة عمل، كاشفا عن استعدادهم البقاء سنة كاملة دون رواتب وبأثر رجعي، مقابل توظيفهم.

طفرة في أعداد العاطلين عن العمل

ورفع فيروس كورونا المستجد من نسبةِ البطالة في العراق يوما بعد الآخر، وتشير إحصائيات وزارة العمل والشؤون الاجتماعية العراقية، إلى أنه في العام 2019 وحده، سجل سبعة آلاف من حملة شهادات الماجستير والدكتوراه أسماءهم ضمن قوائم المعوزين لدى الوزارة العراقية.

وقال راضي شوقي: إن الشباب العراقي يجب أن يسعى ويعمل في القطاع الخاص الذي أصبح أصعب من القطاع العام في الحصول على فرصة عمل به، والجميع يعلم أن هذا القطاع منهار فحتى وظيفة عامل البناء تحتاج إلى واسطة ورشاوى وعلى الحكومة أن تستكمل مكافحة الفساد في هذا الشأن حيث إن الشباب العراقي أصبح محبطا ويلجأ إلى الاعتصامات التي لا يجدون منها أي استجابة لمطالبهم.

إغلاق الأبواب

وقال آدم الحسين، شاب حديث التخرج وهو متظاهر أمام مبنى وزارة الصحة العراقية يوجه خطابه إلى المسؤولين في بغداد: "أبناؤكم من خريجي الكليات وحملة الماجستير والدكتوراه يستغيثون بكم، ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي كلف الوزراء في حكومته بالنزول إلى الشارع والاستماع إلى مطالب المواطنين، مثلما يفعل، لكن على سبيل المثال وزير الصحة العراقية بدلا من الاستماع لنا أغلق أبواب الوزارة أمامنا بالكتل الأسمنتية".

وحسب إحصائيات منظمة الأمم المتحدة فإن أكثر من 45 ألف مواطن شاب يتخرجون سنويا في الجامعات والمعاهد في العراق، وفي سنة 2019 وحدها كان هنالك نحو 50 ألف خريج، وتم تعيين نحو ألفين فقط من هذا العدد أي بنسبة أقل من 5% من الإجمالي، وفي آخر تصريح له، أشار المتحدث باسم الحكومةِ العراقية إلى أن الحكومةَ ليس لديها القدرة على تعيين أي شخص.

ويبلغ عدد العاملين في المؤسسات الحكومية العراقية، نحو 7 ملايين موظف في حصيلة هي الأعلى بين دول المنطقة، مما تسبب في إنفاق نحو 70% من الموازنة المالية السنوية كرواتب وأجور.

فرص منعدمة

وتنعدم فرص العمل في القطاع الخاص وتعقيدات الأوضاع الاقتصادية في العراق الغارق بالديون والأزمات المستعصية رغم غناء تربة البلاد وتنوع ثرواتها، يفرض على العاطلين من أصحاب الشهادات ملاصقة الأرض وعدم المغادرة حتى يجدوا من يضع هامشا على أوراق طلبات تعيينهم بحسب ما يقول العاطلون عن العمل والذين يفترشون الأرض يوميا للحصول على حقهم في العمل.

ويرى مراقبون ومختصون في القطاع الاقتصادي والتنمية البشرية، أن السياسات الخاطئة للحكومات العراقية المتعاقبة على السلطة ما بعد 2003، ساهمت في ارتفاع نسب البطالة ودفع شرائح اجتماعية مهمة من الشباب إلى خيار الانتماء الحزبي والانخراط في الميليشيات للخلاص من كابوس العجز القسري .

وأطلقت حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، في الثاني عشر من شهر أكتوبر الماضي، منصة أطلق عليها "توظيف" ضمن برنامجها الرامي لتقليل البطالة في العراق وتوفير فرص عمل في القطاعين العام والخاص.