وجه جديد للتناقض القطري.. الدوحة تروج لمقاطعة فرنسا و"الجزيرة" تستضيف "ماكرون"
يبدو أن التناقض والازدواجية في المواقف السياسية والدبلوماسية، سيظل نهجًا قطريًا دائمًا لن يتغير، وسيحير به نظام الدوحة العالم للأبد، فبين كل ساعة تتخذ موقفًا تروج له بكل السبل، لتناقض نفسها بالساعة اللاحقة، بحسب أهوائها وأغراضها الإرهابية.
"الجزيرة" تستضيف "ماكرون"
بعد أن دفعت قطر بذبابها الإلكتروني وحرضت الشباب على العنف ضد فرنسا، حتى سقط الأبرياء، وروجت لمقاطعة المنتجات الفرنسية طوال الشهر الجاري، لدعم اقتصاد تركيا المنهار، اتخذ بوقها الإعلامي موقفًا مغايرًا تمامًا بشكل مفاجئ.
اتخذت "الجزيرة" منذ بداية أكتوبر نهجًا ثابتًا هو مهاجمة الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" لتصريحاته المثيرة للجدل تجاه الإسلام، ولكنها قبل ساعات خرجت معلنة إجراء حوار معه، أظهرته بصورة مختلفة عما كانت تدعمها من تشويه مسبق له.
وقال "ماكرون"، خلال مقابلة "الجزيرة" القطرية: إنه يتفهم مشاعر المسلمين إزاء الرسوم المسيئة للنبي محمد، مشددًا على أن حكومته لا تقف خلف هذه الرسوم، بقوله: "الرسوم الكاريكاتورية ليست مشروعًا حكوميًا بل هي منبثقة من صحف حرة ومستقلة غير تابعة للحكومة".
وأضاف: "أعتقد أن ردود الفعل كان مردها أكاذيب وتحريف كلامي ولأن الناس فهموا أنني مؤيد لهذه الرسوم، هناك أناس يحرفون الإسلام وباسم هذا الدين يدّعون الدفاع عنه"، مشيرًا إلى أن المسلمين هم الأكثر تضررًا من تصرف هؤلاء الذين يحرفون الإسلام.
ويأتي ذلك، بعد مقتل 3 أشخاص بهجوم بسكين على كنيسة "نوتردام" في مدينة "نيس" جنوبي البلاد، وهجوم آخر على البلاد الخميس الماضي.
الترويج القطري لمقاطعة فرنسا
منذ تصريحات "ماكرون" المثيرة للجدل تجاه الإسلام، ورغم العلاقات القوية التي تجمع قطر وفرنسا، لاسيما اقتصاديًا، إلا أنه خلال تلك الأزمة، ظهر مجددًا وجه الدوحة المتناقض وتلاعبها بالمواقف الدولية، حيث سارعت بدعم حملة مقاطعة المنتجات الفرنسية من أجل دعم منتجات حليفتها تركيا والترويج لمنتجاتهم لرفع قيمتها في ظل انهيار الليرة.
كما حشدت ذبابها الإلكتروني، لنشر حسابات مزيفة روجت بشدة لدعوات مقاطعة المنتجات الفرنسية، والدعوة لقبول المنتجات التركية كبديل "مسلم" للمنتجات الفرنسية، رغم حجم الاستثمارات الضخمة بين قطر وفرنسا.
ولذلك وجهت صحيفة "لوموند" الفرنسية انتقادات حادة تجاه دعم قطر لحملة مقاطعة المنتجات الفرنسية بسبب الأزمة الدينية الأخيرة، حيث أكدت أن الدوحة انخرطت في ذلك الأمر كونها خاضعة للحماية التركية، مرجحة أن ذلك ربما يأتي بسبب دعم باريس للمقاطعة العربية ضد قطر.
وتابعت أنه كان يتعين على الدوحة إظهار شكل من أشكال التضامن مع حليفتها فرنسا في هذه القضية، موضحة أن قطر يسيطر عليها تنظيم الإخوان بخلاف باقي الدول العربية، رغم أن الجماعة مصنفة بقائمة الإرهاب.
فيما تعتبر قطر من أولى الدول العربية المستثمرة في البلاد منذ 11 عامًا، ومن أكبر 5 دول أجنبية تستثمر الأموال في الأراضي الفرنسية، منذ عهد ولاية الرئيسين السابقين نيكولا ساركوزي وفرنسوا هولاند، وفقًا لصحيفة "تليغرام" الفرنسية، حيث تصل لأكثر من 40 مليار دولار، وسبق أن ارتفعت في عام 2017 وحده بنحو 30%، عقب توقيع اتفاقيات متعددة بقيمة 12 مليار يورو خلال زيارة الرئيس "إيمانويل ماكرون" إلى الدوحة.
وبلغ التبادل التجاري بين تركيا وفرنسا نحو 14.7 مليار دولار خلال 2019، وهو ما يظهر مدى الازدواجية بين المستثمرين القطريين الذين يروجون في الداخل للمقاطعة بينما لم تتأثر تجارتهم.
وتمتلك الدوحة أحد أكبر وأشهر النوادي الفرنسية، وهو نادي "باريس سان جيرمان" وغيرها من المشاريع الضخمة التي تستثمر فيها، بالإضافة للعديد من الاستثمارات في النوادي الرياضية والملاهي الليلية ومجالات العقارات والصناعة، كما تستحوذ قطر على نسبة 100% من عمارة الإليزيه، 85.7% من ورويال مونسو، وتوتال 2%، وفيوليا 5%، ولاجاردير 16.75% وفينشي 5.5%.