رغم تفاخر الدوحة بِه.. استاد الثمامة شاهد على انتهاكاتها ضد العمال
تقع قطر في شرك أعمالها مع كل مرة تحاول فيها التفاخر بحدث مزيف بها، لخطف الأنظار ليتم الفصح عن انتهاكات ضخمة مستمرة فيها، وعلى رأسها حقوق العمال الأجانب.
استاد الثمامة
قبل ساعات قليلة، تداولت الصحف القطرية بتباهٍ وتفاخر شديدين أنباء عن تسجيل استاد الثمامة، أحد استادات بطولة كأس العالم في قطر ٢٠٢٢، لما زعمت أنه إنجاز هام، بعد إتمام 20 مليون ساعة عمل به، دون وقوع إصابات معيقة لسير أعماله، بفضل الالتزام الصارم بتنفيذ معايير الصحة والسلامة التي أقرتها اللجنة العليا للمشاريع والإرث، بالتعاون مع تحالف المقاول الرئيسي للمشروع، الذي يضم شركتي الجابر للهندسة وتكفن للإنشاءات، إضافة إلى شركة تايم قطر التي تتولى إدارة المشروع، وفقًا لادعاءاتها.
تعتبر تلك هي المرة الثانية التي يتم الادعاء فيها بذلك الإنجاز، بكل تفاصيله، حيث إنه في يوليو الماضي تم الإعلان عن تسجيل استاد الريان المونديالي 20 مليون ساعة عمل آمنة للمرة الثانية منذ انطلاق العمل في المشروع.
يقع الاستاد، الذي ستبلغ طاقته الاستيعابية 40 ألف مشجّع، في منطقة الثمامة بالقرب من مطار حمد الدولي، ومن المقرر أن يستضيف مباريات في بطولة قطر 2022 من دور المجموعات حتى ربع نهائي المونديال، ومن المقرر الإعلان عن جاهزية استاد الثمامة في العام 2021.
وستضم المنطقة المحيطة بالاستاد حديقة عامة تمتد على مساحة 50 ألف متر مربع، وتحتوي على نباتات متوطنة وقرابة 400 شجرة تغطي نحو 84% من إجمالي المساحات الخضراء.
ومن المقرر خفض الطاقة الاستيعابية لاستاد الثمامة إلى النصف تقريبًا عقب انتهاء البطولة، ليستضيف الاستاد بعدها العديد من المنافسات الكروية والأحداث الرياضية.
يفتقد معايير صحة العمال
تعتبر حقوق العمال الأجانب بالاستادات الرياضية في قطر، أحد أهم المطالب العالمية، بينما تسعى قطر باستمرار لإخفاء الانتهاكات التي يتعرضون لها، وإطلاق الوعود الكاذبة بشأنهم، لذلك كررت الأمر مع استاد الثمامة.
ادعى المهندس سعود الأنصاري، مدير إدارة مشروع استاد الثمامة، أن صحة وسلامة العمال في المشروع تأتي دائمًا على رأس أولويات العمل في بناء الاستاد، حيث إن تحقيق هذا الإنجاز يلقي الضوء على ما يواصل فريق العمل إنجازه على الأرض.
كما قال المهندس عبدالله البشري، مدير الصحة والسلامة في اللجنة العليا، إنه "يسعدنا أن نرى أن إجراءاتنا على صعيد الصحة والسلامة في كافة مواقع البناء تحقق مرة أخرى مثل هذه النتائج المبهرة. وبهذه المناسبة؛ أتقدم بالتهنئة إلى المقاولين ومديري المشروع، والذين أسهموا في توفير أجواء صحية وآمنة للعمال في مشروع بناء استاد الثمامة".
ودون تحديد المسؤولين عن تلك التدريبات أو الإجراءات الصحية المفروضة لمنع كورونا بين العمال، زعم أيضًا أن جميع العمال تلقوا تدريبًا للتعرف على المخاطر والوقاية منها، إضافة إلى مستوى متقدم من
التدريب يفيد العمال خلال عملهم الحالي ويعزز من فرصهم في المستقبل بعد الانتهاء من تنفيذ مشاريع البطولة، حيث يشارك أكثر من 22 ألف عامل في مشاريع المونديال.
انتهاكات حقوق العمال
المثير للجدل هو ادعاء قطر بذلك الإنجاز، الذي يتضمن في عباراته وقوع العمال لانتهاكات جسيمة لتحقيق ذلك العمل في هذا الوقت الضئيل، فضلًا عن تفشي فيروس كورونا بينهم ليسقط أعدادًا كبيرة منهم، لذلك انتشرت مطالبات لمنظمات حقوق الإنسان بالتدقيق على الاستنزاف البشري للعمال في قطر.
وهو ما يقع تحت بند الانتهاكات الحقوقية للعمال في قطر المعروفة بأنها من أبرز القضايا التي اعترض عليها العالم، أبرزها التقرير الأممي الخاص بالأشكال المعاصرة للعنصرية والتمييز من قبل المدعوة Ms. E Tendayi Achium الذي نشر مؤخراً من قبل منظمة هيومن رايتس ووتش.
وتستغل الدوحة بشكل منهجي مليوني عامل أجنبي يعملون في البلاد وتمارس كافة الانتهاكات وأساليب القمع ضدهم، بانتهاكات سافرة يعاقب عليها القانون، رغم استغاثات العمال الأجانب في قطر، وعلى رأسهم الآسيويون.
ومن بين الأزمات التي تلاحق العمال تأخير تسليم رواتب العمالة لعدة شهور بسبب سوء الوضع الاقتصادي القطري، وعدم وجود ضمانات صحية للعمالة وزيادة نسبة وباء كورونا بين العمالة الآسيوية في المدن العمالة.
كما تعاني العمالة الآسيوية المكلفة ببناء ملاعب كأس العالم من حرمان السفر إلى الخارج لكثرة المشاكل وعدم عودة الغالبية ممن خرجوا سابقًا بسبب الظلم وعدم وجود ضمانات لحقوقهم؛ ما أثر سلبًا على نقص عدد العمالة، بالإضافة لعدم توافر شروط الصحة والسلامة المهنية بالإضافة للعمل على ما يزيد على 12 ساعة يوميًّا دون صرف بدلات للساعات الإضافية.
وتأتي في مقدمة الأزمات التي يواجهها العمال الأجانب في قطر، الحالة الصحية المتدهورة، والجوع والاهتمام الطبي، وهو ما فضحه تفشي كورونا في مخيمات العمال، التي تعاني من سوء الخدمات وتردي الأوضاع الإنسانية، لذلك انتشر الفيروس.
المخيمات المخصصة للعمال على أطراف العاصمة القطرية، التي كانت محل انتقادات دائمة من قبل جماعات حقوق الإنسان بسبب التكدس الكبير وظروف المعيشة السيئة، في ظلها أكد البنك الدولي أنه جعل قطر أرضًا خصبة لانتقال كورونا.
ووفقًا لإحصائية سابقة نشرها مركز الأمراض الانتقالية التابع لمؤسسة حمد الطبية بقطر، فإن نسب الإصابة بفيروس كورونا في الدوحة، وفقاً للجنسية، فإن "الهند: 32%، نيبال: %20، بنجلاديش: 18%، باكستان: 6%، الفلبين: 4%"، وهو ما يظهر أن العمال الأجانب من آسيا، هم الضحايا الأكبر للفيروس، حيث قدمهم تنظيم الحمدين كقرابين لكورونا، بعدما فشلت وسائلهم في منع تفشيه.
ولعدم قدرة الدولة على السيطرة، عزلت العمال المصابين في المنطقة الصناعية بالدوحة دون أي مراعاة للإجراءات الاحترازية والتعليمات الطبية لمنع انتشار المرض بينهم، رغم تدهور المعيشة في تلك المناطق، وبعد أن أغلقت عليهم معسكرات للموت وغياب الرعاية الصحية الكاملة عنهم، باتت السلطات القطرية تحرق جثث ضحايا العمال الأجانب في الخفاء بعيداً عن الأنظار العالمية، وهو ما اكتشفه القطريون بأنفسهم، الذين يشتكون من رائحة الحرائق المتكررة بشكل مثير للجدل.