"كبش فداء مزيف".. تركيا تفبرك تحقيقات قضية اغتيال السفير الروسي
في حلقة جديدة من تزييف الحقائق وتدخُّل النظام التركي الذي يرأسه رجب طيب أردوغان في تحقيقات الجهات الأمنية والأحكام القضائية، ليصل الأمر إلى التدخل في سير جرائم القتل التي طالت الدبلوماسيين، وفبركتها على أعلى المستويات، وهذا ما كشف عنه أحد المواقع السويدية الذي أكد تنفيذ مخطط لجهاز الاستخبارات التركية لخداع المحققين الروس في قضية اغتيال سفير موسكو السابق لدى أنقرة أندريه كارلوف.
تورط الاستخبارات التركية في مقتل السفير الروسي
وأوضح موقع "نورديك مونيتور" السويدي أن وكالة الاستخبارات التركية ساعدت النائب العام التركي الذي كان يحقق في اغتيال السفير الروسي ، ووضعت مشتبهًا به مزيفًا لخداع الوفد الروسي الذي كان من المقرر أن يزور تركيا في مهمة للبحث عن الحقيقة بشأن الاغتيال الذي جرى في 2016 على يد ضابط شرطة متطرف بالعاصمة أنقرة.
وقال الموقع السويدي: إن الستار أزيح عنها خلال جلسة استماع بالمحكمة، في الرابع من سبتمبر عام 2020، من جانب ضحية تعرض للاختطاف والتعذيب على يد وكالة الاستخبارات التركية.
وطبقا للموقع السويدي، المخطط يبدو أنه كان مصمما لعرقلة التحقيقات وصرف انتباه السلطات الروسية بعيدًا عن الأدلة التي أشارت إلى عناصر داخل حكومة رجب طيب أردوغان وخلايا تنظيم "القاعدة" الإرهابي في تركيا.
تعذيب للحصول على اعترافات ملفقة
والضحية التركي يدعى حسين كوتوجي، وتعرض للتعذيب لعدة شهور للحصول على اعتراف ملفق منه، ثم تمت إعادته إلى مكتب النائب العامّ من أجل اعتقاله قبل وصول الوفد الروسي إلى تركيا.
وأكد الموقع السويدي أنه كان من المقرر أن يلتقي الوفد الروسي بالنواب العامين الأتراك وقادة الشرطة ومسؤولي الاستخبارات، لمراجعة الأدلة التي تم جمعها بشأن مولود مارت ألتنطاش، ضابط الشرطة صاحب الـ22 عامًا الذي أردى السفير الروسي قتيلًا في 19 ديسمبر عام 2016، بالإضافة إلى معاونيه وشركائه في الجريمة.
ونقل الموقع عن كوتوجي قوله أمام هيئة القضاة بالمحكمة الجنائية العليا الثانية: "قلت لآدم أكنجي، النائب العام القائم على التحقيق، إنك تحاول وضعي بقضية مقتل كارلوف، لكنك تعلم أنه ليس لي علاقة بالمسألة. ليرد النائب العام: حسين، لا يمكنني فعل أي شيء من أجلك. هناك وفد قادم من روسيا هذا الأسبوع، ويجب علي اعتقالك. هناك ضغط كبير علي. اصعد إلى المنصة بالمحكمة وحاول تبرئة اسمك هناك."
وكان كوتوجي يعمل بمؤسسة تكنولوجيا المعلومات الحكومية مهندسا مسؤولًا عن إدارة المستندات الإلكترونية، ثم اختطفته وكالة الاستخبارات من نقطة تفتيش مرورية في أنقرة يوم 28 فبراير عام 2017، حيث جرى احتجازه داخل زنزانة في مكان غير معروف، وتعرض للتعذيب هناك لمدة ثلاثة أشهر، في تجاهل تام للإجراءات القانونية وانتهاك سافر للقانون التركي، وطلبت منه جهات التحقيق توقيع شهادة ملفقة أعدها جهاز الاستخبارات لتوريط منتقدي الحكومة وحركة جولن المعارضة لأردوغان في جريمة القتل.
وحصل "نورديك مونيتور" على نسخة من محاضر جلسة الاستماع بالمحكمة، والتي كشفت قول كوتوجي: "خلال فترة الثلاثة أشهر، تعرضت لجميع أشكال التعذيب، بما في ذلك: الضرب، والحرمان من النوم، والإجبار على الوقوف لمدة 18 ساعة في اليوم."
مذكرة اعتقال وهمية
وأشار الموقع إلى أنه لجعل هذا السيناريو يبدو منطقيا، أصدرت مذكرة اعتقال بحقه في السابع من مارس عام 2017، كما لو كان هاربًا، بينما كان في الحقيقة محتجزًا في مكان سري من جانب الاستخبارات التركية.
وتقدمت عائلته ببلاغ عن شخص مفقود عندما فشل في العودة إلى المنزل قادمًا من عمله يوم اختطافه، غير أن السلطات التركية فتحت تحقيقًا إرهابيًا بشأن غيابه، وداهمت الشرطة منزله ومنازل والديه وحماه.
بعد ذلك، سلم جهاز الاستخبارات التركي، المتهم المزيف إلى شرطة مكافحة الإرهاب في 25 إبريل 2017، وجرى إعداد سجل له كما لو كان سلم نفسه طواعية للاعتراف بجرائمه، دون الإشارة لاختطافه وتعذيبه، واحتجز داخل مقر الشرطة لمدة 35 يومًا، دون الوصول للمحامي أو أفراد عائلته.
وبعد موافقته على توقيع الشهادة الملفقة، أطلق سراحه تحت المراقبة القضائية في الأول من يونيو عام 2017، لكن في 20 ديسمبر 2017، حصل النائب العام على شهادة جديدة منه بصفته شاهدا بقضية كارلوف، غير أنه بعد يوم، أصدرت أوامر بالقبض عليه، ليصبح مشتبهًا به بدلًا من شاهد، وفي 4 يناير عام 2018، أُلقي القبض عليه رسميًا وسُجن.
وبعدما أدرك أن الاعتراف الكاذب وترديد رواية الحكومة لن تنقذه من كونه كبش فداء في مقتل كارلوف، قرر في النهاية الكشف عن حقيقة ما حدث بعد اختطافه وروى كيف تم إجباره على الموافقة على الشهادة الملفقة.