«مسلمو فرنسا»: أطماع أردوغان وإرهابه سبب معاناتنا
التصعيد الذي يمارسه كل من النظام التركي والنظام القطري، تجاه الحكومة الفرنسية، والبعد عن حل الأزمة المثارة بسبب حادث ذبح المعلم الفرنسي على نحو عاقل، يؤدي إلى التخوف من التأثير المتزايد لدفع السلطات الفرنسية ضد المواطنين الفرنسيين المسلمين، والذين يبلغ عددهم 5 ملايين مسلم داخل فرنسا، فيما يعاني المسلمون في فرنسا في السنوات الأخيرة، من أزمة عديدة بسبب استمرار التمويل القطري لعدد ضخم من المنظمات والجمعيات المتورطة في أنشطة إرهابية؛ ما يضع العديد من المسلمين، ولاسيَّما المهاجرين، تحت طائلة الشكوك في تورطهم بعمليات الإرهاب المتكررة بـ"باريس".
التمويلات القطرية - التركية أساءت لـ"الجالية
الإسلامية" في فرنسا وأحاطتهم بالشبهات
تعيش الجالية الإسلامية في فرنسا حالة من العزلة وأزمة اغتراب واضحة في ظل حالة من الإسلاموفوبيا المنتشرة بسبب سياسات الدول الداعمة للتنظيمات الإرهابية وعلى رأسها النظامان التركي والقطري، فأصبحت الجالية الإسلامية لا تمتلك حقوق مواطنة وتعاني من التمييز المبني على الدين في دولة من المفترض أنها راعية للحقوق والديمقراطية في العالم.
ويرى مراقبون أن حملة الرئيس التركي الأخيرة ضد فرنسا على خلفية تصريحات إيمانويل ماكرون ودعوته إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية مع عمل أذرعته الإعلامية على الترويج لاستبدالها بالمنتجات التركية ما هو إلا حلقة في مسلسل تحقيق الاستفادة من خلق الأزمات وتأجيج مشاعر الغضب.
وأضافوا: محاولات أردوغان توظيف الحدث لتوجيه دفة الهجوم الدولي لسياساته إلى مقاطعة لفرنسا، المعارضة التركية كشفت أكاذيب أردوغان ومتاجرته بالقضية عبر كشفها لأرقام التبادل التجاري بين البلدين، لتوضح حقيقة أكاذيب أردوغان وأهدافه الحقيقية، حيث بلغ التبادل التجاري بين البلدين خلال عام 2019 نحو 14.7 مليار دولار. وصرح وزير الخارجية التركي بأن أنقرة تخطط لرفع هذا التبادل إلى 20 مليار دولار في 2020.
يُذكر أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أوضح ضرورة "محاربة التلاعب"، في إشارة إلى ردة فعل كثير من المسلمين على خطابه عن الرسوم المسيئة، مؤكداً أن هناك جهات تسعى لتأجيج الغضب وتصوير فرنسا دولة معادية للعرب ومناهضة للمسلمين.
وأضاف ماكرون، بعد كل خطاب من خطاباتي حول الإسلام السياسي تقوم الشبكات الإسلامية الراديكالية في الدول العربية وتركيا بشن دعاية تندد بفرنسا كدولة معادية للعرب، ومناهضة للمسلمين.
مخططات «إخوان فرنسا» تزيد صعوبات الحياة للجالية الإسلامية
وكشف تقرير صادر عن مجلس الشيوخ الفرنسي، عن أن "مؤيدي الإسلام السياسي يسعون إلى السيطرة على الإسلام في فرنسا" من أجل "إنشاء الخلافة"، ويغذون في بعض المدن "نزعة انفصالية" خطيرة.
واقترح التقرير، الذي حررته عضو مجلس الشيوخ الفرنسي جاكلين أوستاش-برينيو، نحو 40 إجراء للحد من "التطرف"، من بينها منع التحريض والخطابات الانفصالية ومراقبة بعض المدارس والجمعيات، وتوعية المسؤولين المنتخبين ووسائل الإعلام، مبدية قلقها بإزاء الحركات الإسلامية المتشددة التي تدعي أنها غير عنيفة لاسيَّما السلفية منها و"الإخوان".
لذلك بدأت السلطات منذ أشهر في حملة أمنية وقانونية لتجفيف منابع هذا التيار، لتشدد هذه الحملة في أعقاب الحادثة الإرهابية التي أودت بحياة مدرس التاريخ صامويل باتي.
وفي هذا السياق أصدرت السلطات الفرنسية الثلاثاء أمراً بالإغلاق للمسجد الكبير في ضاحية بانتان في الضواحي الشمالية الشرقية لباريس، مشيرةً إلى أن صفحة المسجد نشرت تسجيلاً مصوراً قبل الهجوم يحض على كراهية الضحية باتي.
وجاء في الإشعار الذي أصدره رئيس إدارة سين سان دوني المختصة، أن الإغلاق ومدته ستة أشهر "هدفه الوحيد منع أعمال الإرهاب" خاصة أن مسجد ضاحية بانتان تابع لجماعة الإخوان الإرهابية وهو واحد من مئات المساجد التي تسيطر عليها جماعة "الإخوان المسلمين" في فرنسا، وهذا يؤكد أن للإرهاب والتطرف في المجال الفرنسي روافد عقائدية وليس مجرد نشاط إرهابي معزول.
«أردوغان وحلفاؤه» يصعدون ضد فرنسا والجالية الإسلامية تدفع الثمن
يقول محمود بوزيد، شاب تونسي 33 عاما، يعيش في مدينة نيس الفرنسية، منذ أعوام والمسلمون المهاجرون إلى فرنسا، يعانون بسبب تمويلات المنظمات الإخوانية في باريس، لافتا أنهم يواجهون صعوبة في استقبال أموال أو إرسالها للخارج بسبب حالة الرعب والتوتر الأمني الفرنسي من التمويلات الإرهابية.
وأضاف بوزيد لـ"العرب مباشر"، أردوغان وحلفاؤه من الإخوان والدول الداعمة للإرهاب يسعون لتأجيج الغضب الإسلامي ضد فرنسا لتحقيق أكبر استفادة ممكنة لمخططاتهم، وبدلا من البحث عن حلول عن طريق فتح الحوار، يهددون بمزيد من التطرف والإرهاب، مؤكداً أن الخطاب المتطرف أدى إلى خوف وقلق لدى الجالية المسلمة التي بدأت تشعر بمزيد من الغربة وتسعى إلى الانتقال من فرنسا إلى مكان آخر، خوفا من ردود أفعال السلطات الفرنسية.
الجالية الإسلامية تورطت رغمًا عنها في حرب بين التنظيمات المتطرفة والدولة الفرنسية
يقول أحمد نافع، 33 عاما، عدد الجالية المسلمة في فرنسا يتزايد بشكل سريع ويقترب من حاجز الـ6 ملايين نسمة، وأصبح الديانة الثانية بعد المسيحية، ورغم التزامنا بمسيرة إلى المدرسة التي يعمل بها المعلم صاحب الواقعة إلا أن الجالية الإسلامية تعيش أزمة حقيقية لعدة أسباب.
وأضاف: أبرزها الأموال المشبوهة التي تدخل إلى فرنسا لتمويل منظمات إسلامية لا نعرف عن أهدافها شيئا في فرنسا، وثانيها هو تمدد الجالية الإسلامية بشكل سبَّب حالة من القلق للسلطات الفرنسية من تغيير محتمل للبنية الاجتماعية والثقافية داخل البلد العلماني.
وتابع نافع: الأزمة ليست في الإسلام والمسلمين فالجالية الإسلامية تورطت في حرب شرسة بين التنظيمات المتطرفة والدولة الفرنسية، فتلك المؤسسات التنظيمية عديدة على شكل جمعيات ومعاهد دينية ومدارس تعمل وفق أجندة إسلام سياسي خالصة لزرع مفاهيم وتوسيع النفوذ الإخواني في فرنسا، فمعظم الجمعيات الإسلامية في فرنسا تابعة لجماعة الإخوان وبعضها يتبع التيارات السلفية فأفكارهم وسياساتهم بعيدة كل البعض عن المسلمين في فرنسا.