225 مخبأ سلاح جنوب الليطاني.. أطنان من السلاح تعود لسيطرة الدولة

225 مخبأ سلاح جنوب الليطاني.. أطنان من السلاح تعود لسيطرة الدولة

225 مخبأ سلاح جنوب الليطاني.. أطنان من السلاح تعود لسيطرة الدولة
الجيش اللبناني

من قلب الجنوب اللبناني، وفي منطقة تخضع لرقابة دولية صارمة بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، أعلنت قوات "يونيفيل" عن العثور على أكثر من 225 مخبأ للأسلحة، في مؤشر لعمق التعقيد الأمني والسياسي الذي يلف ملف السلاح غير الشرعي، هذه الاكتشافات تأتي في ظل تصعيد الضغوط الدولية على لبنان لضبط الأمن جنوب نهر الليطاني، حيث ينص الاتفاق الأخير مع حزب الله، بوساطة أميركية فرنسية، على انسحاب مقاتليه وتفكيك بنيته العسكرية، لكن هذه الوقائع الميدانية تكشف أن الطريق إلى "احتكار الدولة للسلاح" ما يزال محفوفًا بالتحديات، فبين انتشار الجيش اللبناني في 120 موقعًا، وبقاء القوات الإسرائيلية في خمس نقاط استراتيجية داخل الأراضي اللبنانية، تتقاطع المعادلات العسكرية مع الحسابات السياسية، وتتسع المسافة بين الاتفاقات على الورق وتطبيقها على الأرض، وفي هذا المشهد، يصبح السلاح المخفي ليس مجرد أداة قتال، بل دلالة رمزية على الصراع القائم بين الدولة و"الدويلة".

*جهود مشتركة*


في خطوة تكشف عن حجم الترسانة غير الشرعية التي ما زالت مخزنة في جنوب لبنان، أعلنت قوة الأمم المتحدة المؤقتة العاملة هناك (يونيفيل) أنها عثرت على 225 مخبأ للسلاح منذ شهر نوفمبر الماضي، أي منذ بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بين حزب الله وإسرائيل برعاية أميركية وفرنسية.

ووفق بيان صادر عن البعثة الأممية، فإن هذه المخابئ جرى تسليمها إلى الجيش اللبناني، في إطار الجهود المشتركة لإعادة بسط سلطة الدولة على كامل المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني، والتي يفترض أن تكون منزوعة السلاح بموجب قرار مجلس الأمن 1701 الصادر في 2006، والمُجدَّد روحيًا في الاتفاق الأخير.

الاتفاق، الذي دخل حيّز التنفيذ في 27 نوفمبر، نص على انسحاب مقاتلي حزب الله من المنطقة الحدودية وتفكيك البنية العسكرية للتنظيم هناك، مقابل التزام إسرائيل بالانسحاب من المناطق التي تقدمت إليها خلال المواجهات، وتعزيز انتشار كل من الجيش اللبناني وقوة يونيفيل.

وبحسب البيان، فإن الجيش اللبناني أعاد انتشاره، بدعم من القوة الأممية، في أكثر من 120 موقعًا ثابتًا جنوب الليطاني، وهو تطور ميداني لافت يُظهر نية الدولة اللبنانية استعادة سيادتها الفعلية، لا الرمزية، على هذه الرقعة المتوترة.

لكن هذا الانتشار لا يخلو من العقبات، إذ ما تزال القوات الإسرائيلية متمركزة في خمس نقاط استراتيجية داخل الأراضي اللبنانية، وهي مرتفعات تتيح لها مراقبة وتحكمًا ناريًا واسعًا في المنطقة. ورغم انقضاء المهلة المتفق عليها للانسحاب الإسرائيلي، إلا أن تل أبيب ما تزال تحتفظ بهذه المواقع، ما يعقّد مهمة بسط سيطرة الجيش اللبناني الكاملة.

وتعززت تعقيدات هذا المشهد باستمرار الغارات الجوية الإسرائيلية، التي طالت في الأسابيع الأخيرة مناطق في الجنوب وأخرى في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله. هذه الهجمات تمثل خرقًا مباشرًا لاتفاق وقف النار، وتؤكد أن الوضع على الأرض ما يزال هشًا للغاية.

*وقف الاعتداءات الإسرائيلية*


في المقابل، كثّف لبنان الرسمي مطالبه للمجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل للانسحاب من المرتفعات المحتلة ووقف هجماتها الجوية، معتبرًا أن هذه الاعتداءات تعرقل تنفيذ الاتفاق وتهدد بإعادة إشعال الصراع.

وفي خطاب ألقاه نهاية أبريل، أعلن الرئيس اللبناني جوزيف عون أن الجيش اللبناني بات يسيطر على ما يزيد عن 85% من الأراضي الجنوبية، وقد نزع منها القسم الأكبر من الأسلحة غير الشرعية، في محاولة لإظهار جدية الدولة في ضبط الوضع الأمني وفرض سيادتها وفقًا للاتفاق الموقع.

هذا التصريح يأتي في سياق تصاعد الضغط الأميركي على الحكومة اللبنانية للحد من نفوذ حزب الله وتجريد ذراعه العسكري من السلاح، خاصة بعد أن تكبّد التنظيم خسائر كبيرة في بنيته القيادية والعسكرية نتيجة المواجهات الأخيرة مع إسرائيل.

لكن الواقع يشير أن المعركة حول السلاح ليست فقط أمنية، بل سياسية بالدرجة الأولى. فالاكتشافات الأخيرة التي أبلغت عنها يونيفيل تدل على أن هناك شبكات ما تزال تنشط في تخزين الأسلحة، بما يعكس استمرار نشاط الجماعات المسلحة على الأرض رغم الالتزامات الرسمية.

*اختبار فعلي*


من جانبهم، يرى مراقبون أن هذه التطورات تٌعد بمثابة اختبار فعلي لمدى قدرة الدولة اللبنانية على الانتقال من حالة "الرضا بالوجود المشترك" بين مؤسسات الدولة والمجموعات المسلحة، إلى "سلطة موحدة تحت علم واحد وسلاح واحد".

وتابع المراقبون، أن في ظل معادلة معقدة تدمج الأمن بالسياسة، والداخل بالخارج، يبقى الجنوب اللبناني مسرحًا مفتوحًا على كل السيناريوهات، في انتظار توافق داخلي حقيقي على مفهوم السيادة، وإرادة دولية تدعم هذا التوجه لا تكتفي بإدارته.