اجتياح بري شامل لـ غزة.. تعبئة عسكرية ضخمة وصراع داخلي يمتد حتى 2026

اجتياح بري شامل لـ غزة.. تعبئة عسكرية ضخمة وصراع داخلي يمتد حتى 2026

اجتياح بري شامل لـ غزة.. تعبئة عسكرية ضخمة وصراع داخلي يمتد حتى 2026
اجتياح غزة

بينما ما تزال نيران الحرب في غزة مشتعلة، كشفت تسريبات من داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية عن ملامح خطة اجتياح بري واسعة النطاق قد تغيّر مسار الصراع وتطيل أمده حتى عام 2026.

 الخطة، التي أقرّها رئيس الأركان أيال زامير بعد نقاشات مكثفة مع قادة الجيش والأجهزة الأمنية، تتضمن تعبئة هائلة لقوات الاحتياط تصل إلى 100 ألف جندي، مع تكتيكات قتالية تستهدف قلب مدينة غزة والمباني الشاهقة غربها، إضافة إلى مواجهة مباشرة مع وحدات المقاومة، لكن هذه الخطة لم تمر دون جدل داخلي، إذ أثارت خلافات حادة بين زامير ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، لتتحول إلى معركة سياسية موازية للحرب الميدانية، وبينما تحاول القيادة الإسرائيلية تهيئة الرأي العام لاحتمال مواجهة عسكرية طويلة ومكلفة، تبرز أسئلة جوهرية حول الأثمان البشرية والسياسية، وحول قدرة تل أبيب على إدارة معركة ممتدة زمنيًا دون أن تدفع ثمنًا أكبر على الصعيد الداخلي والخارجي.

*احتلال غزة*


تشير تقديرات عسكرية إسرائيلية، بحسب صحيفة يديعوت أحرونوت، أن العملية البرية التي يخطط لها الجيش في عمق قطاع غزة قد تستمر لما يقارب العامين، مع توقعات بامتداد القتال حتى نهاية 2026. 

هذه العملية، التي صيغت فكرتها الأساسية في هيئة الأركان، تأتي في إطار ما تصفه إسرائيل بـ"احتلال غزة"، وهي خطوة مثيرة للجدل داخليًا وخارجيًا، لما تنطوي عليه من مخاطر سياسية وعسكرية وإنسانية.

وبحسب المعلومات المتداولة، فقد أقرّ رئيس الأركان أيال زامير "الفكرة المركزية" للاجتياح خلال جلسة تقييم خاصة، بعد مداولات مع جهاز الأمن العام (الشاباك) وقيادات عسكرية بارزة. 

وتستند الخطة إلى تعبئة ما بين 80 و100 ألف جندي احتياط، مع استعدادات لتنفيذ مناورات برية مكثفة تستهدف البنية التحتية العسكرية لحركة حماس، والمناطق العمرانية المكتظة، خصوصًا الأبراج السكنية غرب مدينة غزة.

وتتضمن الخطة العسكرية عدة مراحل: أولها، التهيئة النارية والاستخباراتية عبر ضربات جوية ومدفعية مركزة، تسبق الدخول البري، المرحلة الثانية هي المناورة في المناطق الحضرية، وهي أكثر المراحل خطورة، إذ تتوقع قيادة الجيش مواجهة مقاومة شرسة وكمائن في الأحياء الضيقة.

المرحلة الثالثة والأخيرة، هي تطويق القطاع لمنع إعادة تمركز قوات المقاومة أو تسريب الإمدادات.

*خلافات داخلية*


ورغم أن زامير نفسه كان قد حذر، في اجتماع سابق لمجلس الوزراء، من مخاطر احتلال غزة، بما في ذلك تعريض حياة الرهائن للخطر واستنزاف القوات في حرب استنزاف طويلة، إلا أن القرار السياسي جاء مخالفًا لتوصياته، ما دفعه للتأكيد أنه سيلتزم بما يقرره المستوى السياسي، مع تسجيل اعتراضه المهني.

المعركة لم تقتصر على الميدان، إذ انتقلت إلى داخل أروقة الحكم في تل أبيب، حيث تصاعد الخلاف بين وزير الدفاع يسرائيل كاتس وزامير.

فقد انتقد كاتس طريقة إدارة رئيس الأركان لملف التعيينات في الجيش، معتبراً أنه تم تجاوز الإجراءات المتعارف عليها، فيما ردت هيئة الأركان بأن صلاحيات التعيين الأساسية تعود لرئيس الأركان قبل عرضها على الوزير للموافقة أو الرفض. 

هذا التوتر يعكس صراع نفوذ داخل المؤسسة الأمنية، في وقت تواجه فيه إسرائيل تحديًا عسكريًا كبيرًا.

على الصعيد الميداني، يرى مراقبون، أن تنفيذ اجتياح بري شامل لمدينة غزة سيعني الدخول في حرب شوارع قاسية، حيث تمتلك حماس خبرة قتالية تراكمت عبر جولات الصراع السابقة، إضافة إلى شبكة أنفاق معقدة تعطيها ميزة تكتيكية.

كما أن طول أمد العملية قد يرهق الجبهة الداخلية الإسرائيلية اقتصاديًا ومعنويًا، ويزيد من حدة الضغوط الدولية المطالبة بوقف العمليات العسكرية.

أما من الناحية الإقليمية، فإن إطالة أمد الحرب قد تفتح الباب أمام تصعيد في جبهات أخرى، عبر جبهات الدعم اللوجستي للمقاومة في الضفة الغربية، هذا السيناريو يضع القيادة الإسرائيلية أمام معضلة، تحقيق أهداف عسكرية حاسمة مقابل المخاطرة بانفجار جبهات متعددة.

*مجازفة استراتيجية*


من جانبه، يرى اللواء أيمن عبد المحسن، الخبير في الشؤون العسكرية، أن الخطة الإسرائيلية لاجتياح غزة حتى عام 2026 تمثل مجازفة استراتيجية عالية الكلفة، قد تتحول إلى فخ استنزاف طويل المدى للجيش الإسرائيلي.

ويوضح عبد المحسن في حديثه لـ"العرب مباشر"، أن طبيعة المعركة في بيئة حضرية مكتظة، مثل مدينة غزة، تمنح المقاومة أفضلية تكتيكية، خصوصًا مع وجود شبكة أنفاق معقدة ومخزونات أسلحة موزعة على نطاق واسع.

ويشير أن أي عملية تستهدف الأبراج السكنية والمناطق الغربية للمدينة ستواجه بمقاومة شرسة، ما سيؤدي إلى خسائر بشرية ومادية كبيرة للطرف المهاجم.

ويؤكد عبد المحسن، أن تعبئة 100 ألف جندي احتياط بهذا الحجم ستفرض عبئًا اقتصاديًا ونفسيًا على المجتمع الإسرائيلي، خاصة إذا طال أمد الحرب؛ ما قد يؤدي إلى تآكل الدعم الشعبي للحكومة. 

كما أن انشغال الجيش في غزة سيضعف جاهزيته على الجبهات الأخرى، ويزيد من مخاطر التصعيد مع جهات أخرى أو اندلاع مواجهات في الضفة الغربية.

ويختتم بالقول: إن إسرائيل قد تحقق مكاسب تكتيكية قصيرة الأمد، لكنها ستجد نفسها، على المدى البعيد، أمام معادلة معقدة، احتلال مكلف بلا أفق سياسي واضح، وصراع مفتوح قد يغير موازين القوى في المنطقة.