أمل جديد في باريس.. هل تنجح الحكومة في تجاوز أزمة الثقة؟

أمل جديد في باريس.. هل تنجح الحكومة في تجاوز أزمة الثقة؟

أمل جديد في باريس.. هل تنجح الحكومة في تجاوز أزمة الثقة؟
فرنسا

أعلنت فرنسا عن تشكيل حكومة جديدة بقيادة رئيس الوزراء فرانسوا بايرو، وسط أجواء سياسية واقتصادية مضطربة تعصف بالبلاد. يتولى الفريق الحكومي الجديد مهمة شاقة لإقرار ميزانية 2025 التي أسقطتها المعارضة البرلمانية؛ مما أطاح بالحكومة السابقة.


يبرز هذا التغيير في ظل عجز مالي تجاوز 6% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو تحدٍ يتطلب إجراءات حاسمة وسريعة لاحتواء الأزمة. وإلى جانب ضغوط الميزانية، تواجه الحكومة تهديدات سياسية بسحب الثقة؛ مما يجعل الأشهر القادمة اختبارًا حقيقيًا لقدرة الفريق الحكومي على إدارة الأزمات واستعادة استقرار المشهد السياسي الفرنسي، فكيف ستنجح حكومة بايرو في تحقيق التوازن بين تطلعات الشارع الفرنسي ومتطلبات البرلمان؟ 


*تحديات الميزانية ومهام فريق العمل*


يواجه الفريق الحكومي الجديد تحديات مالية عميقة تتطلب استراتيجيات دقيقة ومحددة.


مع تعيين إريك لومبار، الذي يُعد أحد أبرز الشخصيات الاقتصادية في فرنسا، في منصب وزير المالية، تأمل الحكومة في توظيف خبرته الواسعة كرئيس لصندوق الودائع والأمانات لإدارة العجز المالي بفعالية.


يتمثل التحدي الرئيسي أمام لومبار في تقليل العجز الذي تجاوز حاجز 6% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو رقم يعكس ضغوطًا اقتصادية شديدة على الحكومة والمجتمع.


إلى جانبه، تسعى وزيرة الميزانية أميلي دي مونشالو لتطوير ميزانية 2025 بما يحقق توازنًا بين متطلبات البرلمان الحادة واحتياجات المواطنين الملحة. التركيز الأساسي سيكون على خلق حلول مبتكرة لتخفيف الأعباء الاقتصادية، بما في ذلك ضبط النفقات الحكومية وزيادة كفاءة استخدام الموارد المالية.

*البرلمان وسحب الثقة.. اختبار صعب*


يعتبر البرلمان الفرنسي بمثابة الساحة الرئيسية التي ستحدد مصير حكومة بايرو الجديدة. الرفض السابق لمشروع ميزانية 2025 أدى إلى سقوط الحكومة السابقة، وهو مؤشر واضح على أن بايرو وفريقه سيواجهون معارضة شرسة.


البرلمان، الذي يستأنف جلساته في 13 يناير، يُتوقع أن يكون مسرحًا لمعركة سياسية مكثفة. على بايرو إظهار مرونة كبيرة في التفاوض مع الكتل السياسية المختلفة لتجنب تصويت بسحب الثقة.


الرهان الأكبر يكمن في قدرتهم على تقديم مشروع ميزانية يلقى قبولًا واسعًا قبل انتخابات يوليو البرلمانية، حيث يأمل الرئيس ماكرون في تحقيق انتصار يعزز الاستقرار الحكومي.



*استمرار الحقائب الوزارية.. استقرار وسط العاصفة*


رغم التغيرات الكبيرة في المناصب المتعلقة بالشؤون الاقتصادية، تمسكت الحكومة الجديدة باستمرارية بعض الوزراء في مناصبهم لضمان الاستقرار في ملفات حيوية.


برونو ريتايو، الذي يحتفظ بمنصب وزير الداخلية، يضطلع بدور أساسي في الحفاظ على الأمن الداخلي وسط تحديات الإرهاب والجريمة المنظمة.


جان نويل بارو، الذي استمر كوزير للخارجية، يحمل على عاتقه مهمة إدارة الأزمات الدبلوماسية التي تواجه فرنسا، خصوصًا مع تصاعد التوترات الدولية.


كذلك، يبقى سيباستيان ليكورنو وزيرًا للدفاع، حيث يركز على تعزيز قدرات الجيش الفرنسي في مواجهة التحديات الأمنية العالمية.

*استجابة الشارع الفرنسي*


يشكل الشارع الفرنسي عنصر ضغط إضافيًا على حكومة بايرو الجديدة، خاصة مع تزايد القلق بشأن تدهور القوة الشرائية وتأثير التضخم على الأسر.


تشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى تصاعد حالة من عدم الرضا بين المواطنين الذين ينتظرون سياسات اقتصادية تخفف عنهم الأعباء اليومية.


الحكومة مطالبة بوضع سياسات عاجلة لتحفيز الاقتصاد، مثل: خفض الضرائب على الفئات محدودة الدخل، وزيادة الدعم للقطاعات المتضررة، مع تعزيز برامج الحماية الاجتماعية.


القرارات المنتظرة قد تكون العامل الحاسم في استعادة ثقة المواطنين والتقليل من احتمالية اندلاع احتجاجات جديدة مشابهة لحراك السترات الصفراء.

*الأثر السياسي والانتخابات المقبلة*


من جانبهم، يرى مراقبون، أن الانتخابات البرلمانية القادمة تشكل محطة مفصلية في مستقبل الحكومة. حيث يسعى الرئيس ماكرون لاستغلال هذه الفترة لإعادة ترتيب البيت السياسي وحشد الدعم لحكومته الجديدة.


وأضاف المراقبون: أن في ظل الأزمات المتفاقمة، يلعب الإعلام والمجتمع المدني دورًا محوريًا في نقل نبض الشارع والضغط على الحكومة لتنفيذ الإصلاحات الموعودة.