بعد حرق شجرة الميلاد في حماة.. المسلحون الأجانب في سوريا قنبلة موقوتة

بعد حرق شجرة الميلاد في حماة.. المسلحون الأجانب في سوريا قنبلة موقوتة

بعد حرق شجرة الميلاد في حماة.. المسلحون الأجانب في سوريا قنبلة موقوتة
حرق شجرة عيد الميلاد

في حادثة هزّت الأوساط السورية وأثارت استنكارًا شعبيًا واسعًا، أقدم مسلحون أوزبك ينتمون إلى فصيل متشدد على إحراق شجرة عيد الميلاد في مدينة السقيلبية بمحافظة حماة.


هذا العمل الذي حمل طابعًا رمزيًا تجاوز كونه اعتداءً على شجرة إلى كونه إشارة مقلقة على تزايد التوترات الطائفية في بلد يئن تحت وطأة الحرب والانقسامات، الاعتداء لم يكن مجرد عمل فردي؛ فقد جاء وسط تهديدات من المسلحين، ومنعوا الأهالي من الاقتراب أثناء إشعالهم النار في الشجرة، لاحقًا، تدخلت فرق الإطفاء لإخماد النيران، فيما بدأت القوى الأمنية عمليات ملاحقة المتورطين.


هذا الاعتداء ألقى بظلاله على المجتمع السوري، حيث خرجت تظاهرات واحتجاجات غاضبة في دمشق وحماة، منددة بالحادث وبالمخاطر التي تواجه الأقليات. فما الذي يكشفه هذا الاعتداء عن التحديات التي تواجه النسيج السوري المتنوع؟ وكيف تعيد الحادثة رسم ملامح الصراع الدائر؟ 

*رمز محروق وغضب شعبي*


اندلعت الحادثة في مدينة السقيلبية، التي تسكنها غالبية من المسيحيين الأرثوذكس، حينما أضرم مقاتلون ملثمون النار في شجرة عيد الميلاد.


وسرعان ما انتشر فيديو يوثق الاعتداء على وسائل التواصل الاجتماعي، مظهرًا المسلحين وهم يحيطون بالشجرة المشتعلة بأسلحتهم، في مشهد أثار غضبًا واسعًا على المستويين الشعبي والدولي.


ردود الفعل لم تتأخر؛ إذ خرجت تظاهرات عفوية في أحياء دمشق المسيحية، حيث حمل المحتجون صلبانًا خشبية وهتفوا بشعارات تطالب بحماية حقوق المسيحيين وضمان أمنهم.


وصرخ أحد المتظاهرين: "نريد الأمان الذي فقدناه منذ سنوات"، معبرًا عن إحساس عميق بالخذلان من السلطات، وفقًا لـ"فرانس برس".



*هوية المهاجمين ودلالات الاعتداء*


المرصد السوري أكد، أن المسلحين الذين أقدموا على هذا الفعل ينتمون إلى فصيل متشدد يضم مقاتلين أجانب، معظمهم من آسيا الوسطى، ويعد هذا العمل امتدادًا لظاهرة المقاتلين الأجانب الذين انخرطوا في الحرب السورية منذ بدايتها، جالبين معهم عقائد متطرفة وسلوكيات عدائية تجاه الأقليات.


وفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن المهاجمين ينتمون إلى فصيل "أنصار التوحيد"، وهو جماعة مرتبطة بشكل غير مباشر بـ"هيئة تحرير الشام".


في مشهد يعكس مدى تعقيد التركيبة العسكرية في سوريا، أشار رجل دين تابع للهيئة في فيديو آخر إلى أن "مرتكبي الجريمة ليسوا سوريين"، متعهدًا بمعاقبتهم.

*الأقليات في مرمى العاصفة*


يُعتبر هذا الحادث اختبارًا حساسًا لـ"هيئة تحرير الشام"، التي تسعى لتقديم صورة معتدلة بعيدًا عن إرثها المرتبط بتنظيم القاعدة.


رغم إعلانها فك ارتباطها بالتنظيم، ما تزال الهيئة تواجه تحديات كبيرة، خصوصًا مع وجود مقاتلين أجانب في صفوفها ينتهجون ممارسات متشددة.

هذه الحادثة ليست الأولى التي تستهدف الأقليات الدينية في سوريا، لكنها تلقي الضوء مجددًا على ضعف الأمن وتزايد الخطر على المجتمعات المسيحية، التي كانت تعيش بسلام نسبي قبل اندلاع الحرب.

*رد فعل السلطة والوعود المعلقة*


من جانبها، تعهدت القوى الأمنية بملاحقة المتورطين ومحاسبتهم، لكن التحدي الأكبر يبقى في معالجة جذور المشكلة.


ووسط التوترات، خرجت دعوات من رجال دين مسيحيين لترميم الشجرة وإضاءة المنطقة كرمز للصمود في وجه محاولات التفرقة.
الاحتجاجات لم تقتصر على الداخل السوري، بل استُخدمت الحادثة كمنصة لإيصال رسالة إلى المجتمع الدولي، حيث طالب بعض المتظاهرين بالضغط لحماية الأقليات.


"إما أن نعيش بسلام أو نُمنح فرصة اللجوء"، قال أحدهم، ملخصًا مأزق المسيحيين في سوريا، وفقًا لـ"فرانس برس".

*المقاتلون الأوزبك*


يذكر أن المقاتلين الأوزبك هم جزء من المشهد العسكري في سوريا، ينتمون لفصائل مختلفة، منها: "كتائب الإمام البخاري" المرتبطة بهيئة تحرير الشام، وجماعات أخرى تدين بالولاء لتنظيم داعش.


يحمل هؤلاء المقاتلون خلفيات مختلفة، لكنهم يشتركون في استهداف الأقليات وفرض أيديولوجيات متشددة.

*النزاعات الطائفية*


من جانبه قال المحلل السياسي السوري، عبد الرحمن ربوع: إن حادثة إحراق شجرة عيد الميلاد تعكس تصاعد التوترات الطائفية في ظل الفوضى الأمنية التي تعيشها سوريا.


وأضاف ربوع في حديثه لـ"العرب مباشر": أن وجود مقاتلين أجانب، مثل الأوزبك، يعمّق الانقسامات داخل المجتمع السوري، حيث تحمل أفعالهم رسائل تهديدية تستهدف الأقليات.


وأردف ربوع: الحادثة ليست مجرد اعتداء رمزي، بل هي محاولة لخلق حالة من الخوف وعدم الاستقرار، تهدف إلى إثارة النزاعات الطائفية واستثمارها سياسيًا من قبل الأطراف المتشددة".
كما شدد على أهمية إعادة بناء الثقة بين مكونات المجتمع السوري وتعزيز حماية الأقليات لضمان استقرار البلاد.