بعد الأسد.. هل يقود الانفتاح الدبلوماسي إلى مرحلة انتقالية شاملة في سوريا؟

بعد الأسد.. هل يقود الانفتاح الدبلوماسي إلى مرحلة انتقالية شاملة في سوريا؟

بعد الأسد.. هل يقود الانفتاح الدبلوماسي إلى مرحلة انتقالية شاملة في سوريا؟
أحمد الشرع

تشهد سوريا في أعقاب التحولات السياسية الأخيرة حراكًا دبلوماسيًا ملحوظًا وانفتاحًا إقليميًا ودوليًا، وسط هذه التحولات، برزت دعوات لتشكيل حكومة شاملة تسعى إلى تحقيق انتقال سياسي سلمي يضمن استقرار البلاد بعد سنوات من الصراع. هذه التطورات فتحت الباب أمام العديد من التساؤلات حول أهداف هذا الانفتاح وتأثيره على مستقبل سوريا ودورها الإقليمي.

انفتاح دبلوماسي ودور عربي متزايد  


في الأيام الأخيرة، تصاعدت وتيرة الزيارات العربية إلى دمشق، حيث شملت وفودًا من دول مثل لبنان، السعودية، الأردن، وقطر. 
هذه الخطوات تُظهر توجهًا عربيًا نحو دعم استقرار سوريا وخلق أرضية مشتركة للمرحلة الانتقالية، يُنظر إلى هذه التحركات كجزء من محاولات عربية لملء الفراغ الذي خلفه تراجع النفوذ الروسي والإيراني في المشهد السوري.


الدول العربية، تمتلك خبرة واسعة في إدارة الأزمات في المنطقة، وهو ما يعزز فرص نجاحها في تقديم دعم فعال لسوريا في هذه المرحلة الحرجة. 


كما أن هذا التوجه يعكس إدراكًا لأهمية الحفاظ على وحدة سوريا ومنع تفككها، نظرًا للتحديات الأمنية والإنسانية التي قد تنتج عن أي انهيار إضافي للدولة.

تحديات الانتقال السياسي  


على الرغم من المؤشرات الإيجابية للانفتاح العربي والدولي، ما تزال هناك تحديات كبيرة تعترض طريق الانتقال السياسي في سوريا، ومن أبرز هذه التحديات إعادة بناء الثقة بين المكونات السورية المختلفة، وإعادة اللاجئين، وإعادة هيكلة المؤسسات الحكومية بما يعزز شرعيتها وكفاءتها.


بالإضافة إلى ذلك، تبرز الحاجة إلى وضع دستور جديد يعكس تطلعات الشعب السوري، ويضمن تمثيلًا عادلًا لجميع الأطياف السياسية والاجتماعية، هذا الدستور يجب أن يُشكل الأساس لتحقيق الاستقرار السياسي وإعادة بناء الدولة السورية بما يعزز سيادة القانون ويضمن حقوق المواطنين.

المخاوف من التدخلات الخارجية  


رغم الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار، يبقى القلق من التدخلات الخارجية حاضرًا. 


هناك مخاوف من أن بعض الدول الإقليمية قد تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة على حساب مصلحة الشعب السوري، هذه التدخلات، سواء كانت سياسية أو اقتصادية، قد تعرقل مسار الانتقال السياسي أو تنحرف به عن أهدافه.


التنافس بين القوى الإقليمية على النفوذ في سوريا قد يؤدي إلى خلق توترات جديدة بدلًا من دعم الاستقرار، ولذا، فإن نجاح المرحلة الانتقالية يعتمد بشكل كبير على قدرة الدول العربية على توحيد جهودها وتقديم دعم غير مشروط يعزز من سيادة سوريا ويحترم إرادة شعبها.


جانب آخر من التحديات يتعلق بإعادة إعمار سوريا، حيث تحتاج البلاد إلى استثمارات ضخمة لإعادة بناء بنيتها التحتية وإحياء اقتصادها. هنا يأتي دور الدول العربية والدول المانحة، التي يُتوقع أن تقدم الدعم المالي والفني اللازم لتحقيق هذه المهمة.


عملية إعادة الإعمار يجب أن تكون مصحوبة بخطط تنموية شاملة تُعزز من الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وتُقلل من احتمالات عودة الصراع. كما يجب أن تركز هذه الخطط على تحسين معيشة المواطنين السوريين، وضمان توزيع عادل للموارد، مما يُعزز من استدامة السلام.


المرحلة المقبلة تمثل فرصة لإعادة سوريا إلى محيطها الإقليمي والدولي كلاعب فعّال، تحقيق ذلك يتطلب دعمًا مستمرًا من الدول العربية والمجتمع الدولي، بالإضافة إلى التزام الأطراف السورية بتحقيق المصالحة الوطنية وإعلاء المصلحة العامة فوق المصالح الضيقة.


صرح المحلل السياسي السوري سلمان الشيب، أن التحولات الأخيرة في سوريا تشير إلى بداية مرحلة جديدة تحمل فرصًا وتحديات في آن واحد، وأكد أن الانفتاح العربي والدولي تجاه دمشق يعكس إدراكًا متزايدًا بأهمية دعم سوريا للخروج من أزمتها الممتدة، مشيرًا أن الدول العربية تسعى لتحقيق توازن في الملف السوري وسط تراجع النفوذ الروسي والإيراني.


وأضاف الشيب - في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، أن التحدي الأكبر أمام الانتقال السياسي يتمثل في إيجاد صيغة توافقية بين جميع الأطراف السورية تضمن تشكيل حكومة شاملة قادرة على إدارة المرحلة الانتقالية. وقال: "المصالحة الوطنية هي المفتاح لتحقيق الاستقرار طويل الأمد، لكنها تتطلب إرادة سياسية جماعية وتنازلات من كل الأطراف".