محلل سوداني: الهدنة الإنسانية المرتقبة اختبار جدي لمدى التزام الأطراف بإنهاء الحرب
محلل سوداني: الهدنة الإنسانية المرتقبة اختبار جدي لمدى التزام الأطراف بإنهاء الحرب
تتجه الأنظار في السودان نحو هدنة إنسانية مرتقبة بين الجيش وقوات التأسيس، في ظل تصاعد الضغوط الأمريكية والدولية لوقف القتال المتواصل في عدد من المناطق بالسودان، بعد تدهور الأوضاع الإنسانية ووصولها إلى مستويات حرجة.
مصادر سياسية سودانية أكدت، أن مباحثات غير معلنة تُجرى بوساطة إقليمية ودولية، تهدف إلى التوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار يسمح بإيصال المساعدات الإنسانية وفتح ممرات آمنة للمدنيين الذين يعانون أوضاعًا معيشية صعبة في مناطق النزاع.
وقالت المصادر: إن الولايات المتحدة تضغط بقوة على الطرفين من أجل القبول بترتيبات إنسانية عاجلة، مشيرة إلى أن واشنطن أبلغت قيادات عسكرية وسياسية سودانية بضرورة إظهار "حسن نية" من خلال الالتزام المؤقت بالهدوء ووقف العمليات القتالية لتمكين المنظمات الإنسانية من الوصول إلى المتضررين.
في المقابل، رحبت منظمات الإغاثة الدولية بهذه الجهود، ووصفتها بأنها "خطوة ضرورية لإنقاذ الأرواح" في ظل انقطاع الإمدادات الغذائية والطبية عن مناطق واسعة، بينما حذّرت من أن أي تأخير في تنفيذ الهدنة سيضاعف معاناة المدنيين.
مصادر عسكرية سودانية، أوضحت أن الجيش لا يعارض الهدنة من حيث المبدأ، لكنه يشترط وجود ضمانات واضحة تضمن عدم استغلالها من قبل قوات التأسيس لإعادة التموضع أو تلقي دعم خارجي، فيما أكدت الأخيرة استعدادها للتجاوب مع أي مبادرة إنسانية تضمن وصول المساعدات وتخفيف معاناة المواطنين.
ويرى مراقبون أن نجاح هذه الهدنة المحتملة سيعتمد على التزام الطرفين بالضمانات الدولية، وأنها قد تشكل بداية لمسار تفاوضي جديد برعاية أمريكية، يهدف إلى إنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من عام، وإعادة السودان إلى طريق الاستقرار.
وقال المحلل السياسي السوداني د. محمد عبدالله: إن الحديث عن هدنة إنسانية مرتقبة بين الجيش وقوات التأسيس يأتي في وقتٍ بالغ الحساسية بالنسبة للسودان، مشيرًا إلى أن الضغوط الأمريكية المكثفة لعبت دورًا أساسيًا في دفع الطرفين إلى التفكير بجدية في وقف القتال مؤقتًا بعد تفاقم الأوضاع الإنسانية في عدد من مناطق البلاد.
وأوضح د. عبدالله -في تصريحاته للعرب مباشر-: أن واشنطن تسعى من خلال هذه الخطوة إلى اختبار نوايا الطرفين ومدى استعدادهما للالتزام بوقف إطلاق النار تمهيدًا لمسار سياسي أوسع، مضيفًا أن المجتمع الدولي بات يرى أن استمرار الحرب يهدد بانهيار شامل في البنية المدنية والاقتصادية في السودان.
وأشار إلى أن الهدنة إذا ما تم التوصل إليها، فستشكل فرصة مهمة للمنظمات الإنسانية للوصول إلى المتضررين الذين يواجهون أوضاعًا مأساوية في مناطق النزاع، خاصة بعد تعطل شبكات الإمداد الغذائي والطبي.
لكنه حذر في الوقت نفسه من أن أي هدنة بلا ضمانات واضحة قد تتحول إلى "استراحة مقاتلين" تُستغل لإعادة التموضع والتسليح.
وأكد المحلل السوداني، أن الرهان الحقيقي يكمن في إرادة الأطراف المحلية أكثر من الضغوط الخارجية، فحتى لو نجحت الجهود الأمريكية في فرض تهدئة مؤقتة، فإن استدامة السلام تحتاج إلى تفاهمات داخلية تضع حدًا للحرب وتفتح الباب أمام عملية سياسية شاملة.
وختم د. عبدالله بالقول: إن الهدنة الإنسانية المرتقبة ستكون اختبارًا سياسيًا وأخلاقيًا لمدى جدية القوى المتصارعة في تقديم مصلحة السودان العليا على المصالح الفئوية والعسكرية الضيقة، معتبرًا أن نجاحها سيكون بداية طريق طويل نحو إنهاء الحرب واستعادة الدولة السودانية لعافيتها.

العرب مباشر
الكلمات