بعد مرور 5 أعوام.. كيف استغل أردوغان مزاعم الانقلاب للتخلص من المعارضة؟
في ذكري الانقلاب المزعوم يحاول أردوغان التخلص من المعارضة
سلطت وكالة "فرانس 24" الضوء على حملات القمع الواسعة التي ارتكبتها السلطات التركية، بقيادة رجب طيب أردوغان، خلال الخمس سنوات الأخيرة، وذلك بمناسبة احتفال تركيا بمرور 5 سنوات على الانقلاب الفاشل الذي وقع في عام 2016.
وقالت "فرانس 24": إن تركيا تغيرت جذريًا بعد الانقلاب الفاشل ضد الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي أطلق العنان لحملة سياسية واسعة واعتقالات جماعية، لافتة إلى أنه في ليلة هادئة يوم 15 يوليو/ تموز 2016 ، حاول فصيل في الجيش التركي السيطرة على البلاد مستخدمًا الطائرات الحربية والدبابات لمهاجمة المباني الحكومية.
كما أشارت الوكالة الفرنسية، إلى مقتل نحو 250 شخصًا - بالإضافة إلى 24 متآمرًا على الأقل - وإصابة أكثر من 2000 في الفوضى التي أعقبت تلك الأحداث، حيث حشد أردوغان أنصاره في الشارع.
تغيير جذري
وقالت "فرانس برس"، إنه منذ ذلك الحين، ظهر تأثير الليلة المشؤومة في كل جانب من جوانب الحياة التركية تقريبًا، بما في ذلك التعليم والقضاء والقيادة، مؤكدة أن قصة الانقلاب ساعدت في الحملة ضد النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين السياسيين، حيث حاول أردوغان استغلال الموقف لتعزيز سيطرته على تركيا منذ صعوده إلى السلطة في عام 2003.
تعقيد العلاقات مع أوروبا
وأوضحت الوكالة الفرنسية أن حملات القمع التي انتهجها أردوغان أدت أيضًا إلى تعقيد علاقاته مع الحلفاء الغربيين التقليديين، وأدى إلى وضع مثبط لمناخ المستثمرين الأجانب بسبب المخاوف بشأن سيادة القانون.
وأضافت أنه بعد أقل من عام على محاولة الانقلاب، أجرى أردوغان استفتاء لتحويل الديمقراطية البرلمانية في تركيا إلى رئاسة تنفيذية تضع أمور السلطة كلها بيده، مضيفة أنه ربح بفارق ضئيل ليمتلك قوة هائلة بين يديه.
وفي هذا الصدد، أشارت "فرانس 24" إلى أن أردوغان استغل تلك السلطات بشكل مفزع، وكان غالبًا ما يعلن قرارات رئيسية في مراسيم بين عشية وضحاها.
وقال "جاريث جنكينز"، المحلل التركي المخضرم: إن "أردوغان استخدم محاولة الانقلاب لتعزيز قبضته على السلطة."
مركزية السلطة تهدد أردوغان
وتابعت الوكالة الفرنسية، أن يوم 15 يوليو أصبح الآن عطلة رسمية، حيث دعا أردوغان أنصاره إلى الخروج بأعداد كبيرة في حفل إحياء ذكرى في أنقرة يوم الخميس، إلا أن المحللين السياسيين يحذرون من العيوب السياسية لمسألة مركزية السلطة التي فعلها أردوغان.
وقال دبلوماسي غربي لوكالة "فرانس برس": إن "امتلاك هذا القدر من القوة له سلبيات: عندما تسوء الأمور، مثل الوضع الاقتصادي الحالي، يكون من الصعب أن يتنصل أردوغان من مسؤولياته".
انهيار اقتصادي
وبحسب الوكالة، تعاني تركيا من ارتفاع مستمر في معدلات التضخم، وخسرت الليرة ثلثَيْ قيمتها مقابل الدولار منذ أسبوع محاولة الانقلاب.
كما أشارت الوكالة إلى مزاعم النظام التركي بأن الداعية "فتح الله جولن"، الذي يتخذ من الولايات المتحدة مقرًا له، خطط للانقلاب باستخدام أعضاء شبكته في الجيش.
فيما ينفي "جولن" تلك الاتهامات، ويصر على أن حركته الإسلامية تروج للسلام والتعليم. كما رفضت واشنطن تسليم "جولن" إلى أنقرة، وأصبح الأمر مصدر إزعاج دائم للعلاقات بين تركيا وحلفاء الناتو.
حملة قمع دمرت الجيش التركي
وأشارت "فرانس 24" إلى أن حملة القمع التي أعقبت الانقلاب أدت إلى تدمير صفوف الجيش التركي، وقال وزير الدفاع التركي خلوصي آكار: إن تركيا طردت 23.364 من الأفراد العسكريين في حربها ضد شبكة جولن.
وقال وزير الداخلية "سليمان صويلو": إن أكثر من 321 ألف شخص اعتقلوا منذ 2016، ما يؤكد أن حجم الاعتقالات كان له تأثير مخيف على السياسة التركية.
كذلك، أقالت حكومة أردوغان قرابة 4000 قاضٍ ومدعٍ عامّ، من بين أكثر من 100 ألف عامل في القطاع العامّ تم فصلهم أو إيقافهم عن العمل بسبب صلات مزعومة بجولن.
وأصدرت المحاكم أحكامًا بالسجن مدى الحياة على ثلاثة آلاف شخص، بينما أدين 4890 متهمًا على صلة بمحاولة الانقلاب.
أردوغان يتعهد بمواصلة حملته ضد المعارضة
وحتى بعد 5 سنوات من الواقعة، ما زال أردوغان يتعهد بأنه "سيتابع حملته حتى يتم الخلاص من آخر عضو في حركة جولن".
وبحسب الوكالة الفرنسية، يعتقد بعض المراقبين أن أردوغان يستخدم الآن قدرته على النجاة من الانقلاب كأساس لإرثه، إذ يقود أردوغان حزبًا ذا جذور دينية، وغالباً ما يشير إلى "تركيا الجديدة" التي يبنيها كجزء من إرثه.
ويقول المحلل "جنكينز": إن "الانقلاب يعطي الأساس لأسطورة تركيا الجديدة"، معتبرًا أن ذلك "يسمح له بتصوير نفسه على أنه حامي الدولة والشخصية البارزة في تاريخ بلاده الحديث ، وبالتالي تشكيل إرثه".