تصعيد أميركي في اليمن.. ضربات جوية مركزة وخسائر فادحة للحوثيين
تصعيد أميركي في اليمن.. ضربات جوية مركزة وخسائر فادحة للحوثيين

شهدت محافظتا مأرب والجوف شمالي اليمن، ليلة الاثنين والثلاثاء، أعنف الضربات الجوية الأميركية منذ بداية الحملة العسكرية في مارس الماضي، استهدفت المقاتلات الأميركية مواقع استراتيجية للحوثيين، شملت مركز قيادة وسيطرة في مديرية الجوبة جنوب مأرب، ومنصات صاروخية في مجزر شمال المحافظة.
وفي الجوف، طالت الضربات معسكر "السويقي" بمنطقة اليتمة، إضافة إلى أهداف عسكرية في منطقة الجحف، وبلغ عدد الغارات على هاتين المحافظتين وحدهما 10 غارات، بحسب مصادر محلية، وصفت بـ"الدقيقة والمركّزة".
جزيرة كمران تحت النار
لم تقتصر العمليات على الشمال فقط، بل امتدت إلى جزيرة كمران الاستراتيجية في البحر الأحمر، حيث دمرت الضربات الأميركية منشآت عسكرية أنشأها الحوثيون حديثًا، في إطار محاولاتهم لتوسيع نطاق تهديد الملاحة البحرية في مضيق باب المندب وخليج عدن.
أعلنت وزارة الصحة التابعة للحوثيين عن سقوط 7 قتلى و29 جريحًا، بينهم نساء وأطفال، جراء ضربة جوية استهدفت مصنع سيراميك في مديرية بني مطر، غرب صنعاء، وعلى الرغم من مزاعم الحوثيين بأن الضحايا مدنيون، يرى مراقبون أن هذه المواقع كانت تُستخدم لأغراض عسكرية.
في السياق ذاته، تشير تقديرات إلى مقتل أكثر من123 شخصًا، وإصابة 247 آخرين منذ بداية الحملة، وفق بيانات الحوثيين، في ظل تكتم شديد عن خسائرهم في العتاد والقيادات.
عودة إلى الصواريخ والطائرات المُسيّرة
رغم الضربات الأميركية، أعلنت جماعة الحوثي أنها استأنفت هجماتها باتجاه إسرائيل، مطلقة صاروخين باليستيين وطائرة مسيرة، قالت إنها استهدفت مطار بن غوريون وقاعدة "سودت ميخا".
كما زعمت إسقاط طائرة أميركية من طراز "إم كيو – 9 ريبر" في أجواء محافظة حجة، لكن لم يقدم دليل قاطع على هذه المزاعم، بينما تؤكد القيادة المركزية الأميركية أن العمليات مستمرة بلا هوادة، وأن حاملة الطائرات "هاري ترومان" تنفذ ضربات دقيقة تستهدف مراكز القيادة والسيطرة والقدرات النوعية للجماعة.
المدنيون بين نيران الحرب وألم المعاناة
يدفع الشعب اليمني ثمنًا باهظًا لهذا التصعيد، حيث تتفاقم معاناة المدنيين في مناطق القصف، وسط نقص في المواد الطبية والإغاثية، وشح في الوقود والغذاء، ويحذر خبراء من أن استمرار هذه الغارات دون مسار سياسي موازٍ قد يزيد من تعقيد الأزمة الإنسانية، التي تعد الأسوأ في العالم.
يرى مراقبون يمنيون، أن الضربات الجوية، رغم شدتها، لن تكون كافية وحدها لردع الحوثيين، الذين يتحصنون في مناطق جبلية معقدة، ويعتمدون على أنظمة اتصالات متنقلة ومنشآت عسكرية متناثرة، ويؤكد البعض أن الحل يكمن في تفعيل الجبهة البرية، ودعم القوات الحكومية لاستعادة السيطرة على العاصمة صنعاء والحديدة.
ويقول الباحث السياسي اليمني مرزوق الصيادي: إن الضربات الأميركية الأخيرة تمثل تحوّلًا نوعيًا في قواعد الاشتباك، خاصة بعد استهداف مواقع القيادة والسيطرة في مأرب والجوف، وهو ما ينعكس على قدرة الحوثيين في تنسيق عملياتهم، ورغم خسائر مليشيات الحوثي المتزايدة، فإن الجماعة لا تزال تعتمد على سياسة الإعلام الموجه لتعظيم معاناة المدنيين وتغطية خسائرها في الصفوف القيادية.
ويضيف الصيادي - في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، إنه من الواضح أن واشنطن بدأت تتبنى استراتيجية استنزاف طويلة المدى، لكنها بدون دعم بري أو تحرك ميداني للحكومة اليمنية، فإن تأثيرها سيظل محدودًا، والشعب اليمني هو المتضرر الأول من هذا التصعيد؛ حيث تنفذ الغارات وسط بيئة إنسانية هشة ونظام صحي شبه منهار، ما يضاعف المعاناة ويزيد من احتمالية الكوارث الإنسانية، والسبب يعود لمليشيات الحوثي الإرهابية في الأساس.