تصاعد الانتهاكات الحوثية: اختطاف موظفي الأمم المتحدة يضع الهيئة الأممية في مأزق
تصاعد الانتهاكات الحوثية: اختطاف موظفي الأمم المتحدة يضع الهيئة الأممية في مأزق
أزمة جديدة تواجهها الأمم المتحدة في اليمن بعد أن اختطفت مليشيات الحوثي موظفًا آخر يعمل لصالحها في العاصمة صنعاء، هذه الحادثة تثير التساؤلات حول مدى فعالية الهيئة الأممية في التعامل مع مثل هذه الحالات المتكررة من الاختطاف، وما إذا كانت ستتخذ خطوات ملموسة لتحرير موظفيها الذين يقعون في قبضة المليشيات المسلحة.
*اختطاف موظف جديد*
اختطف الحوثيون موظفًا يدعى عبدالله البيضاني، الذي يعمل في مكتب برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة في صنعاء. ويشغل البيضاني، وفقًا للمصادر، منصبًا في قسم المعلومات (IT) في المكتب الأممي.
بهذا الاختطاف، ارتفع عدد موظفي الأمم المتحدة المحتجزين لدى الحوثيين إلى 14 موظفًا، في إطار حملة قمعية طالت العاملين في المنظمات الدولية والمحلية، ومنذ عام 2021، اختطف 4 موظفين آخرين، مما يرفع العدد الإجمالي للموظفين المختطفين إلى 18.
علاوة على ذلك، تشير التقديرات إلى أن مليشيات الحوثي تحتجز نحو 60 عاملًا آخرين من العاملين في المنظمات المحلية والدبلوماسية، في ظل تزايد الانتهاكات التي تقوم بها هذه الجماعة المسلحة في المناطق التي تسيطر عليها.
*تحدٍ للأمم المتحدة*
هذه الواقعة الأخيرة تمثل تحديًا جديدًا للأمم المتحدة، خاصة في ضوء الجلسة الأخيرة لمجلس الأمن الدولي التي دعا فيها المبعوث الأممي الخاص لليمن، هانس غروندبرغ، إلى "وقف الاعتقالات التعسفية من قبل الحوثيين"، ووجّه دعوة صريحة للإفراج عن الموظفين المختطفين.
وتحدث غروندبرغ - خلال تلك الجلسة-، عن ضرورة "الإفراج الفوري وغير المشروط عن كافة العاملين لدى الأمم المتحدة، وأعضاء المجتمع المدني، والعاملين في البعثات الدبلوماسية، وأفراد من الأقليات الدينية"، مؤكدًا أن استمرار اختطافهم يؤثر سلبًا على الجهود الإنسانية الحيوية التي تعتمد عليها ملايين اليمنيين.
ورغم هذه الدعوات المتكررة، تواصل مليشيات الحوثي قمعها للعاملين في المنظمات الإنسانية والدولية، وتزداد عمليات الاختطاف بشكل يومي، مما يضع الأمم المتحدة أمام اختبار حقيقي فيما يتعلق بقدرتها على حماية موظفيها وتفعيل الآليات الدولية للضغط على الحوثيين للإفراج عنهم.
*حملات اعتقال وتصعيد قمعي*
بدأت مليشيات الحوثي في تنفيذ حملات اعتقال واسعة في يونيو الماضي، حيث قامت باعتقال العشرات من موظفي المنظمات الأممية والدولية والمحلية.
ووفقًا لمصادر محلية، فإن جهاز الأمن والمخابرات التابع للحوثيين هو من يقود هذه الحملة، حيث تم احتجاز 13 موظفًا أمميًا في سجن يقع في منطقة السبعين في صنعاء. كما لم تتوقف المليشيات عند هذا الحد، بل قامت بنشر اعترافات قسرية لعدد من هؤلاء الموظفين، متهمة إياهم بالتجسس لصالح جهات أجنبية، في خطوة وصفت بأنها محاولة لتبرير أعمال الاختطاف والقمع التي يمارسها الحوثيون.
في سياق متصل، أغلقت مليشيات الحوثي مكتب منظمة ألمانية تعمل في مجال حقوق الإنسان، كما قامت باقتحام مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في صنعاء ونهب محتوياته.
ولم تكتفِ بذلك، بل قامت بعسكرة المبنى لعدة أيام قبل أن تعيد تسليمه في وقت لاحق، في محاولة منها للتخفيف من حدة الانتقادات الدولية.
*تنديد أممي ونداءات متكررة*
في تعليق له على الوضع، وصف ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، الادعاءات التي تروجها مليشيات الحوثي بأنها "زائفة ولا أساس لها من الصحة"، مشيرًا إلى أن هذه الاتهامات "تهدد سلامة موظفي الأمم المتحدة وشركائها الإنسانيين".
كما أكد دوجاريك، أن هذه الممارسات تعيق الجهود الدولية الرامية إلى تحسين الوضع الإنساني في اليمن، حيث يعاني ملايين اليمنيين من الجوع وسوء التغذية بسبب الحرب المستمرة.
ورغم هذه الإدانات الصريحة، لا يبدو أن مليشيات الحوثي تعتزم التراجع عن سياساتها القمعية. فمع كل نداء أممي أو ضغط دولي، تتسع دائرة الاعتقالات، مما يبعث برسائل مقلقة إلى عائلات الضحايا الذين يحتجزونهم كرهائن للمساومة والابتزاز.
*آليات الضغط الدولية*
يرى المراقبون أن استمرار الحوثيين في اختطاف العاملين الأمميين والدوليين يضع الأمم المتحدة أمام اختبار حقيقي. إذ تتزايد المطالب بتفعيل آليات ضغط فعالة تشمل فرض عقوبات دولية صارمة على قيادات الحوثيين المتورطين في هذه الانتهاكات. وعلى الرغم من وجود عقوبات سابقة على بعض قادة المليشيات، فإنها لم تحقق حتى الآن النتائج المرجوة في إجبار الحوثيين على وقف حملاتهم القمعية.
كما يُطالب بعض المحللين بأن تكون هناك جهود دبلوماسية أكبر من قبل الدول الإقليمية، لا سيما تلك التي تمتلك نفوذًا على الحوثيين، للضغط على الجماعة المسلحة للإفراج عن المختطفين ووقف هذه السياسات القمعية.
في المقابل، يرى البعض أن الحوثيين يستخدمون هؤلاء الرهائن كورقة ضغط في المفاوضات السياسية، مما يجعل عملية الإفراج عنهم مرتبطة بتسويات أوسع تتعلق بالصراع في اليمن.
*مأزق الأمم المتحدة*
في الختام، تضع هذه الاختطافات الأمم المتحدة في مأزق كبير، إذ لم تعد هذه الحالات مجرد تحدٍ إنساني، بل تحولت إلى أزمة تمسّ مصداقية الهيئة الأممية نفسها.
فمع استمرار المليشيات الحوثية في استهداف موظفي الأمم المتحدة والعاملين الإنسانيين، تتزايد الضغوط على المنظمة الدولية لتفعيل إجراءات قوية وفعالة لحماية موظفيها، خاصة أن هذه الانتهاكات ليست مجرد تجاوزات فردية، بل تُظهر نهجًا منظمًا يسعى الحوثيون من خلاله للسيطرة على الفضاء الإنساني والدولي في اليمن.