قيادي إخواني منشق: مشروع الجماعة انتهى في المنطقة كلها والبداية كانت من مصر
أكد قيادي إخواني منشق أن مشروع الجماعة انتهى في المنطقة كلها والبداية كانت من مصر
تاريخ من الانشقاقات في جماعة الإخوان منذ تأسيسها حتى الآن ، حيث شهدت الجماعة الإرهابية عدداً من الانشقاقات المهمة، وهو ما يمكن ملاحظته من خلال اقتراب تاريخي ومؤسساتي وتدور مواضيع الانشقاقات حول مجموعة من المحددات التي تحكم مدى الانشقاق وطبيعته داخل الحركات الاجتماعية الكبرى، ومن هذه العوامل المحددة يمكن التعرف على مدى مركزية التنظيم، وتأثير القائد الكاريزماتي، ومدى استخدام العنف داخل التنظيم، لا سيّما أنّ تلك الفترة قد شهدت خلافات وصراعات عميقة داخل الجماعة، مثلت البداية لخلافات عميقة ضربت الجماعة في العقود التالية.
تاريخ من الأزمات
وكشفت دراسة حديثة صادرة عن مركز "تريندز للبحوث والاستشارات" الانشقاقات التي ضربت التنظيم الإرهابي طوال تلك السنوات، وأوضحت الدراسة أن الانشقاقات التي شهدتها الجماعة، منذ 25 (يناير) 2011 حتى الوقت الحاضر، تُعَدُّ هي الأكبر والأخطر، بالنظر إلى كونها اتخذت الطابع الجماعي الذي سرعان ما تحول إلى صراع على قيادة الجماعة، ثم تفاقمت حدته بسبب اختفاء معظم القيادات التاريخية الفاعلة داخل السجون المصرية، والتي كانت قادرة على حسم الصراعات وتحجيم النفوذ الداخلي، وهو ما أصاب الجماعة بحالة من السيولة التنظيمية، أصبح من الصعب معها السيطرة على الانشقاقات والانقسامات، الأمر الذي جعلنا نشهد قيادتيْن على رأس الهرم التنظيمي لجماعة الإخوان، لأوّل مرة في تاريخها، بعد اشتعال الصراع بين "إبراهيم منير"، و"محمود حسين"، واتهام كلّ طرف للآخر بالفساد المالي والإداري.
انشقاقات مستمرة
ووفقاً لمركز "تريندز"، لم تقتصر الانشقاقات على جماعة الإخوان الأم في مصر، بل تعدتها إلى عدد من فروعها البارزة في المنطقة العربية، وهو ما يعود إلى الارتباط القوي بين الجماعة الأم وفروعها في المنطقة. وقد يُعزى ذلك إلى التقارب الجغرافي والموروثات الثقافية المشتركة، إضافة إلى الارتدادات السياسية المباشرة بين دول المنطقة، أو ما يمكن أن يُطلق عليه "العدوى السياسية"، بمعنى أنّ ما يحدث في دولة من الدول العربية من تطورات بأشكال مختلفة، سرعان ما تنتقل تداعياته إلى الدول الأخرى، بما فيها الأزمات التي تصيب التنظيمات المتطرفة، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، وهو ما جعل فروع الجماعة في بعض الدول، مثل الأردن وليبيا وتونس والمغرب وموريتانيا وفلسطين، تشهد انشقاقات وانقسامات تتشابه كثيراً مع تلك التي ضربت الجماعة الأم في مصر .
اهتزازات قوية
ولفتت الدراسة إلى أنّ الارتباط العضوي الواضح بين جماعة الإخوان الأم في مصر، وبين التنظيم الدولي للإخوان، تسبّب في أن يتعرّض الأخير لاهتزازات قوية، تزايدت حدتها مع حالة الانقسام التي ضربت الجماعة الأم في الفترة الماضية، وذلك بالنظر إلى أنّ القيادات المصرية كانت حريصة على الإمساك بكل المفاصل الحيوية للتنظيم الدولي، دون منافسة من عناصر الإخوان من الجنسيات الأخرى، وهو ما جعل الأزمات الطاحنة التي تواجهها الجماعة، منذ ثورة 30 (يونيو) 2013 حتى الآن، تنعكس بشكل كبير على التنظيم الدولي، وتزيد من حالة الضعف التي بدأت أولى حلقاتها مع مطلع تسعينيات القرن الماضي، عندما انشق إخوان الكويت عن التنظيم الدولي على وقع غزو صدام حسين لبلادهم، ثم لحق بهم إخوان البحرين والأردن والسودان وحركة النهضة التونسية، إضافة إلى حركة حماس.
صراع الأجنحة
وخلقت الانقسامات داخل الجماعة أجنحة (3) تتصارع حول الجماعة، وإنْ لم يَدَّعِ أيٌّ منها الخروج عنها، ولا تأسيس جماعات موازية لها، وهذا ما يجعل الجماعة أمام (4) سيناريوهات مستقبلية محتملة؛ أوّلها: استمرار الصراع بين هذه الأجنحة مع حدوث انشقاقات محدودة، وثانيها: استمرار الصراع بين هذه الأجنحة مع حدوث انشقاقات كبيرة، وثالثها: انتهاء صراع الأجنحة وعودة التماسك إلى الجماعة، وهو سيناريو ضعيف، لكن لا يمكن استبعاده بشكل مطلق، إذا ما نجحت الجماعة في طي صفحة الخلافات داخلها. أمّا السيناريو الرابع والأخير –والذي يبدو هو الأرجح– فيتمثل في بقاء الجماعة واستمرارها، ولكن في حالة من الضعف والهوان الشديد.
نهاية مشروع الإخوان
يقول الدكتور إبراهيم ربيع، القيادي الإخواني السابق ، والباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية: إن الانقسامات والخلافات بين الإخوان تتفاقم يوماً بعد يوم، دون إيجاد أيّ حلول، وهذه تعد بداية النهاية لتنظيم الإخوان وذلك لعدة أسباب تتعلق بقيام تركيا بتسليم عدد من شباب التنظيم للسلطات المصرية، وعدم التزام القادة المترفين في إسطنبول وأنقرة بحماية شباب التنظيم الذين خرجوا من مصر بعد توريطهم بجرائم إرهابية، وهو ما يحدث من تحقيقات تجرى معهم في تركيا بعد التودد التركي المتواصل لمصر.
وأضاف القيادي الإخواني المنشق في تصريح لـ"العرب مباشر" أن مشروع الإخوان لم يفشل في مصر فقط بل فشل في كل دول المنطقة، وذلك بعد حالة الاضطرابات والأزمات التي شهدتها الجماعة الإرهابية بعد إزاحة حكمها من مصر، وهي كانت ضربة البداية في تنظيم ظل يخدم أجندة دول خارجية من أجل تدمير المنطقة العربية كلها، وتحويلها إلى بؤرة لخدمة الإرهاب .