من المحاسبة إلى الإصلاح.. تونس تقود معركة مزدوجة ضد الإخوان والفساد في 2025
من المحاسبة إلى الإصلاح.. تونس تقود معركة مزدوجة ضد الإخوان والفساد في 2025
مع بداية العام الجديد، تُوجه الأنظار في تونس إلى عام 2025 الذي يُتوقع أن يكون عامًا مفصليًا في مسار استكمال المحاسبة وتعزيز الأمن الوطني، منذ الإطاحة بحكم الإخوان في يوليو 2021، بدأت السلطات التونسية رحلة محاربة الفساد واستئصال الإرهاب الذي تغلغل في مؤسسات الدولة، ورغم التحديات الأمنية والسياسية، فإن العام القادم يحمل وعودًا بطي صفحة طويلة من القضايا الشائكة التي ارتبطت بعهد الإخوان، ملفات الاغتيالات السياسية، والجهاز السري، وتسفير الإرهابيين إلى بؤر التوتر، تشكل محاور أساسية للمعركة المستمرة، ومع تصاعد الجهود الأمنية والقضائية، تبقى تونس في مواجهة اختبار تاريخي، هدفه حماية الوطن من التهديدات وإرساء العدالة.
*ملف الاغتيالات السياسية: خطوات نحو العدالة*
منذ اغتيال السياسيين البارزين شكري بلعيد ومحمد البراهمي في عام 2013، تعيش تونس على وقع جراح لم تلتئم بعد، مع تعقيدات تتجاوز حدود الزمان والمكان.
هذان الحدثان لم يمثلا فقط خسارة لشخصيات سياسية بارزة بل كانا ضربة لأحلام التونسيين في بناء ديمقراطية آمنة ومستقرة..
التحقيقات القضائية، رغم مرور أكثر من عقد، كشفت عن شبكات معقدة تتورط فيها قيادات حركة النهضة، بما في ذلك التخطيط والتنفيذ والرصد والاستقطاب.
وفي مارس 2024، أصدر القضاء التونسي أحكامًا حاسمة تضمنت الإعدام لأربعة متهمين في قضية التنفيذ، مما شكل نقطة تحول في السعي نحو العدالة.
ومع انتقال القضاء إلى ملفات الرصد والاستقطاب في 2025، تزداد التوقعات بأن هذه السنة ستكون حاسمة في غلق ملفات شائكة تشمل اغتيالات سياسية طالما شغلت الرأي العام التونسي وأثرت على الثقة في مؤسسات الدولة.
ملف التسفير إلى بؤر التوتر
مع اقتراب موعد النظر في قضية تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر في 24 يناير المقبل، تزداد تسليط الأضواء على هذا الملف الذي يحمل أبعادًا سياسية وأمنية خطيرة.
تتضمن القضية اتهامات بحق قيادات بارزة في حركة النهضة، من بينهم وزير الداخلية الأسبق علي العريض، بالإضافة إلى مسؤولين أمنيين سابقين على علاقة مباشرة بالشبكات التي نشطت في تسهيل سفر الشباب إلى سوريا وليبيا وغيرهما.
تشير التحقيقات إلى استغلال حركة النهضة نفوذها خلال سنوات حكمها بين 2012 و2013 لتجنيد الشباب تحت ستار "نصرة قضايا الأمة"؛ مما أدى إلى تسفير الآلاف إلى ساحات الصراع، حيث تحولوا إلى وقود في حروب لا تخدم مصالح تونس.
هذا الملف لا يعكس فقط البعد الجنائي بل يكشف عن أزمات اجتماعية وفكرية ساعدت على تجنيد الشباب عبر خطاب متطرف وعدتهم بـ"الجهاد".
الجهاز السري للإخوان: لغز معقد في طريقه للحل
يُعد ملف الجهاز السري لحركة النهضة أحد أكثر القضايا حساسية وإثارة للرأي العام في تونس، هذا الجهاز، الذي تشكل من قيادات بارزة في الحركة، يُتهم بإدارة أنشطة استخباراتية غير قانونية تضمنت اختراق مؤسسات الدولة وتشكيل شبكات أمنية موازية تعمل لصالح التنظيم.
التحقيقات، التي انطلقت في يناير 2022، كشفت عن تورط شخصيات مثل راشد الغنوشي ومصطفى خضر، إلى جانب قيادات أمنية شكلت العمود الفقري لهذه الشبكات.
يُتهم الجهاز السري بالتجسس، والتنصت، وتنفيذ عمليات هدفت إلى تقويض الدولة واستهداف معارضي الحركة، ومع اقتراب صدور الأحكام النهائية، ينتظر التونسيون بفارغ الصبر كشف تفاصيل الأنشطة السرية لهذه الشبكات. هذه القضية تمثل اختبارًا حاسمًا للدولة التونسية في قدرتها على التصدي لخطر الاختراق الأمني ومحاسبة المتورطين بلا تردد.
اليقظة الأمنية في مواجهة التهديدات
مع بداية عام 2025، أصبح تعزيز الأمن الوطني في تونس مسألة لا تحتمل التأجيل، وفقًا لتحليلات الخبراء الأمنيين. تشير التقارير إلى ارتفاع مستوى القلق من احتمالية عودة المقاتلين التونسيين الذين انضموا إلى جماعات متطرفة في بؤر التوتر مثل سوريا وليبيا.
هذا التحدي يتطلب من الأجهزة الأمنية رفع حالة التأهب القصوى لمنع أي محاولات لزعزعة استقرار البلاد، وتعمل الأجهزة الأمنية بالتنسيق مع القوات العسكرية لتأمين الحدود ومراقبة تحركات العناصر المشبوهة داخل وخارج البلاد.
كما يشدد الخبراء على ضرورة تفعيل آليات تعاون استخباراتي مع الدول الصديقة للتصدي لأي مخططات تسعى لخلق الفوضى أو إعادة إدماج القيادات المتطرفة في المشهد المحلي.
من بين التحديات البارزة، تورط قيادات إخوانية فارّة في الخارج تعمل على تحريك خلايا نائمة تهدف إلى التشويش على استقرار البلاد.
الفساد والإصلاح.. معركة متواصلة
تواجه تونس تحديًا مزدوجًا في محاربة الفساد الذي ينخر مؤسساتها وتفعيل إصلاحات تعيد الثقة بين الحكومة والشعب.
ملفات الفساد، التي تراكمت على مدى عقود، تشمل تجاوزات في المؤسسات العامة والقطاع الخاص؛ مما أدى إلى إهدار موارد الدولة وتفاقم معاناة المواطنين.
الحكومة، بدعم من المجتمع المدني، أطلقت سلسلة مبادرات إصلاحية، أبرزها تشديد الرقابة على الإنفاق العام وتطوير منظومات الحوكمة الإلكترونية لتقليص فرص التلاعب.
كما تم إنشاء لجان تحقيق متخصصة تعمل على كشف الشبكات الفاسدة التي تربط بين مسؤولين سابقين ورجال أعمال نافذين.
مع تزايد الضغط الشعبي لإحداث تغيير جذري، تعكف الحكومة على تسريع الإجراءات القضائية ضد المتورطين في قضايا الفساد الكبيرة، مؤملة أن تؤدي هذه الخطوات إلى إرساء قواعد حكم رشيد وتحقيق العدالة الاجتماعية التي طال انتظارها.
رسالة واضحة للخونة
يذكر أن الرئيس التونسي قيس سعيد قد شدد على أن محاولات تقسيم البلاد لن تجد طريقها إلى النجاح، وأكد الرئيس أن الشعب التونسي سيظل موحدًا في مواجهة كل المخاطر.
رسائل الرئيس تأتي في سياق التأكيد على استمرار الدولة في محاسبة كل من تورط في تهديد الأمن الوطني.