إسرائيل تعيد إنتاج سيناريو غزة في الضفة.. آلاف النازحين والضحايا

إسرائيل تعيد إنتاج سيناريو غزة في الضفة.. آلاف النازحين والضحايا

إسرائيل تعيد إنتاج سيناريو غزة في الضفة.. آلاف النازحين والضحايا
حرب غزة

تواصل إسرائيل تصعيد عملياتها العسكرية في الضفة الغربية، متسببةً في سقوط ضحايا مدنيين ونزوح جماعي لعشرات الآلاف من الفلسطينيين، وسط إدانات رسمية وتحذيرات من تفاقم الأوضاع الإنسانية، في الوقت الذي وسعت فيه القوات الإسرائيلية عملياتها في مخيم "نور شمس" بطولكرم، امتدت الاعتداءات إلى جنين وطوباس، حيث شنت القوات مداهمات واعتقالات، في إطار أكبر حملة عسكرية تشهدها الضفة منذ سنوات، وبينما تتعالى الأصوات الفلسطينية والدولية المطالبة بوقف الانتهاكات، تبدو إسرائيل ماضية في نهجها التصعيدي، مع تكثيف استخدام الطائرات المُسيّرة والجرافات العسكرية، ما يعيد للأذهان السيناريوهات العسكرية المتبعة في غزة، في ظل هذه التطورات، تزداد المخاوف من تحول الضفة الغربية إلى ساحة مواجهة مفتوحة، يدفع ثمنها المدنيون العزل.

عمليات عسكرية مكثفة


وسعت القوات الإسرائيلية، الأحد، نطاق عملياتها العسكرية في الضفة الغربية، مستهدفةً مخيم "نور شمس" للاجئين شرقي طولكرم، في تصعيد جديد ضمن حملتها المستمرة منذ أسابيع.

العملية شملت اجتياحًا بريًا واسعًا، تخللته اشتباكات عنيفة بين الجنود الإسرائيليين والمقاومين الفلسطينيين الذين حاولوا التصدي للاقتحام.

بالتزامن، استخدمت القوات الإسرائيلية الطائرات المُسيّرة لاستهداف بعض المواقع، كما انتشرت القناصة على أسطح المباني، مما أدى إلى وقوع إصابات في صفوف المدنيين.

وأفادت مصادر محلية، بأن الجيش الإسرائيلي فرض طوقًا أمنيًا مشددًا حول المخيم، مانعًا الدخول والخروج، وسط تفتيش دقيق للمنازل واعتقالات جماعية طالت العشرات.

زيادة حصيلة الضحايا


وذكرت وزارة الصحة الفلسطينية، أن الجيش الإسرائيلي لم يكتفِ باستهداف المدنيين، بل تعمد إعاقة الطواقم الطبية، حيث أغلقت القوات مداخل المخيم وأطلقت النار باتجاه سيارات الإسعاف؛ مما حال دون وصولها إلى الجرحى.

وأدى هذا التأخير إلى فقدان الأطباء القدرة على إنقاذ حياة الجنين الذي توفي في رحم والدته بعد إصابتها برصاص الجنود الإسرائيليين.

كما أشارت الوزارة، أن حصيلة القتلى في طولكرم ارتفعت إلى ستة منذ بدء العمليات العسكرية هناك قبل أسبوعين، بينما واجهت المستشفيات صعوبات كبيرة في استقبال المصابين بسبب نقص المعدات الطبية واستمرار إغلاق الطرق من قبل القوات الإسرائيلية.

نزوح واسع


وفي جنين، واصل الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية لليوم العشرين على التوالي، حيث نفذت القوات هجمات متكررة بالطائرات المُسيّرة وقذائف المدفعية؛ مما أسفر عن دمار واسع النطاق.

وذكر شهود عيان لـ"رويترز"، أن منازل بأكملها سويت بالأرض، فيما تضررت البنية التحتية بشكل كارثي، بما في ذلك شبكات المياه والكهرباء والطرقات. 
ونتيجة لهذه العمليات، تجاوز عدد النازحين من مخيم جنين 15 ألف شخص، حيث اضطرت 3500 أسرة للجوء إلى بلدات وقرى مجاورة، أبرزها برقين واليامون.

وأوضح محافظ جنين، كمال أبو الرب، أن الأوضاع الإنسانية تزداد سوءًا مع استمرار الحصار، حيث تعاني العائلات النازحة من نقص حاد في المواد الغذائية والمستلزمات الأساسية، وسط تحذيرات من تفاقم الأزمة الإنسانية.

ممارسات عسكرية تحاكي "نهج غزة"


يرى محللون، أن إسرائيل تتبع في الضفة الغربية أساليب عسكرية مشابهة لتلك التي اعتمدتها في قطاع غزة؛ مما يعكس تحولًا خطيرًا في استراتيجيتها الأمنية.

فقد باتت جنين ومخيمها بمثابة ساحة مواجهة رئيسية، حيث تعتمد القوات الإسرائيلية على الطائرات المُسيّرة لقصف أهداف داخل المخيم بشكل متكرر.

كما تمركزت القوات حول مستشفى جنين الحكومي، مانعة المرضى والمصابين من الوصول إليه، في انتهاك صارخ للقوانين الإنسانية.

وأظهرت صور متداولة قيام الجرافات العسكرية بتجريف الطرق المؤدية إلى المستشفى، ما أدى إلى عزله تمامًا.

 إلى جانب ذلك، استمرت الاعتقالات العشوائية بحق الشباب الفلسطينيين، وسط تقارير تفيد باستخدام الجيش لأساليب قمعية متزايدة، من بينها تفجير منازل المقاومين وتحويل بعضها إلى ثكنات عسكرية، في مشهد يعكس بوضوح تطبيق إسرائيل لنهج غزة داخل الضفة الغربية.



تصعيد في طوباس ومخيم الفارعة


لم يقتصر التصعيد على جنين وطولكرم، إذ استمرت الهجمات الإسرائيلية على مخيم الفارعة جنوب طوباس لليوم الثامن على التوالي، حيث دفع الجيش الإسرائيلي بتعزيزات عسكرية جديدة إلى المنطقة، مجبرًا العائلات على إخلاء منازلها تحت تهديد السلاح، وسط عمليات اعتقال وهدم ممنهجة.

في غضون ذلك، واصلت القوات الإسرائيلية تنفيذ حملات اعتقال واسعة، حيث تم احتجاز ثلاثة فلسطينيين من بلدة اليامون قرب جنين، إضافة إلى ثمانية آخرين من مخيم الفارعة. 

كما فرضت القوات قيودًا مشددة على حركة الفلسطينيين في المناطق الصناعية والأسواق.

إدانات رسمية ودعوات لحماية دولية

من جانبها، نددت وزارة الخارجية الفلسطينية بالحملة العسكرية الإسرائيلية، متهمةً تل أبيب بتعمد لستهداف المدنيين العزل.

وطالبت الوزارة المجتمع الدولي بتوفير حماية عاجلة للفلسطينيين، محذرةً من استمرار نهج "التطهير العرقي والنزوح القسري" الذي تمارسه إسرائيل في الضفة الغربية.

من جانبها، قالت منظمة أطباء بلا حدود: إن نظام الرعاية الصحية في الضفة الغربية المحتلة "في حالة طوارئ دائمة" منذ أكتوبر 2023.

وأضافت: أن "تصعيدًا دراماتيكيا في العنف اتسم بتوغلات عسكرية إسرائيلية لفترات طويلة وقيود أكثر صرامة على الحركة، أعاق بشدة الوصول إلى الخدمات الأساسية وخاصة الرعاية الصحية، ما أدى إلى تفاقم الظروف المعيشية المزرية بالفعل للعديد من الفلسطينيين.