من الميدان إلى الصندوق.. كيف يخطط الحشد الشعبي للهيمنة على برلمان العراق؟

من الميدان إلى الصندوق.. كيف يخطط الحشد الشعبي للهيمنة على برلمان العراق؟

من الميدان إلى الصندوق.. كيف يخطط الحشد الشعبي للهيمنة على برلمان العراق؟
الحشد الشعبي

في أزقة بغداد ومقرات الفصائل المنتشرة جنوبًا وشمالاً، تُصاغ بهدوء خطة معقدة قد تغيّر وجه السياسة العراقية، فالحشد الشعبي، الذي خرج من ساحات الحرب إلى دهاليز السياسة، يستعد لمعركة من نوع آخر "معركة الصندوق"، معلومات حصرية حصلت عليها «العرب مباشر» تكشف أن قيادات الحشد وضعت خريطة انتخابية دقيقة، تشمل مرشحين موالين، وحملات تعبئة ميدانية، وشبكات نفوذ تمتد إلى عمق المؤسسات المحلية، الهدف واحد وهو السيطرة على مفاصل القرار البرلماني، وبينما تتحرك الحكومة لنزع السلاح وضبط النفوذ، تبدو الانتخابات المقبلة اختباراً حاسماً لحدود الدولة العراقية بين الشرعية والسلاح.

تفاصيل الخطة والآليات

مصدر مقرب من قيادة إحدى فصائل الحشد الشعبي، كشف إن الخطة تعتمد نهجًا متعدد المستويات، أولاً، توحيد قوائم انتخابية تحت مظلة سياسية جديدة أو مرنة بهدف تقليل التشتت بين مرشحي الميليشيات وتحويل الأصوات المشتتة إلى كتلة واحدة قادرة على حصد مقاعد حاسمة. 

ثانيًا، توظيف شبكات اجتماعية ومراكز خدماتية تابعة للفصائل من مساعدات غذائية إلى تنظيم فعاليات محلية كأدوات للحشد والتجنيد الانتخابي، ثالثًا، تنظيم قواعد بيانات ببصمات انتخابية وأسماء مقترحة لإدارة عمليات الاقتراع المبكرة ضمن قطاعات مسجلة مثل الموظفين المحليين وذوي النفوذ القبلي.

المصدر أضاف لـ"العرب مباشر"، أن جزءًا من الخطة يشمل ضغوطًا غير مباشرة على عناصر داخل مؤسسات رسمية ومحلية لضمان سهولة الوصول إلى مراكز اقتراع معينة أو لتسهيل عمليات تسهيل تصويت محدد، هذه المعطيات تتقاطع مع تقارير محلية تحدثت عن ادعاءات إجبار عناصر الحشد على التصويت لصالح قوائم معينة قبيل يوم الاقتراع.

نزع السلاح.. جهود رسمية وموانع عملية

في المقابل، بدأت الحكومة ومسؤولون أمنيون علنيين التحرك على صعيد خطط نزع السلاح أو دمج فصائل الحشد في بنى الدولة الرسمية، لكن هذه الجهود اصطدمت بعقبات عملية وسياسية.

تصريحات لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني ومسؤولين حكوميين، أشارت إلى أن حصر السلاح بيد الدولة لن يتحقق بسهولة ما دام وجود تحالف دولي عسكري وتأثيرات إقليمية قائمة، وأن مسألة نزع سلاح الحشد تتطلب مراحل تفاوض وحوار يتشارك فيه كل الأطراف.

كذلك طرح مسؤولون فكرة إدماج وحدات منتقاة داخل تشكيلات رسمية مقابل بنود ضمان وظيفي واجتماعي، لكن ذلك يواجه رفضًا جزئيًا من قيادات فصائل ترى في السلاح سندًا لضمان تأثيرها السياسي والأمني.

تزامن هذا مع حوادث أمنية وتوترات داخل بغداد وبعض المحافظات إقالات لقادة وفتح تحقيقات في حوادث اعتداءات مسلحة مما عمّق الجدل الشعبي والسياسي حول إمكانية نزع السلاح بالقوة أو بالتدرج، المصادر تشير إلى أن أي مقاربة لنسف قدرات الفصائل ستحتاج إلى ضمانات أمنية دولية ومحلية لتفادي فراغ أمني قد يستغله تنظيم داعش أو قوى طائفية.

انعكاسات سياسية وإقليمية وانتخابات مُهددة

وتابع المصدر، إذا نجحت الخطة أو حتى أُحكمت بعض بنودها، فسيكون أفق التأثير واسع المدى، تشكل كتلة برلمانية متماسكة للحشد قد تعيد صياغة توازن القوى داخل النظام السياسي، وتقلص مساحة مناصري تيارات مدنية أو شيعية معتدلة، كما قد تدفع باتجاه حكومات تعتمد على تفاهمات مع فصائل مسلحة لفرض استقرار شكلي.

على الصعيد الإقليمي، يقرأ محللون هذه التحركات في سياق مساع إقليمية أوسع للتأثير على العراق كمنطقة نفوذ، ما يجعل الانتخابات بمثابة «استفتاء سيادي» على طبيعة الاستقلال والقرارات الوطنية.

 مؤكدين، أن الديناميكيات نفسها أعادت طرح سؤال حاسم، هل يمكن للحكومة العراقية أن تضمن انتخابات حرة ونزيهة في ظل وجود قدرات مسلحة موازية؟

وأضاف المراقبون، أن الشفافية في عمل المفوضية وإشراف دولي محايد وضمانات أمنية من قِبل مؤسسات الدولة هي مفاتيح لاحتواء السيناريوهات الأكثر خطرًا، لكن حتى الآن تبدو الساحة العراقية على أهبة تصادم بين مساع لتعزيز سيادة الدولة ووقائع عملية تبقي فصائل الحشد على سُلّم النفوذ الانتخابي.