هآرتس: الصفقات السعودية- الأمريكية تقلب المعادلة.. إسرائيل تفقد تفوقها الاستراتيجي

هآرتس: الصفقات السعودية- الأمريكية تقلب المعادلة.. إسرائيل تفقد تفوقها الاستراتيجي

هآرتس: الصفقات السعودية- الأمريكية تقلب المعادلة.. إسرائيل تفقد تفوقها الاستراتيجي
ترامب ونتنياهو

أكدت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أن زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة إلى السعودية تمخضت عن توقيع صفقات تسليح هائلة، وهي رسالة واضحة تشير إلى نهاية عهد كانت فيه الولايات المتحدة تحرص على الحفاظ على التفوق الاستراتيجي لإسرائيل. 

وتابعت: أن اليوم، السعودية تحصد أحدث منظومات السلاح الأمريكية، ومثل هذه الصفقات في طريقها أيضًا إلى قطر والإمارات، رغم أن هذه الدول صغيرة الحجم ومحدودة من حيث الموارد البشرية العسكرية.

وأضافت: أن ما حدث في الرياض ليس مجرد صفقة أسلحة، بل عرض قوة واضح ورسالة تعلن تغير موازين القوى في الشرق الأوسط. 

لم تعد إسرائيل الإمبراطورية الإقليمية الوحيدة، ولم تعد "الفيلا في الغابة"، كما درج بعض قادتها على وصفها. السعودية تلعب اليوم دورًا مركزيًا في صياغة العلاقات الجديدة في المنطقة، ومن الواضح أن ترامب يصغي لمحمد بن سلمان أكثر مما يصغي لحلفائه الإسرائيليين، وهكذا، لم تعد إسرائيل ذات صلة مركزية في معادلة الشرق الأوسط الجديدة.

قوة الأنظمة الخليجية


في خطابه السياسي والإعلامي، طالما تحدث نتنياهو عن قيادته لإسرائيل نحو "القوة"، غير أن الواقع يشير إلى عكس ذلك تمامًا.

دول الخليج التي يزورها ترامب – والتي وُصفت بـ"الديكتاتوريات المدارة" – تقدم نموذجًا جديدًا للقوة يتفوق على النموذج الإسرائيلي التقليدي.

 هذه الأنظمة لم تعد مرادفًا للفشل والفساد، بل أصبحت مراكز للابتكار والتكنولوجيا والثقافة والرياضة والبحث العلمي، توفر أمانًا شخصيًا وحرية اقتصادية تعزز النمو والازدهار.

فيما بدأت السعودية وقطر والإمارات استثمار عائدات النفط والغاز في مشاريع تنموية فعلية، وقفت إسرائيل عاجزة عن تقديم رد حقيقي، بل إن مؤشرات عدة تشير إلى تراجعها حتى في القطاعات التي لطالما كانت رائدة فيها.

أحد أبرز المشاهد من زيارة ترامب كان لقاؤه في الرياض مع سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، والذي يعتبر من أهم رجال الأعمال في العالم اليوم. ألتمان، المعروف بأنه مثلي الجنس ومتزوج من رجل، كان سيكون عرضة للعقاب العلني في السعودية لو عاش هناك. 

ومع ذلك، فإن رجال المال والأعمال السعوديين يتعاملون معه باحترام كامل، لأنهم يعرفون أن "البيزنس هو البيزنس". 

وفي المقابل، إسرائيل التي كانت في طليعة الثورة التكنولوجية، تجد نفسها متأخرة اليوم عن الركب. ثورة الذكاء الاصطناعي تجاوزتها، وعدد من خبراء التكنولوجيا فيها يحذرون منذ سنوات من أننا لسنا ضمن اللعبة. ورئيس الوزراء ببساطة لا يُعير الأمر اهتمامًا، وحتى لو فعل، فهو لا يملك الفريق المهني ولا الأدوات الإدارية اللازمة لمعالجة المشكلة.

انهيار المناخ الاستثماري في إسرائيل 


وأضافت الصحيفة، أن المشكلة لا تكمن فقط في المال، بل في الأجواء العامة، في دول الخليج، يتم الترحيب بالمبادرين والمستثمرين، وتُبذل كل الجهود لتيسير أعمالهم، كما أن لديهم خطط استراتيجية بعيدة المدى، ويُقدمون تقارير سنوية شفافة حول التقدم المُحرز. 

أما في إسرائيل، فإن أطول خطة استراتيجية تحمل اسم "نتنياهو 2030"، وتتمحور حول كيفية بقائه في الحكم رغم الحروب. 

في الخليج، لا يترددون في توظيف خبراء من الخارج عند الحاجة، بينما في إسرائيل لا يوجد وزير واحد يفهم طبيعة مهمتة، دول الخليج تستثمر في بنية تحتية تُعزز نمو القطاع الخاص، كمطارات دولية تُحرك عجلة الاقتصاد العالمي، بينما في إسرائيل ما زال الجدل قائمًا منذ 15 عامًا حول مكان بناء مطار إضافي صغير.

وأوضحت الصحيفة، أن حكومة نتنياهو تظهر عداءً واضحًا للقطاع التجاري، وتوصمه باليسارية والخيانة.

 القادة الإسرائيليون يفضلون الإعلاميين المتشددين من قناة 14 على روّاد التكنولوجيا والابتكار. 

حتى الصفقة التاريخية لبيع شركة Waze، إحدى أكبر عشر صفقات في تاريخ التكنولوجيا العالمية، لم تلقَ من نتنياهو أي تعليق، لم يُبارك الصفقة، ولم يُفكر حتى بكيفية الاستفادة من مؤسسي الشركة لتطوير شركات ناشئة مماثلة. 

في قطر، هؤلاء المبادرون يُعتبرون جزءًا من العائلة الحاكمة، أما في إسرائيل، فيُدفعون إلى الهجرة نحو برلين.

في هذا السياق، تبدو إسرائيل وكأنها فقدت الاتجاه، بلا سياسة خارجية واضحة، وبلا رؤية اقتصادية أو تكنولوجية تُمكّنها من مواجهة التحديات القادمة. الشرق الأوسط يُعاد رسمه من جديد، ولكن هذه المرة، من دون تل أبيب على الطاولة.