بالأرقام.. ابتلاءات الحرب والمجاعة تهدد الملايين في أفغانستان
تهدد الحرب والمجاعة الملايين في أفغانستان
منذ استيلاء حركة "طالبان" الإرهابية على السلطة في أفغانستان، أصبح الشعب الأفغاني يعيش أزمات مركبة، فإلى جانب الإرهاب والتشدد الذي تنتهجه الحركة المتطرفة، أصبحت قضية الغذاء والدواء همًّا يعيشه المواطنون الأفغان كل ساعة، خصوصا في ظل غياب المساعدات الدولية التي كانت تقوم عليها الدولة المنكوبة.
ومنذ استيلاء طالبان على السلطة في أغسطس (آب) الماضي، سارعت القوى العالمية والمؤسسات المالية الدولية لحجب أو تجميد أصول بمليارات الدولارات ومساعدات عن الحكومة المتطرفة، إلا أن العقاب طال الشعب الأفغاني بالدرجة الأولى، فوقع بين فكين مفترسين، أحدهما إرهاب طالبان، والآخر هو الموت جوعًا في بلد فقير.
ملايين يعانون الجوع والشتاء
وفى تقرير لها، تؤكد صحيفة "فيلادلفيا إنكوايرر" كيف يتضور ملايين الأشخاص جوعاً في البلاد قارسة البرودة هذا الشتاء، خصوصا أن هناك شخصين من فيلادلفيا يحاولان تجنب حدوث ذلك.
وبحسب الصحيفة، فإنه تحت شعار "أوقفوا المجاعة في أفغانستان"، يحاول ناصر شاهاليمي (42 عاماً)، وهو رجل أعمال في منطقة "يونفيرستي سيتي" في فيلادلفيا، ومن مواليد العاصمة الأفغانية كابول، المساعدة في قيادة حملة توعية جديدة ناشئة، مؤكدًا "أن هذه حملة من أجل الإنسانية".
ويقول شاهاليمى: "كنا نساعدهم على مدار 20 عاماً، والآن لا نساعدهم".
وتوضح صحيفة "فلادليفيا إنكوايرر"، أن شاهاليمي وجول ماكاي بوبال صالح، (44 عاماً)، وهي مؤلفة كتب أطفال في منطقة نورث إيست فيلادلفيا، أسسا حركة يتوليان قيادتها، حظيت بالدعم من الكثيرين في جميع أنحاء العالم، وانتشرت عبر الإنترنت وأدت إلى اندلاع مظاهرات في ثلاث مدن.
أزمة متوغلة
وبحسب الصحيفة، فقد وقع أكثر من 10 آلاف شخص على التماسات عبر الإنترنت، يناشدون فيها الولايات المتحدة باتخاذ إجراء لتجنب حدوث كارثة إنسانية.
وردًا على تساؤلات الصحيفة: لماذا فيلادلفيا هي نقطة انطلاق؟ يقول شاهاليمي، إن "الأشياء تبدأ وتتطور في فيلادلفيا"، موضحًا أنه قرر هو وبوبال صالح، وهما أميركيان من أصول أفغانية كانا قد هاجرا إلى فيلادلفيا وهما طفلان، أن عليهما البدء بأنفسهما والتحرك في ظل تلك الأزمة المتوغلة في أفغانستان.
ابتلاءات الجفاف والجائحة والحرب
وتكشف التقارير الدولية عن معاناة صارخة تعيشها أفغانستان منذ فترة طويلة، حيث يواجه مواطنو البلد الفقير سوء التغذية، إلى جانب ابتلاءات متزامنة، تتمثل في "الجفاف، والحرب، والفقر، والبطالة، وجائحة كورونا" التي دمرت المحاصيل وقطعت المساعدات الدولية.
وتوضح تقارير وتحليلات الأمم المتحدة أن أكثر من نصف السكان البالغ عددهم 22.8 مليون نسمة، يعانون بالفعل من الجوع الشديد، حيث تشير الأرقام أن هناك أكثر من 8.7 مليون منهم على وشك التعرض لمجاعة.
اختفاء المساعدات
كما أشارت الصحيفة إلى أن مليارات الدولارات من المساعدات التي كانت تتدفق على الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة، اختفت عندما سقطت البلاد في قبضة حركة طالبان.
وإلى جانب ذلك، كانت العقوبات الاقتصادية الأميركية تنتظر حكومة طالبان، ما أدى إلى تقييد قدرة أفغانستان على الوصول إلى الأسواق المالية العالمية، وتسببت في عدم قدرة المنظمات الإنسانية على دفع رواتب العاملين، وشراء الإمدادات، وتوزيع الغذاء.
فيما تحركت إدارة الرئيس جو بايدن لإعفاء الجماعات التي تقدم المساعدات من العقوبات قبل وقت قصير من حلول أعياد الميلاد، إلا أنه لم تتضح أي بوادر نجاح لتلك الخطوة، ولا يمكن التنبؤ بما إذا كانت كافية أم لا للحيلولة دون وقوع مجاعة.
مخاوف بايدن من وصمة سياسية
واعتبرت الصحيفة أن جزءاً من التحدي السياسي هو مخاوف إدارة بايدن من وصمتها كإدارة داعمة لحركة طالبان إذا قدمت مساعدات، خصوصا بعد إخلاء أميركا الأراضي الأفغانية لصالح الحركة الإرهابية.
أما حملة المواطنين الأميركيين من أصول أفغانية: "أوقفوا المجاعة في أفغانستان"، فهي تدعو الإدارة الأميركية إلى تجاهل المخاوف السياسية وتوصيل الغذاء إلى الجوعى، وبدأت في نشر منشورات عَبْر موقع التواصل الاجتماعي تويتر تحت هاشتاغ "أوقفوا المجاعة في أفغانستان".
وبحسب التقارير، فإن الحملة لا تسعى إلى الحصول على تبرعات نقدية، خصوصًا وأن تمويل برامج الغذاء أمر تطالب به وتجمعه منظمات تشمل برنامج الأغذية العالمي، ولجنة الإنقاذ الدولية وصندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، ومنظمة العمل ضد الجوع.
التماسات إلكترونية
في غضون ذلك، وقع أكثر من 4100 شخص على التماسات إلكترونية تدعو لاتخاذ إجراء فوري سوف يتم تقديمه لإدارة بايدن، والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، والمملكة المتحدة.
وبالإضافة إلى ذلك، هناك التماس مماثل من جماعة "جاست فورين بوليسي"، وهى جماعة إصلاحية مقرها واشنطن، على 5300 توقيع.
3 ملايين نازح أفغاني في خطر
ويحذر التقرير من أن هناك 3 ملايين أفغاني يتعرضون للخطر بصفة خاصة هذا الشتاء، حيث "نزحوا داخلياً"، وأرغمتهم الحرب وأعمال العنف على الفرار من منازلهم ولكنهم لم يتركوا وطنهم.
ووفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فقد فر نحو 50 ألف شخص إلى العاصمة كابول، حيث تنخفض فيها درجات الحرارة في الشتاء إلى أقل من الصفر في الليل، ما يعني أن الكثيرين سيقضون الشتاء في ملاجئ مؤقتة أو حجرات ليس بها وسائل تدفئة.
أطفال في خطر المجاعة
أما منظمة الأمم المتحدة للطفولة، فتؤكد أن هناك قرابة 3.2 مليون طفل أفغاني دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد، وتسعى الكثير من الأمهات جاهدة لإرضاع أطفالهن لأنهن أنفسهن يعانين من سوء التغذية.
وتسعى حملة "أوقفوا المجاعة في أفغانستان" إلى الوصول إلى نحو 40 من الديمقراطيين في مجلس النواب الذين دعوا بايدن ووزيرة الخزانة جانيت يلين إلى إنهاء تجميد الاحتياطيات المصرفية الخاصة بأفغانستان.
ويقول النواب: إن مواصلة فرض قيود دولية على النظام المصرفي الأفغاني يخاطر "بحدوث متاعب اقتصادية وانهيار إنساني".
مظاهرات أمام البيت الأبيض
وفى هذا الصدد، تقول بوبال صالح، مؤلفة كتب الأطفال، ومؤسسة ومديرة مجموعة "الشجرة الذهبية للخير": "إننا مواطنون أميركيون... وفي نفس الوقت نهتم بشعبنا والمكان الذي ولدنا فيه".
وتسعى هذه المؤسسة لنشر العطف وحسن الخلق من خلال القراءة وتشجيع الأطفال على اتباع القاعدة الذهبية للسلوك الجيد، حيث جاءت بوبال صالح إلى الولايات المتحدة وهي في سن الرابعة في عام 1981، بعد مرور عامين على الغزو السوفيتي لأفغانستان. وفي الشهر الماضي ساعدت في جمع متحدثين في حشد جماهيري أمام البيت الأبيض في الوقت الذي اندلعت فيه مظاهرات مماثلة ضد الجوع في لندن وفينا.
وقالت بوبال: "نتلقى اتصالات هاتفية من جميع أنحاء العالم. الدعم يزداد. ونحن نتحد بصرف النظر عن الانتماءات العِرْقية والدينية".