الاختراقات الاستخباراتية: كيف تهدد عملية البيجر فصائل إيران في الشرق الأوسط

الاختراقات الاستخباراتية: كيف تهدد عملية البيجر فصائل إيران في الشرق الأوسط

الاختراقات الاستخباراتية: كيف تهدد عملية البيجر فصائل إيران في الشرق الأوسط
تفجيرات لبنان

في سياق التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط، لا تقتصر المواجهات على العمليات العسكرية التقليدية فقط، بل امتدت إلى ساحة الحرب الإلكترونية والاستخباراتية، أحدث فصول هذه الحرب تمثل في "عملية البيجر" التي استهدفت أجهزة النداء (البيجر) واللاسلكي لعناصر حزب الله في لبنان، أدت هذه العملية إلى دق ناقوس الخطر بين الفصائل المسلحة الموالية لإيران في المنطقة، حيث بدأت تلك الفصائل تتخذ احتياطات غير مسبوقة لحماية اتصالاتها وأجهزتها الإلكترونية، هذه العملية لم تكن مجرد حادثة عابرة، بل ألقت بظلالها على عمليات الاتصالات والإمدادات داخل هذه الفصائل، ما جعلهم يراجعون استراتيجياتهم لحماية أنفسهم من اختراقات مستقبلية.

*تداعيات عملية البيجر*


شهدت الأيام الماضية تفجير آلاف أجهزة النداء واللاسلكي التي يستخدمها عناصر حزب الله في مختلف المناطق اللبنانية، تلك الضربة لم تكن متوقعة أو مسبوقة، ما أثار فزعاً كبيراً بين صفوف حزب الله والفصائل المسلحة الأخرى الموالية لإيران في المنطقة.

وبحسب تقارير نقلتها "واشنطن بوست"، فقد سارعت تلك الفصائل في العراق والضفة الغربية وسوريا إلى اتخاذ تدابير عاجلة لفحص أجهزتها الإلكترونية وحماية سلاسل اتصالاتها.

منذ تلك الحادثة، أصدرت فصائل مسلحة موالية لإيران أوامر بإجراء عمليات تفتيش شاملة للمعدات الإلكترونية التي يستخدمها مقاتلوها.

هذا الإجراء ليس مجرد تدبير أمني مؤقت، بل هو محاولة لحماية سلاسل التوريد الخاصة بهم وضمان عدم تعرضهم لاختراقات مشابهة في المستقبل.

*احتياطات في العراق والضفة الغربية*


في العراق والضفة الغربية، استجابت الفصائل المسلحة بسرعة لهذه التهديدات، وقال قائد بارز في "كتيبة جنين"، وهي تحالف يضم مقاتلين من حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، إنهم سيتخذون احتياطات صارمة لضمان عدم اختراق معداتهم، وفقًا لرويترز.

وأضاف: أن أعضاء الكتيبة قد تجنبوا استخدام الهواتف المحمولة منذ فترة طويلة، وقاموا مؤخراً بالتخلص من أجهزة الراديو المحمولة التي يشتبهون في أنها تعرضت للاختراق من قبل إسرائيل.

كما أشار لاهيب هيغل، محلل شؤون العراق في مجموعة الأزمات الدولية، إلى أن الفصائل المسلحة في العراق تشعر بالفعل بالفزع نتيجة الدقة التي نفذت بها الضربات الأخيرة التي استهدفت كبار قادتهم.

ورغم أن هذه الفصائل لا تعتمد بشكل كبير على أجهزة الاتصال الحديثة، إلا أنها تخشى أن تكون بعض المعدات المستوردة قد تم تزويدها بأجهزة تتبع من قبل إسرائيل أو الولايات المتحدة، هذا التخوف دفعهم إلى التفكير في تنويع خطوط الإمداد وتحديث أنظمتها الأمنية.



*نقطة ضعف استراتيجية*

ما يزيد من خطورة الموقف هو اعتماد بعض الفصائل المسلحة الموالية لإيران على معدات تجارية متاحة للجميع، ما يجعل سلاسل التوريد الخاصة بهم عرضة للاختراقات الاستخباراتية.

وكما أوضح مايكل هورويتز، رئيس قسم الاستخبارات في شركة لو بيك إنترناشيونال، فإن إسرائيل استغلت نقطة ضعف رئيسية في طريقة عمل إيران ووكلائها، حيث يعتمد هؤلاء على منتجات ذات استخدام مزدوج، ما يسهل إمكانية تعرضهم لهجمات استخباراتية.

ورغم أن عملية البيجر استهدفت بشكل أساسي حزب الله، إلا أن هورويتز يشير إلى أن هذه النقطة الضعيفة تمتد إلى جميع وكلاء إيران وحتى إلى إيران نفسها.

هذا يعني أن أي من تلك الفصائل قد تكون عرضة لعمليات اختراق مشابهة إذا لم تقم بتحديث أنظمتها الأمنية واتخاذ الاحتياطات اللازمة.

*إجراءات أمنية مشددة*


في ضوء هذه التطورات، بدأت الفصائل المسلحة المدعومة من إيران في العراق وسوريا بتشديد الإجراءات الأمنية بشكل أكبر.

وفقًا لما ذكره عضو بارز في "المقاومة الإسلامية في العراق"، فإن هذه الجماعات أصبحت أكثر حذراً في استخدام الأجهزة الإلكترونية، بحسب رويترز.

وفي خطوة تهدف إلى تقليل فرص التعرض للاختراق، يُحظر على المقاتلين استخدام الهواتف الذكية، ويُفضل استخدام هواتف بسيطة يتم إغلاقها عندما لا تكون ضرورية.

بالإضافة إلى ذلك، يعتمد القادة المسلحون على طرق تقليدية في التواصل، حيث يتم استخدام الرسائل المكتوبة التي يتم تسليمها يدوياً بدلاً من الاعتماد على الأجهزة الإلكترونية التي قد تكون معرضة للتنصت أو التتبع.

*خسائر فادحة*


تفجير أجهزة الاتصال (البيجر) واللاسلكي التي يستخدمها عناصر حزب الله لم يقتصر على إحداث فزع بين الفصائل المسلحة فقط، بل أسفر عن خسائر فادحة في صفوف الحزب.

حيث قتل نحو 70 شخصًا وأصيب ما يقارب 3000 آخرين جراء تلك الانفجارات، ورداً على هذه العملية التي وصفها حزب الله بالقاسية وغير المسبوقة، شن الحزب هجوماً استهدف قاعدة رامات دافيد قرب مدينة حيفا في محاولة للرد على تلك الضربة.

مراقبون أكدوا أن عملية البيجر تشكل تحذيرًا كبيرًا لجميع الفصائل المسلحة الموالية لإيران في المنطقة، هذه العملية ليست مجرد اختراق أمني، بل تعد ضربة قوية لقدراتهم الاستخباراتية وتضع سلاسل إمداداتهم تحت المجهر.

وبينما يسعى هؤلاء إلى تعزيز إجراءاتهم الأمنية، يبدو أن الحرب الإلكترونية قد أصبحت ساحة جديدة للصراع في الشرق الأوسط.