ميليشيات العراق تقرع طبول التدخل في سوريا وسط موقف رسمي متباين.. ماذا يحدث؟
ميليشيات العراق تقرع طبول التدخل في سوريا وسط موقف رسمي متباين.. ماذا يحدث؟
تتزايد دعوات الميليشيات المسلحة في العراق لتوسيع التدخل العسكري في سوريا، مع تصاعد التوترات على الحدود وتصاعد نفوذ الجماعات المسلحة، هذه الدعوات، التي تأتي غالبًا من فصائل مرتبطة بإيران على رأسها ميليشيا حزب الله في العراق، تصطدم بموقف حكومي رسمي يتسم بالتردد والحرص على عدم التصعيد، بينما تؤكد الميليشيات أنها تسعى لحماية الأمن القومي العراقي.
ويشكك محللون في دوافع هذه التحركات، معتبرين أنها قد تخدم أهدافًا إقليمية أوسع، في الوقت ذاته، تتباين المواقف داخل العراق، بين داعمين للتدخل باعتباره "ضرورة استراتيجية"، ومعارضين يرون فيه خطرًا على استقرار البلاد الداخلي، وسط كل ذلك، يظل السؤال الأبرز: هل يمكن للحكومة العراقية أن توازن بين الضغوط الداخلية والإقليمية دون الانزلاق نحو أزمة جديدة؟
تصاعد الدعوات للتدخل
في ظل توترات أمنية متزايدة على الحدود العراقية السورية، دعت ميليشيات بارزة، مثل كتائب حزب الله، الحكومة العراقية إلى إرسال قوات رسمية إلى سوريا.
تُبرر هذه الدعوات بأنها تهدف لحماية الأمن القومي من تهديدات الجماعات المعارضة التي تنشط في سوريا، خاصة تلك المتمركزة بالقرب من الحدود مع العراق.
ورغم تصريحات تؤكد عدم وجود خطط رسمية لتدخل الحشد الشعبي، تتزايد الشكوك حول تحركات الفصائل المرتبطة به في المناطق الحدودية.
بحسب تقارير، استغلت كتائب حزب الله سيطرتها على "منفذ السكك" الحدودي لإدارة عمليات لوجستية تشمل نقل الأسلحة والبضائع الإيرانية إلى سوريا.
هذا المنفذ، الذي يعمل بعيدًا عن رقابة الحكومة العراقية، يشكل قناة حيوية لدعم النظام السوري والجماعات الموالية له.
الموقف الرسمي.. تباينات ملحوظة
رغم تأكيد مستشارين حكوميين أن العراق ينتهج الحياد في تعامله مع الملف السوري، تشير تصريحات لبعض المسؤولين إلى تداخل المواقف.
فقد صرح يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، بأن الفصائل المسلحة لها عقيدتها الخاصة التي لا تتدخل الحكومة فيها.
كما أطلق مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي تعبيرًا رمزيًا على منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، اعتبره البعض دعمًا معنويًا لهذه التحركات، حيث قال: "نُثمن عاليًا التوجيهات الحكيمة التي أصدرها سماحة السيد مقتدى الصدر بخصوص مقرات وتحركات سرايا السلام، المنضوية رسمياً تحت مظلة القوات العراقية الرسمية".
وأضاف الأعرجي: "في الوقت الذي نُشيد ونبارك هذه الخطوة، نؤكد مجدداً أن العراق قوي بوحدة وتماسك شعبه، وعلى الجميع مسؤولية كبيرة في الحفاظ على الأمن والاستقرار والسلم المجتمعي، وتجنيب البلد مخاطر الانزلاق إلى حرب إقليمية يسعى إلى إشعالها الكيان المحتل"، في إشارة إلى إسرائيل.
انعكاسات إقليمية وتحذيرات داخلية
يرى محللون، أن هذه التحركات ليست منفصلة عن الصراع الإقليمي بين إيران والقوى الغربية، تدعم إيران تشكيل ميليشيات متعددة الجنسيات في سوريا مثل "لواء حيدريون"، الذي يضم مقاتلين عراقيين، يُستخدم هؤلاء المقاتلون كورقة ضغط إقليمية تخدم مصالح طهران دون الانخراط المباشر في النزاع.
على الجانب الآخر، يدعو تحالف السيادة بزعامة خميس الخنجر إلى تبني موقف محايد والابتعاد عن التصعيد، محذرًا من تداعيات أي تدخل عسكري على استقرار العراق الداخلي.
ويرى محللون، أن الموقف العراقي من الملف السوري منقسم بين رغبة في حماية الحدود وخشية من الانخراط في صراعات خارجية.
مستقبل الدور العراقي في سوريا
من جانبه، يقول المحلل السياسي العراقي عقيل عباس: إن التدخل العسكري عبر الحدود العراقية- السورية يمثل معضلة معقدة ذات أبعاد استراتيجية وأمنية، فمن جهة، تسعى بعض الفصائل المسلحة المدعومة من إيران إلى تأمين ممر بري يربط طهران بحلفائها في سوريا ولبنان، ما يعزز قدرتها على دعم النظام السوري وموازنة القوى الإقليمية مثل إسرائيل والولايات المتحدة.
ومن جهة أخرى، تواجه هذه الفصائل تحديات ميدانية على رأسها طول الحدود البالغ أكثر من 600 كيلومتر، والذي يجعل السيطرة الكاملة عليها أمرًا صعبًا للغاية.
وأضاف عباس - في حديثه لـ"العرب مباشر"-، أن هذه الحدود لا تشهد فقط نشاطات تنظيم "داعش" والخلايا النائمة التي ما تزال تشكل تهديدًا مباشرًا للأمن العراقي، بل تتعرض أيضًا لتدخلات مستمرة من جهات متعددة، بما في ذلك جماعات تهريب الأسلحة والمخدرات.
ويرى المحلل السياسي العراقي، أن الموقف الرسمي العراقي يواجه اختبارًا صعبًا بين السعي للحفاظ على الأمن القومي وعدم التورط المباشر في صراعات إقليمية قد تؤدي إلى زعزعة الاستقرار الداخلي، مشيرًا أن أي قرار بالتدخل العسكري في سوريا يجب أن يأخذ بعين الاعتبار التوازنات الإقليمية، حيث إن تدخلًا كهذا قد يزيد التوترات بين القوى الدولية والإقليمية، خاصة مع وجود تركيا التي تدعم فصائل المعارضة في المنطقة الشمالية.