مفاوضات غزة.. خطوات للأمام أم دوران في حلقة مفرغة؟.. خبراء يجيبون

مفاوضات غزة.. خطوات للأمام أم دوران في حلقة مفرغة؟.. خبراء يجيبون

مفاوضات غزة.. خطوات للأمام أم دوران في حلقة مفرغة؟.. خبراء يجيبون
حرب غزة

أكثر من 420 يومًا مضت على الحرب التي أنهكت قطاع غزة، تاركة آثارًا مدمرة على السكان والبنية التحتية، وسط هذا المشهد القاتم، تظهر مؤشرات على تحركات سياسية تهدف إلى وقف النزاع، بجهود إقليمية ودولية تتصدرها مصر وقطر، تلوح فرص لإنجاز اتفاق يُنهي دوامة القصف والدمار، لكن هذا التفاؤل يظل مشوبًا بالحذر، إذ ما تزال التحديات قائمة بين الموقف الإسرائيلي المتشدد، وضغوط الأطراف الفلسطينية المختلفة للوصول إلى توافق داخلي، فهل نحن أمام فرصة حقيقية لإنهاء الصراع، أم إنها مجرد جولة تفاوضية جديدة تنتهي بلا نتائج ملموسة؟

*تقدم ملحوظ*


تتوالى الاجتماعات المكثفة بين الأطراف المعنية، حيث أكدت مصادر إسرائيلية وفلسطينية إحراز تقدم نسبي في المفاوضات، من بين المقترحات المطروحة وقف إطلاق النار لمدة 60 يومًا، وانسحاب إسرائيلي تدريجي من قطاع غزة.


تشير تقارير إعلامية إلى موافقة حركة "حماس" على هذه الترتيبات ضمن مراحل متفق عليها، تتضمن أيضًا إشرافًا عربيًا ودوليًا على إدارة القطاع بعد انتهاء الحرب.


في هذا السياق، صرح مصدر إسرائيلي لصحيفة يديعوت أحرونوت بأن التفاؤل الحذر يخيم على الأجواء، خاصة مع التغيرات الدولية، ومنها عودة دونالد ترامب إلى المشهد السياسي الأميركي، والذي يدفع نحو إنهاء النزاع قبل استلامه الحكم رسميًا.

*العوائق أمام اتفاق شامل*


رغم التقدم النسبي، ما تزال هناك تحديات كبيرة تعترض طريق التفاهمات، أبرزها الانقسامات الداخلية في إسرائيل نفسها، حيث يرفض وزراء يمينيون مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير أي اتفاق قد يُنظر إليه كـ"استسلام" لـ"حماس"، سموتريتش شدد - في تصريحات إعلامية- على ضرورة استمرار الضغط العسكري لتفكيك الحركة، واصفًا أي تنازل بأنه "خيانة لأمن إسرائيل".


على الجانب الفلسطيني، تبرز الخلافات بين "حماس" والسلطة الفلسطينية، حيث تطالب الأخيرة بدور قيادي في المرحلة المقبلة، بما في ذلك إدارة المعابر وإعادة الإعمار، هذا الانقسام يزيد من تعقيد جهود الوسطاء الذين يحاولون جاهدين تقريب وجهات النظر.

*دور الوسطاء*


تُبذل جهود كبيرة من قبل مصر وقطر لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المختلفة، الوساطة المصرية تسعى لإيجاد حلول وسط بشأن النقاط العالقة، مثل إدارة المعابر وضمان عودة النازحين، أما قطر، فتركز على تقديم ضمانات اقتصادية وإعادة إعمار القطاع.
في الوقت نفسه، تلعب الولايات المتحدة دورًا محوريًا عبر الضغط على إسرائيل لتقديم تنازلات، في ظل رغبة إدارة ترامب القادمة في تحقيق إنجاز سياسي يُسجل باسمه.

*سيناريوهات المستقبل*


مع استمرار المباحثات، تتضح ثلاثة سيناريوهات رئيسية قد ترسم ملامح المرحلة المقبلة، الأول هو التهدئة المؤقتة، ويتم فيها وقف إطلاق النار لمدة محدودة، مع ضمانات بإعادة تقييم الوضع لاحقًا، السيناريو الثاني هو الاتفاق الشامل ويتضمن ترتيبات طويلة الأمد تشمل إعادة إعمار غزة وتسوية سياسية تنهي النزاع.


السيناريو الثالث هو تعثر المفاوضات وهو السيناريو الأكثر خطورة، إذ يعني العودة إلى دوامة العنف وزيادة معاناة أهالي قطاع غزة.

*هل تشهد غزة بداية مرحلة جديدة؟*


بين ضغوط الحرب وضيق الخيارات السياسية، تبدو الأطراف أمام فرصة فريدة لتجاوز المأزق الراهن، حركة "حماس" أظهرت مرونة في التفاوض، لكنها تُصر على ضمانات لإنهاء الحرب كليًا، في حين تحاول إسرائيل فرض شروطها الأمنية.


مع ذلك، فإن نجاح هذه الجهود يعتمد بشكل كبير على دور الوسطاء والضغوط الدولية، وفي ظل الوضع الإنساني الكارثي في غزة، لا يمكن تأجيل الحلول أكثر من ذلك.

*الضمانات الإقليمية والدولية*


من جانبه يؤكد د. طارق فهمي أستاذ العلاقات الدولية والعلوم السياسية، أن استدامة أي اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة تعتمد على الضمانات الإقليمية والدولية.


وأوضح فهمي في حديثه لـ"العرب مباشر"، أن وجود أطراف مثل مصر وقطر في الوساطة يعزز فرص التوصل إلى هدنة، لكن الضمانات الفعلية للتنفيذ تتطلب التزامًا واضحًا من المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة".


وأشار فهمي، أن "حماس أبدت مرونة كبيرة في قبول الحلول التدريجية، لكن هذه المرونة ستصطدم بمواقف إسرائيل المتشددة بشأن أي تنازل يتعلق بالرهائن أو الوجود العسكري في القطاع".


ويرى أستاذ العلوم السياسية، أن الإدارة الأمريكية الجديدة قد تشكل عامل ضغط رئيسي على نتنياهو، مضيفة: "ترامب يسعى لتثبيت صورة إيجابية عن قدرته على حل الأزمات قبل تسلمه السلطة، وهذا قد يؤدي إلى تسريع الجهود، لكنه أيضًا قد يجعل الاتفاق هشًا إذا اعتمد فقط على حسابات سياسية مؤقتة".


واختتم بالقول: "الاستقرار في غزة يتطلب نهجًا مختلفًا يركز على التنمية وإعادة الإعمار كضمان لعدم عودة التصعيد، وهو ما يتطلب إرادة سياسية من الطرفين، ودعمًا ثابتًا من الأطراف الدولية والإقليمية".