هل يشهد لبنان استقرارًا في الفترة المقبلة بعد دعوة انتخاب رئيس الجمهورية يناير المقبل؟

هل يشهد لبنان استقرارًا في الفترة المقبلة بعد دعوة انتخاب رئيس الجمهورية يناير المقبل؟

هل يشهد لبنان استقرارًا في الفترة المقبلة بعد دعوة انتخاب رئيس الجمهورية يناير المقبل؟
حزب الله وإسرائيل

تشهد الساحة اللبنانية تطورات متسارعة في ضوء الأحداث الأخيرة التي تعكس محاولة لبنان استعادة الاستقرار السياسي والأمني بعد فترة من التوترات مع الجارة إسرائيل. ومع إعلان التهدئة على الحدود الجنوبية، يبرز المشهد السياسي اللبناني بشكل جديد، ويزداد التركيز على ملف انتخاب رئيس الجمهورية، الذي يشكل أبرز تحدٍ في المرحلة المقبلة.

التوترات مع إسرائيل


على الرغم من تراجع حدة الاشتباكات العسكرية بين لبنان وإسرائيل في الآونة الأخيرة، ما زال الوضع على الحدود الجنوبية يشهد حالة من الترقب والحذر فقد نشأت توترات شديدة بعد تصاعد الهجمات المتبادلة على خلفية الصراع في غزة، الأمر الذي أثار مخاوف من انزلاق لبنان إلى صراع مفتوح مع إسرائيل.

لكن، مع مرور الأسابيع الأخيرة، تم الإعلان عن التهدئة بين الطرفين بوساطة دولية، ما أسهم في تجنب التصعيد وتحقيق نوع من الاستقرار النسبي على الحدود ورغم أن الهدوء الحالي يعد إنجازًا دبلوماسيًا، إلا أن المراقبين يُشيرون إلى أنه يبقى هشًا في ظل التقلبات الإقليمية التي تُحيط بلبنان.

الوضع السياسي الداخلي


في خطوة تُعد مهمة في المشهد السياسي اللبناني، أعلن رئيس البرلمان نبيه بري عن دعوته إلى جلسة جديدة لمجلس النواب في التاسع من يناير المقبل لانتخاب رئيس الجمهورية. يأتي هذا القرار بعد تعثر طويل في انتخاب رئيس جديد للبلاد، حيث لا يزال لبنان يفتقر إلى رئيس للجمهورية منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في أكتوبر 2022.

وتأتي دعوة بري بعد أشهر من الانقسامات السياسية بين القوى اللبنانية التي عجزت عن التوصل إلى توافق حول مرشح توافقي. الأزمة السياسية الراهنة تعكس عمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها لبنان، حيث يُضاف غياب الرئاسة إلى التحديات الكبيرة التي يواجهها البلد، مثل الانهيار الاقتصادي، وتدهور العملة، والأزمات الإنسانية.



ماذا بعد التهدئة؟


على الرغم من التهدئة مع إسرائيل، يبقى الوضع في لبنان هشًا في ظل استمرار الانقسام السياسي الداخلي وتفاقم الأزمة الاقتصادية. في حال عدم التوصل إلى توافق حول انتخاب رئيس جديد، فإن لبنان سيظل في حالة من الفراغ السياسي، مما يعقد قدرة الحكومة اللبنانية على اتخاذ قرارات مهمة لمصلحة الشعب.

وتتواصل التحليلات السياسية التي تُشير إلى أن انتخاب رئيس الجمهورية يمثل نقطة مفصلية للخروج من هذه الحلقة المفرغة لكن نجاح هذه الخطوة يتطلب توافقًا بين القوى السياسية اللبنانية المختلفة، وهو أمر يبدو بعيد المنال في الوقت الراهن.

الآمال في التسوية


وفي ظل هذه الأجواء، يبقى الأمل في أن تساهم الدعوة إلى جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في يناير المقبل في فتح الطريق أمام تسوية سياسية شاملة تخرج لبنان من أزماته المتعددة. سيظل المجتمع الدولي يراقب عن كثب مدى قدرة السياسيين اللبنانيين على تجاوز خلافاتهم والوصول إلى حلول تضمن استقرار لبنان السياسي وتُساعد على تعافي الاقتصاد.

وضع جديد


في سياق هذه التطورات، تحدث المحلل السياسي اللبناني محمد الرز عن الوضع في لبنان بعد التهدئة مع إسرائيل ودعوة نبيه بري للبرلمان لانتخاب رئيس الجمهورية. وقال الرز في تعليق له: "التهدئة على الحدود الجنوبية بين لبنان وإسرائيل قد تكون خطوة إيجابية نحو استعادة نوع من الاستقرار الأمني، ولكنها في الوقت نفسه تظل مرتبطة بعوامل إقليمية ودولية قد تتغير بسرعة.

وأضاف - في تصريح لـ"العرب مباشر" - أن الوضع في لبنان لا يزال هشًا، حيث إن غياب رئيس الجمهورية والفراغ السياسي يعمق الأزمة الداخلية التي يُعاني منها الشعب اللبناني. ما نراه الآن هو حلقة مفرغة من الانقسامات السياسية، حيث لا تزال القوى الكبرى داخل لبنان عاجزة عن التوافق على مرشح رئاسي".

وأضاف الرز: "دعوة نبيه بري إلى جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في يناير المقبل قد تكون محاولة لإعادة تحريك الجمود السياسي، لكنها قد لا تحمل في طياتها الكثير من الأمل ما لم يكن هناك توافق بين الأطراف الرئيسية، خاصة في ظل استمرار التدخلات الخارجية التي تؤثر بشكل كبير في الخيارات السياسية داخل لبنان. النظام السياسي اللبناني معقد للغاية، وأي تسوية تتطلب توافقًا واسعًا بين الأطراف، وهو أمر يبدو صعبًا في ظل الأزمات المتلاحقة التي يشهدها البلد".

وحول الأوضاع الاقتصادية، أشار الرز إلى أن "الاقتصاد اللبناني يعاني من حالة انهيار غير مسبوقة، ومع ذلك لا يزال السياسيون يتنافسون على السلطة بينما يغرق الشعب اللبناني في الفقر والجوع. الوضع الاقتصادي لا يحتمل المزيد من التأجيل، وإذا استمرت الأزمة السياسية بهذا الشكل، فسيكون الوضع في لبنان على شفير الهاوية.

نحن أمام مفترق طرق: إما أن يبدأ السياسيون في وضع مصالح لبنان أولًا، أو أن البلاد ستدخل في مرحلة جديدة من الانهيار الاقتصادي والاجتماعي".

واختتم الرز حديثه قائلًا: "التحديات كبيرة، لكن الأمل في أن يتمكن لبنان من الخروج من هذه الأزمة يبقى قائمًا إذا ما استطاع قادته تجاوز الانقسامات السياسية وتركيز الجهود على إنقاذ البلاد من أزماتها المتعددة".