مخاوف من الاحتلال الكامل.. تحصينات ومنشآت عسكرية إسرائيلية في غزة.. ماذا يحدث؟
مخاوف من الاحتلال الكامل.. تحصينات ومنشآت عسكرية إسرائيلية في غزة.. ماذا يحدث؟
في خطوة تُسلط الضوء على تطورات استراتيجية عميقة، عززت إسرائيل وجودها العسكري في قطاع غزة عبر إنشاء شبكة من القواعد والتحصينات، التحركات التي تأتي بعد اندلاع الحرب في أكتوبر 2023 تشير إلى نية واضحة لإحداث تغييرات مستدامة في التوازن الجغرافي والعسكري للقطاع، بينما تزعم تل أبيب أن تلك الخطوات تركز على اعتبارات أمنية وعملياتية، يرى مراقبون أن المشهد يشير إلى ترتيبات طويلة الأمد، مع تأثيرات كارثية على المدنيين الفلسطينيين الذين باتوا يعانون التشريد وفقدان الأمل بالعودة.
*توسُّع عسكري يُغير الجغرافيا*
خلال الأشهر الأخيرة، اتخذت إسرائيل خطوات عسكرية واسعة النطاق لتعزيز سيطرتها على قطاع غزة، خاصة في المناطق الوسطى.
فقد سيطرت على "ممر نتساريم"، وهو شريط استراتيجي يبلغ طوله أربعة أميال، يفصل شمال القطاع عن جنوبه وتوسعت هذه السيطرة لتشمل منطقة تبلغ مساحتها نحو 18 ميلاً مربعاً.
أظهرت صور الأقمار الصناعية التي نشرتها صحيفة نيويورك تايمز بناء أو توسيع 12 قاعدة عسكرية، ليرتفع عدد القواعد الإسرائيلية في المنطقة إلى 19، هذه القواعد المدعمة بالتحصينات تشمل أبراج مراقبة، مواقف للمدرعات، ومرافق عسكرية متكاملة.
الكولونيل الإسرائيلي نداف شوشاني صرَّح بأن المنشآت العسكرية في غزة يمكن تفكيكها في أي وقت، لكنها ضرورية حاليًا "لأسباب تشغيلية"، مع ذلك، يرى مراقبون أن هذا الوجود يعكس نية إسرائيلية للتموضع طويل الأمد.
*آثار مدمرة على المدنيين*
تسببت هذه الخطوات العسكرية في تهجير آلاف الفلسطينيين من منازلهم، قرية المغراقة، التي كانت تأوي أكثر من 10,000 نسمة قبل الحرب، أُزيلت تمامًا من الخريطة، وبات سكانها يعيشون في مخيمات جنوب القطاع.
بشير أبو كميل، أحد سكان القرية، قال: "لقد تحولت منازلنا إلى أطلال، ولا يمكننا حتى الاقتراب منها بسبب التواجد العسكري المكثف. العودة باتت مستحيلة، ونحن نعيش بلا أمل"، وفقًا لـ"نيويورك تايمز".
التدمير لم يقتصر على المناطق السكنية؛ بل طال مساحات زراعية واسعة، ما فاقم أزمة الغذاء في القطاع الذي يعاني أصلاً من الحصار الإسرائيلي الممتد لسنوات.
*دوافع استراتيجية ومواقف متناقضة*
رغم تصريحات المسؤولين الإسرائيليين بأن التحركات تهدف إلى منع عودة سيطرة حركة "حماس"، أثارت الخطوات تكهنات حول نية إسرائيل إعادة بناء المستوطنات التي أُخلِيت في 2005.
وزير الأمن القومي الإسرائيلي، أفي ديختر، ألمح أن الوجود الإسرائيلي في غزة قد يستمر لفترة طويلة، وأضاف في تصريح لوسائل إعلام إسرائيلية، الواقع الحالي يفرض علينا البقاء. نحن نبني حقائق جديدة على الأرض.
لكن الحكومة الإسرائيلية نفت رسميًا وجود خطط لإعادة الاستيطان، مؤكدة أن الوجود العسكري مؤقت ويرتبط بالاعتبارات الأمنية.
*قراءة عسكرية واستراتيجية**
من جانبه، يقول اللواء محمد عبد الواحد، الخبير الاستراتيجي والعسكري: إن السيطرة على "ممر نتساريم" تمثل جزءًا من استراتيجية أوسع تهدف إلى السيطرة على حركة السكان والبضائع بين شمال القطاع وجنوبه.
وأضاف الخبير العسكري لـ"العرب مباشر"، أن الجيش الإسرائيلي يدرك صعوبة الانسحاب مستقبلاً، ما يفسر تعزيز البنية التحتية العسكرية.
وأضاف عبدالواحد، إسرائيل تبني تحصينات تؤكد استعدادها لمعركة طويلة الأمد، لكنها تواجه تحديًا في إدارة السكان والموارد ضمن هذه المناطق والضغوط العربية والعالمية الرافضة لاحتلال غزة.
وتابع: الوجود العسكري الإسرائيلي الحالي في غزة يعيد إلى الأذهان فترة الاحتلال المباشر قبل الانسحاب في 2005، ومع تزايد التقارير حول انتهاكات حقوق الإنسان، تبرز مخاوف من عودة القطاع إلى مربع الاحتلال الكامل.
يذكر أن المجتمع الدولي أعرب عن قلقه من تداعيات هذه التحركات، منظمات إنسانية مثل "هيومن رايتس ووتش" دعت إلى تحقيق دولي حول تأثير التوسع العسكري على السكان المدنيين، في ظل استمرار التهجير القسري.