خلف وعده.. بايدن يعفو عن ابنه هانتر.. جدل سياسي وقانوني حول القرار
خلف وعده.. بايدن يعفو عن ابنه هانتر.. جدل سياسي وقانوني حول القرار
أثار إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن عفوه عن ابنه هانتر جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والإعلامية، إذ يُعد هذا القرار تحولاً كبيراً في مسار تعامل بايدن مع القضايا التي طالت أفراد عائلته.
كان بايدن قد تعهّد في أكثر من مناسبة بعدم استغلال صلاحياته الرئاسية لصالح ابنه الذي يواجه اتهامات تتعلق بحيازة أسلحة بصورة غير قانونية وتهرب ضريبي. لكن، وفي خطوة وصفها البعض بالجريئة، أصدر بايدن عفوًا شاملاً يوم الأحد، متجاوزًا جميع التوقعات.
*عفو 10 سنوات*
العفو لا يقتصر على القضايا المرفوعة ضد هانتر بايدن في ولايتي ديلاوير وكاليفورنيا، بل يشمل جميع الجرائم الفيدرالية التي ربما ارتكبها بين عامي 2014 و2024.
وبذلك، دخل بايدن قائمة الرؤساء الأميركيين الذين استخدموا سلطاتهم الرئاسية للعفو عن شخصيات قريبة منهم.
وبينما يرى البعض أن القرار استحقاق سياسي يهدف إلى مواجهة حملة ضغط قادها الجمهوريون، اعتبره آخرون تناقضاً مع تعهدات بايدن السابقة باستعادة المعايير واحترام سيادة القانون.
*التداعيات السياسية*
وفق الدستور الأميركي، يملك الرئيس سلطة العفو عن الجرائم الفيدرالية وتخفيف الأحكام الصادرة بحق المدانين، هذه الصلاحيات تعود جذورها إلى القانون الإنجليزي، حيث كان الملك يمنح العفو، وانتقلت الفكرة إلى الولايات المتحدة. المحكمة العليا الأميركية عززت هذه الصلاحيات، معتبرة إياها واسعة النطاق، وقد استُخدمت من قبل رؤساء كثر لعفو عن مدانين في قضايا مختلفة مثل جرائم المخدرات، والاحتيال، والتهرب من الخدمة العسكرية.
لكنّ استخدام بايدن لهذه الصلاحية لعفو عن ابنه يثير أسئلة حاسمة حول دوافع القرار وتوقيته.
فالجمهوريون، وعلى رأسهم الرئيس السابق دونالد ترامب، يرون أن العفو يهدف إلى حماية عائلة بايدن من تداعيات قانونية قد تؤثر على سمعته السياسية.
ترامب وصف القرار بأنه "إجهاض للعدالة"، مشيراً أن بايدن استخدم سلطاته لإخفاء قضايا أسرته، في وقت يُتهم فيه الديمقراطيون بعدم النزاهة في تعاملهم مع قضايا الجمهوريين، خصوصاً ما يتعلق بالموقوفين في أحداث السادس من يناير.
*القضايا التي واجهها هانتر بايدن*
يعود أصل القضايا التي يواجهها هانتر إلى عام 2018، حيث أدين بالكذب عند شراء سلاح ناري، حين أنكر تعاطيه المخدرات، بينما أظهرت الأدلة عكس ذلك.
كما اعترف هانتر لاحقاً بالذنب في قضية تهرب ضريبي بقيمة 1.4 مليون دولار. التحقيقات كشفت نمط حياة باذخاً شمل إنفاق الأموال على المخدرات والنوادي الليلية.
وعلى الرغم من أن التهمتين قد تحملان عقوبات تصل إلى 42 عاماً، كان من المتوقع أن يحصل هانتر على عقوبات مخففة أو حتى يتجنب السجن تماماً، نتيجة صفقة اعتراف ألغيت لاحقاً بعد تدخل القضاء.
*لماذا أخلف بايدن وعده؟*تعهداته
أثار بايدن الجدل بتراجعه عن السابقة بعدم التدخل في قضايا ابنه. في تصريحاته الصيفية، أكد بايدن أنه لن يعفو عن هانتر، قائلاً: "ابني تغلب على الإدمان، وأنا ملتزم باحترام قرار المحكمة".
لكن في بيانه الأخير، أوضح بايدن أن القرار جاء بسبب ما وصفه بـ"الملاحقة القضائية الانتقائية" التي تعرض لها هانتر نتيجة مكانته كابن للرئيس.
بايدن اعتبر أن انهيار صفقة الإقرار بالذنب كان مدفوعاً بضغوط سياسية من الجمهوريين، مشيراً إلى أن خصومه يسعون لاستغلال قضايا عائلته لتقويض إرثه السياسي.
*انعكاسات القرار على المشهد السياسي الأميركي*
قرار العفو عن هانتر يأتي في توقيت حساس، حيث يستعد بايدن لإنهاء فترته الرئاسية، وقد أعلن عدم ترشحه للانتخابات المقبلة.
القرار يعكس محاولة للتصدي للضغوط المتزايدة من الجمهوريين الذين استغلوا قضايا هانتر لتصوير عائلة بايدن على أنها غارقة في الفساد.
الجمهوريون استغلوا هذه الخطوة لزيادة الضغط السياسي على الديمقراطيين، متهمين بايدن بممارسة ازدواجية المعايير في تطبيق العدالة. بينما رأى مؤيدو الرئيس أن القرار يعكس شجاعة في مواجهة الهجمات السياسية التي طالت أسرته.
*هل يشكل القرار سابقة خطيرة؟*
بينما يرى البعض أن قرار بايدن يضعف الثقة في استقلالية القضاء، يراه آخرون ممارسة مشروعة لسلطة العفو التي استخدمت سابقاً في سياقات مشابهة.
الرئيس الأسبق باراك أوباما أصدر عفواً عن 1927 مداناً خلال ولايته، كما استخدم ترامب سلطته للعفو عن شخصيات بارزة مقربة منه.
لكن الفارق هنا هو البعد العائلي، حيث قد يبدو القرار أكثر حساسية، بالنظر إلى أنه يتعلق بابن الرئيس نفسه. هذا يضع بايدن أمام معضلة أخلاقية وسياسية، في وقت يواجه فيه الديمقراطيون تحديات متزايدة قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة.