هل تنجح الغارات الأمريكية على دير الزور في تقليص النفوذ الإيراني؟.. خبراء يجيبون

هل تنجح الغارات الأمريكية على دير الزور في تقليص النفوذ الإيراني؟.. خبراء يجيبون

هل تنجح الغارات الأمريكية على دير الزور في تقليص النفوذ الإيراني؟.. خبراء يجيبون
الغارات الأمريكية على دير الزور

في ظل تصاعد التوترات في سوريا، نفذت القوات الأمريكية غارة جوية جديدة في منطقة دير الزور، مستهدفة مواقع تابعة للمليشيات الإيرانية، هذه الغارة تأتي ضمن سلسلة من العمليات التي تستهدف تقليص نفوذ إيران العسكري في المنطقة؛ مما يعزز الأوضاع المتوترة على الأرض ويزيد من احتمالية اندلاع مواجهات أوسع.

*حضور امريكي قوي*


وفقًا لوسائل إعلام سورية، فإن الغارة استهدفت راجمة صواريخ تابعة للمليشيات الإيرانية على أطراف بلدة حطلة، بالقرب من حقل "كونيكو" الغني بالغاز في شمال دير الزور. 


تعتبر هذه المنطقة ذات أهمية استراتيجية، حيث تتواجد فيها قوات أمريكية ضمن التحالف الدولي، بالإضافة إلى سيطرة المليشيات الإيرانية على مناطق محيطة.

ترافق هذا الهجوم مع تحليق مكثف للطيران الحربي الأمريكي فوق المناطق التي تسيطر عليها المليشيات الإيرانية، مما يسلط الضوء على الحضور الأمريكي القوي في تلك المنطقة.


 يأتي ذلك في ظل تزايد التوترات بين القوات الأمريكية والمليشيات المدعومة من إيران، التي تسعى لتعزيز نفوذها العسكري في شرق سوريا.

*الهجوم وإسقاط الصواريخ*


المرصد السوري لحقوق الإنسان أشار إلى أن القوات الأمريكية تمكنت من إسقاط صاروخ أُطلق على قاعدة أمريكية في معمل "كونيكو" بريف دير الزور يوم الأربعاء.

الهجوم، الذي يبدو أنه جاء كرد فعل من المليشيات الإيرانية على الغارة الأمريكية، تم اعتراضه بنجاح من قبل الدفاعات الجوية الأمريكية، وسط حالة من الاستنفار والتأهب.

*تحضيرات لعمليات محتملة*


تزامنت هذه الأحداث مع تدريبات عسكرية مكثفة أجرتها قوات "التحالف الدولي" في قاعدة الشدادي جنوب الحسكة.


وأفاد المرصد السوري، بأن التدريبات شملت استخدام الذخيرة الحية وإطلاق القنابل المضيئة، وذلك في إطار رفع الجاهزية القتالية استعدادًا لهجمات محتملة من المليشيات الإيرانية.
كما استقدمت قوات التحالف تعزيزات عسكرية إضافية إلى قواعدها، تتألف من أسلحة ومعدات طبية ولوجستية، مما يعكس قلقًا متزايدًا بشأن التصعيد المقبل.

*تصاعد الهجمات على القواعد الأمريكية*


المرصد السوري وثّق تعرض القواعد الأمريكية في سوريا لـ 143 هجومًا منذ نوفمبر 2023، حيث استهدفت معظم هذه الهجمات مواقع في ريف دير الزور.


تزايد هذه الهجمات يشير إلى ارتفاع وتيرة العمليات العدائية من قبل المليشيات المدعومة من إيران، والتي تسعى إلى طرد القوات الأمريكية من المنطقة، وتقوية نفوذها العسكري والاقتصادي، خاصة في المناطق الغنية بالموارد الطبيعية مثل دير الزور.

*الصراع الأمريكي-الإيراني في سوريا*


تحولت الساحة السورية إلى مسرح رئيسي للصراع بين الولايات المتحدة وإيران، حيث تسعى كل منهما لتحقيق أهدافها الاستراتيجية.


 إيران، من خلال دعمها للمليشيات المسلحة في سوريا، تسعى إلى تأمين طرق إمداد عسكرية وسياسية بين طهران وبيروت عبر دمشق.


بالمقابل، تسعى الولايات المتحدة من خلال قواتها والتحالف الدولي إلى تقويض نفوذ إيران في المنطقة ومنعها من تعزيز قدراتها العسكرية.

*الأوضاع الإنسانية والتداعيات*


تستمر هذه العمليات العسكرية في إلحاق الضرر بالمدنيين والبنية التحتية في دير الزور ومحيطها. السكان المحليون يعانون من نقص في المواد الأساسية، نتيجة للصراع المستمر بين القوى الكبرى والمليشيات.


الهجمات الجوية وعمليات القصف المتبادلة تزيد من حدة التوتر بين مختلف الفصائل المسلحة، وتدفع بمزيد من النزوح نحو مناطق أكثر أمانًا.

*التداعيات السياسية*


تأتي الغارة الأمريكية الأخيرة في ظل مناقشات سياسية حول مستقبل الوجود الأمريكي في سوريا. الإدارة الأمريكية تتعرض لضغوط داخلية لسحب القوات، لكن تصاعد الهجمات من المليشيات المدعومة من إيران يعزز من احتمالية بقاء القوات في المنطقة لفترة أطول.


من جانب آخر، تستمر إيران في استغلال الفراغ السياسي والأمني في سوريا لزيادة نفوذها، مما يزيد من تعقيد الأزمة الإقليمية.

*استعراض قوة*


من جانبه، أكد المحلل السياسي السوري عمر كوش، أن الغارات الأمريكية على دير الزور تهدف إلى استعراض القوة، لكنها لن تنجح في تقليص النفوذ الإيراني بشكل فعلي.

وأكد كوش - في حديثه لـ"العرب مباشر"-، أن إيران تعتمد على استراتيجية عميقة ومتعددة الأبعاد في سوريا، حيث قامت بترسيخ وجودها العسكري والسياسي من خلال شبكة من المليشيات المحلية والإقليمية التي تدين لها بالولاء.

ويضيف أن الولايات المتحدة رغم تفوقها الجوي والعسكري، فإنها لن تتمكن من القضاء على النفوذ الإيراني الذي يمتد بشكل واسع في عمق المجتمع السوري ويعتمد على علاقات طويلة الأمد مع الفصائل المسلحة والنظام السوري. 


وبالتالي، يعتبر الحسن أن هذه الضربات قد تؤدي إلى تصعيد أكبر دون حل جذري، مشيرًا إلى أن واشنطن بحاجة إلى استراتيجيات دبلوماسية وسياسية أكثر من الاعتماد فقط على القوة العسكرية.

*تقليص مؤقت*


في سياق مخالف، يرى عمر السبايلة، المحلل السياسي السوري، أن الغارات الأمريكية الأخيرة على دير الزور قد تساهم في تقليص مؤقت لنفوذ إيران، لكنها لن تؤدي إلى تغييرات دائمة على الأرض.

وأضاف السبايلة -في حديثه لـ"العرب مباشر"-، أن هذه العمليات الجوية تضعف البنية التحتية العسكرية للمليشيات الإيرانية، لكنها تظل عمليات تكتيكية محدودة التأثير على النفوذ الاستراتيجي لإيران.

ويشير إلى أن إيران تعتمد على أدوات أخرى لتعزيز نفوذها، مثل التغلغل في الاقتصاد والمجتمع، فضلاً عن الدعم اللامحدود الذي تقدمه للنظام السوري.

 
لذلك، يرى المحلل السياسي السوري، أن هذه الضربات قد تكون خطوة رمزية أكثر منها عملية، ولن تكون قادرة على تحجيم النفوذ الإيراني إلا إذا اقترنت بتحركات سياسية ودبلوماسية أوسع تعالج جذور الصراع الإقليمي.