اعتقال نتنياهو والسنوار: هل تستطيع المحكمة الجنائية الدولية تنفيذ القرار؟.. خبراء يجيبون
أصدرت الجنائية الدولية قرارا باعتقال نتنياهو والسنوار
في خطوة قد تثير تداعيات دولية واسعة، يسعى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، إلى إصدار أوامر اعتقال بحق قادة إسرائيليين وقادة من حركة حماس؛ مما يضع يحيى السنوار، قائد حماس في غزة، وبنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، على قائمة المطلوبين دولياً ويعرضهم لخطر الاعتقال في 124 دولة حول العالم.
*طلبات اعتقال غير مسبوقة*
أعلن كريم خان، المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، في بيان رسمي نُشر على موقع الأمم المتحدة الإلكتروني، أنه قدم طلبات لإصدار أوامر اعتقال بحق يحيى السنوار، ومحمد الضيف، وإسماعيل هنية، وبنيامين نتنياهو، ويوآف غالانت.
وأشار إلى أن هؤلاء القادة يتحملون "مسؤولية جنائية عن جرائم حرب" مرتبطة بالصراع في غزة الذي اندلع في 7 أكتوبر الماضي. وأكد خان أن هناك "أسباباً معقولة" تستدعي إصدار هذه الأوامر.
*ردود فعل دولية*
الخطوة التي اتخذها كريم خان أثارت ردود فعل متباينة، فقد عبر الرئيس الأميركي جو بايدن عن رفضه الشديد، واصفاً الطلب بأنه "أمر شائن"، كما شهدت الساحة الدولية انقساماً بين الدول الغربية، حيث أيدت بعضها هذا التحرك بينما رفضته أخرى، وعلى الجانب الفلسطيني، أعلنت حماس رفضها التام لأي قرارات اعتقال بحق قادتها.
*الإجراءات القانونية والتحديات*
تبعاً للأنظمة المنظمة للمحكمة الجنائية الدولية، ستنظر في الطلبات المقدمة ثلاثة قضاة، وقد يستغرق الأمر شهرًا على الأقل قبل اتخاذ قرار نهائي.
إذا وجدت المحكمة أسباباً معقولة، ستصدر مذكرات التوقيف، ولكن، ورغم عدم وجود قوة شرطة خاصة بالمحكمة، فإن قراراتها تُعتبر ملزمة للدول الأعضاء الـ124، وهذا يعني أن أي من هؤلاء القادة قد يواجه خطر الاعتقال إذا زار إحدى هذه الدول.
*سوابق تاريخية*
تاريخ المحكمة الجنائية الدولية يظهر تفاوتًا في تنفيذ مذكرات التوقيف الدولية، فمثلاً، لم يتم تنفيذ مذكرات توقيف بحق الرئيس السوداني السابق عمر البشير أو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، رغم صدورها.
في المقابل، تم تنفيذ مذكرات توقيف في حالة الرئيس الليبيري السابق تشارلز تايلور، والرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوشيفيتش، الذي توفي أثناء محاكمته في لاهاي عام 2006.
*عقبات قانونية وسياسية*
من جهته، أشار محمد عليوة، أستاذ القانون الدولي، إلى أن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، لم يثبت حدوث إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في المذكرة التي أصدرها بشأن اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وأوضح عليوة أن خان ركز على جريمة التجويع، نظرًا لسيطرة إسرائيل على منافذ دخول المساعدات الإنسانية.
أوضح في حديثه لـ"العرب مباشر"، أن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لم يتمكن من إدانة إسرائيل قبل إدانة حماس في بيانه، متسائلًا: "كيف يمكن أن يُعتبر هجوم 7 أكتوبر ممنهجًا وهو مجرد حدث استمر ليوم واحد؟".
وأضاف أستاذ القانون الدولي، أن إسرائيل عمدت إلى إغلاق معبر رفح من الجانب الفلسطيني، مدعية زورًا أن مصر هي المسؤولة. وأكد أن المحكمة الجنائية الدولية قد تكون عرضة للانهيار بسبب الهجمات السيبرانية في ظل تصاعد التوترات.
*تأثير الرفض الأميركي*
يرى جبريال صوما، أستاذ القانون الدولي في جامعة فيرلي ديكنسون الأميركية، أن المحكمة تحتاج إلى تعاون الدول الأعضاء لفرض قراراتها.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة وإسرائيل ليستا عضوين في المحكمة الجنائية الدولية، ما يجعل تنفيذ مذكرات التوقيف أمرًا معقدًا. وأوضح صوما أن الولايات المتحدة ترفض الطلبات المحتملة وتعتبر أن إسرائيل لم ترتكب جرائم حرب، بل كانت تدافع عن نفسها.
*السيناريوهات المستقبلية*
من جانبه، يقول د. طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية: إن السيناريوهات المحتملة بأنها "متباينة"، مضيفًا أن تسليم المشتبه بهم للمحكمة، سواء كانوا من حماس أو إسرائيل، هو السيناريو الأنسب قانونياً، لكنه يبدو بعيد المنال في ظل الظروف السياسية الراهنة.
وأشار إلى أن إسرائيل لا تعترف باختصاص المحكمة الجنائية الدولية ولم تنضم لنظامها الأساسي، مما يجعل تسليم قادتها أمراً غير واقعي.
*صعوبات فلسطينية*
في المقابل، تواجه السلطة الفلسطينية صعوبات سياسية وعملية في تنفيذ مذكرات اعتقال بحق قادة حماس في غزة بسبب الانقسام الفلسطيني وعدم سيطرتها الفعلية على القطاع.
*السيناريوهات البديلة*
من بين السيناريوهات البديلة، يمكن للمحكمة الجنائية الدولية تقديم طلبات تعاون إلى الدول الأعضاء، أو اللجوء إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة أو مجلس الأمن الدولي بموجب المادة 87 من نظام روما الأساسي.
قد تطلب المحكمة التعاون في تنفيذ قراراتها، بما في ذلك اتخاذ تدابير قسرية بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
ومع ذلك، فإن هذا الخيار يتطلب موافقة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، وهو أمر مستبعد نظرًا للدعم الأميركي القوي لإسرائيل.
تعكس التطورات الأخيرة تعقيدات قانونية وسياسية كبيرة في مسألة اعتقال ومحاكمة قادة إسرائيليين وقادة من حركة حماس أمام المحكمة الجنائية الدولية. ورغم الجهود المبذولة من قبل المحكمة، فإن تنفيذ مذكرات التوقيف يواجه عقبات كبيرة بسبب التباينات السياسية والدعم الدولي المختلف للطرفين المعنيين. يبقى السؤال الأهم حول مدى قدرة المحكمة الجنائية الدولية على تحقيق العدالة في ظل هذه التحديات.